الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشافعية كما بينت، والأكمل في الحج وجود نية الطواف والسعي والوقوف بعرفة عند كل منها، لكن تشترط النية في طواف النذر والتطوع، لعدم اندراجه مع غيره، وعلى هذا يقال: لنا عبادة تجب النية في نفلها دون فرضها وهو الطواف، ولا نظير لذلك.
وعبارة الحنابلة في ذلك: الواجب استصحاب حكم النية دون حقيقتها، بمعنى أنه لا ينوي قطعها، فلو ذهل عنها، لم يؤثر ذلك في صحة صلاته.
وذكر الحنفية أن الحاج لو طاف بنية التطوع في أيام النحر، وقع عن الفرض، ولو طاف بعد ما حل النفر ونوى التطوع أجزأه عن طواف الصدر (الوداع). ولو طاف الحاج طالباً الغريم لا يجزئه، ولو وقف في عرفات طالباً الغريم أجزأه؛ لأن الطواف قربةمستقلة بخلاف الوقوف (1).
خامساً ـ كيفية النية:
تتطلب العبادة مع نية فعلها تمييزها عن غيرها، سواء أكان ذلك الغير عبادة من نوعها أو جنسها أم غير عبادة أي فعلاً عادياً؛ لأن المقصود بالنية في العبادة تمييزها عن العادات، أو تمييز رتب العبادة عن بعضها.
مثلاً الوضوء يكون عبادة إذا قصد به التوصل للعبادة كالصلاة والطواف ونحوهما مما يفتقر إلى ذلك، ويكون عادة للنظافة والتبرد ونحوهما، فإذا نوى استباحة الصلاة باستعمال الماء في أعضاء الوضوء، أو فرض الغسل، صح الوضوء.
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص45 - 46، وللسيوطي: ص23، أحكام النية للحسيني: ص124 - 126، المغني: 467/ 1. ولاسبب.
والصلاة، وإن لم تكن من جنس العادات، بل هي محض عبادة، فإنها تتنوع إلى نوعين: فرض وسنة، والفرض: عيني وكفائي، الأول: الصلوات الخمس، والثاني: الجنازة. والسنة: رواتب تابعة للفرائض، ووتر وعيدان وكسوفان واستسقاء وتراويح، ونفل مطلق. فالفرض لابد مع نية فعله من ملاحظة تعينه باسمه، ليتميز عن باقي الفروض، ومن ملاحظة فرضيته ليتميز عما عداه من السنن، ولم يشترط بعض الفقهاء التعرض في نيته للفرضية، اكتفاء بالتعيين بالاسم، لوضعه للفرض. والرواتب والسنن المؤكدة غير النفل المطلق: لابد مع نية فعلها من ملاحظة تعينها بإضافة: كراتبة كذا، أو صلاة عيد كذا، أو صلاة كسوف.
وأما النفل المطلق: فيكفي فيه نية الفعل، لتميزه بذاته عن غيره لعدم تقيده بوقت وإعطاء المال للغير من غير مقابل: قد يكون زكاة، وصدقة تطوع، وهدية، وهبة، فلا بد مع نية الإعطاء من التعيين بالوصف الشرعي وهو الزكاة مثلاً، ليتميز عن الإعطاء لغيرها، ولا يحتاج لنية الفرض؛ لأن لفظ الزكاة موضوع شرعاً للفرض.
والإمساك عن المفطرات قد يكون لأجل الصيام، وقد يكون لأجل الحمية والتداوي، فلا بد مع نية الإمساك من ملاحظة تعينه بكونه صياماً ليتميز عن غيره. ثم إن الصيام يكون فرضاً وسنة كالصلاة، فلا بد مع نية الصيام من ملاحظة تعينه بكونه عن رمضان إن وقع في غير شهره، أو قضاء عنه، أو كفارة يمين أو ظهار أو قتل أو جماع في رمضان أو فدية تطيب في الحج مثلاً. ولا يحتاج في ذلك إلى ملاحظة الفرض؛ لأن هذه الأمور لا تكون إلا فرضاً، فهو متعين بذاته لا يشتبه بغيره من السنن.
وقصد الحرم قد يكون للإحرام، وقد يكون لغيره من العادات كالتجارة أو
غيرها، فلابد مع قصده من ملاحظة كونه للإحرام، إما بالحج إن كان الوقت قابلاً له وذلك في أشهر الحج، أو بالعمرة، أو مطلقاً، ويصرف لما شاء منهما، إن كان الوقت قابلاً للحج، وإلا تعين للعمرة. ولا يشترط نية الفرضية لانصراف الإحرام إليه، حيث لم يسبق له حج ولا عمرة (1).
ودليل اشتراط التعيين حديث: (وإنما لكل امرئ مانوى) فهو ظاهر في اشتراط التعيين، كما بينا.
وأذكر هنا أمثلة لكيفية النية في العبادات، ففي الوضوء: أن ينوي رفع الحدث، أو إقامة الصلاة، أو ينوي الوضوء، أو امتثال الأمر الإلهي، أو يقصد بطهارته استباحة شيء لا يستباح إلا بها، كالصلاة والطواف ومس المصحف، أو ينوي رفع الجنابة أو فرض الغسل، أو الغسل المفروض مع أول غسل جزء من الجسد وهو الرأس أو غيره. وإذا وضأه غيره، اعتبرت النية من المتوضئ دون الموضئ؛ لأن المتوضئ هو المخاطب بالوضوء. وينوي من حدثه دائم كالمستحاضة وسلس البول ونحوه استباحة الصلاة دون رفع الحدث، لعدم إمكان رفعه (2).
وفي التيمم: ينوي عند الحنفية أحد أمور ثلاثة: إما نية الطهارة من الحدث، أو استباحة الصلاة، أو نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة، كالصلاة أو سجدة التلاوة أو صلاة الجنازة، ولا تشترط له نية الفرض؛ لأنه من الوسائل عندهم.
(1) نهاية الإحكام في بيان ماللنية من الأحكام لأحمد الحسيني: ص10 ومابعدها.
(2)
البدائع: 17/ 1، الدر المختار: 98/ 1 ومابعدها، 140 ومابعدها، المجموع: 361/ 1 وما بعدها، مغني المحتاج 47/ 1، 72، بداية المجتهد: 7/ 1 ومابعدها، 42 ومابعدها، الشرح الصغير: 114/ 1 ومابعدها، 166 ومابعدها، كشاف القناع: 94/ 1 ومابعدها،173 ومابعدها، المغني: 142/ 1،218 وما بعدها.
ونية التيمم عند المالكية: إما استباحة الصلاة أو استباحة ما منعه الحدث، أو فرض التيمم عند مسح الوجه، ولو نوى رفع الحدث فقط، كان تيممه باطلاً؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث، على المشهور عندهم. ولو نوى فرض التيمم أجزأه.
وقال الشافعية: لابد أن ينوي استباحة الصلاة ونحوها، فلا يكفي في الأصح نية فرض التيمم أو فرض الطهارة أو الطهارة عن الحدث أو الجنابة؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث عندهم.
وينوي عند الحنابلة استباحة ما لا يباح إلا بالتيمم كالصلاة ونحوها، من طواف أو مس مصحف، أي كما قال الشافعية (1).
وفي الغسل: ينوي المغتسل عند غسل أول جزء من البدن نية فرض الغسل أو رفع الجنابة أو الحدث الأكبر، أو استباحة ممنوع مفتقر إلى الغسل كأن ينوي استباحة الصلاة أو الطواف مما يتوقف على غسل، فإن نوى ما لا يفتقر إليه كالغسل ليوم العيد، لم يصح. وتكون النية مقرونة بأول فرض: وهو أول ما يغسل من البدن، سواء أكان من أعلاه أم من أسفله، إذ لا ترتيب فيه (2). ولا تشترط عند الحنفية نية الفرضية، الغسل والوضوء، لعدم اشتراط النية فيهما.
(1) فتح القدير: 86/ 1، 89، البدائع: 25/ 1، 52، تبيين الحقائق: 38/ 1، الشرح الكبير: 154/ 1، القوانين الفقهية: ص37، المهذب: 32/ 1، مغني المحتاج: 97/ 1، المغني: 251/ 1، كشاف القناع: 199/ 1.
(2)
فتح القدير: 38/ 1 ومابعدها، اللباب شرح الكتاب: 20/ 1، الشرح الصغير: 166/ 1 ومابعدها، بداية المجتهد: 42/ 1ومابعدها، مغني المحتاج: 72/ 1 ومابعدها، المغني: 218/ 1 ومابعدها، كشاف القناع: 173/ 1 ومابعدها.
وفي الصلاة:
قال الحنفية: إن كان المصلي منفرداً يصلي وحده، عيَّن نوع الفرض أو الواجب، وإن كان تطوعاً تكفيه نية الصلاة.
وإن كان المصلي إماماً، عيَّن كما سبق، ولا يشترط للرجل نية إمامة الرجال، ويصح اقتداؤهم به بدون نية إمامتهم. ويشترط للرجل نية إمامة النساء لصحة اقتدائهن به.
وإن كان مقتدياً، عيَّن أيضاً كما سبق، ويحتاج لزيادة نية الاقتداء بالإمام، كأن ينوي فرض الوقت والاقتداء بالإمام فيه، أو ينوي الشروع في صلاة الإمام، أو ينوي الاقتداء بالإمام في صلاته.
وقال المالكية: يجب التعيين في الفرائض، والسنن الخمس (وهي الوتر والعيد والكسوف والخسوف والاستسقاء)(1) وسنة الفجر، دون غيرها من النوافل كالضحى والرواتب والتهجد، فيكفي فيه نية مطلق نفل، وينصرف للضحى إن كان قبل الزوال، ولراتب الظهر إن كان قبل صلاته، أو بعده، ولتحية المسجد إن كان حين الدخول فيه، وللتهجد إن كان في الليل، وللشفع (سنة العشاء) إن كان قبل الوتر. ولا يشترط نية الأداء أو القضاء أو عدد الركعات، فيصح القضاء بنية الأداء وعكسه. وتجب نية الانفراد، والمأمومية، ولا تجب نية الإمامة إلا في الجمعة والجمع بين الصلاتين تقديماً للمطر، والخوف، والاستخلاف، لكون الإمام شرطاً فيها (2).
(1) البدائع: 127/ 1 ومابعدها، الدر المختار: 406/ 1، تبيين الحقائق:99/ 1، فتح القدير: 185/ 1، الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص32 ومابعدها.
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: 233/ 1، 520، بداية المجتهد: 116/ 1، القوانين الفقهية: ص57.
وقرر الشافعية (1) أنه إن كانت الصلاة فرضاً، ولو فرض كفاية كصلاة الجنازة، أو قضاء كالفائتة، أو معادة، أو نذراً يجب ثلاثة أمور:
أـ نية الفرضية: أي يلاحظ ويقصد كون الصلاة فرضاً، لتتميز عن النفل والمُعَاد. والعبارة عن نية الفرض: أن يقول: (أؤدي الظهر، فرض الوقت لله تعالى) فيشمل قوله: (أؤدي) أصل الفعل والأداء.
ب ـ والقصد: أي قصد إيقاع الفعل، بأن يقصد فعل الصلاة لتتميز عن سائر الأفعال.
جـ ـ التعيين: أي تعيين نوع الفريضة من صبح أو ظهر مثلاً، بأن يقصد إيقاع صلاة فرض الظهر مثلاً.
ويشترط أن يكون ذلك مقارناً لجميع أجزاء تكبيرة الإحرام، مقارنة إجمالية لاتفصيلية، بأن يستحضر المصلي أركان الصلاة، أي أن تكون حاضرة في الذهن في زمن واحد، بأن يحضر المصلي في ذهنه ذات الصلاة وصفاتها التي يجب التعرض لها كالظهرية والفرضية وغيرهما، ثم يقصد إلى هذا المعلوم قصداً مقارناً لأول التكبير، ودائماً مع ذكر المعلوم إلى آخر التكبير، وتكفي المقارنة العرفية العامة، بحيث يعدّ المصلي مستحضرا ً للصلاة غير غافل عنها، قال النووي: وهو المختار.
وهذا الحكم هو المقصود عندهم بالاستحضار والمقارنة العرفيين، أي يستحضر قبل التحريمة فعل الصلاة من أقوالها وأفعالها في أولها وآخرها ولو إجمالاً، على المعتمد، ويقرن ذلك الاستحضار السريع في الذهن في أثناء تكبيرة الإحرام.
(1) المجموع: 243/ 3 - 252، مغني المحتاج: 148/ 1 - 150، 252 - 253، حاشية الباجوري: 149/ 1.
والحاصل: إن كانت الصلاة إحدى الفرائض الخمس، يجب على المصلي ثلاث نيات: فعل الصلاة، والفرضية، والتعيين، فيقول: نويت أن أصلي فرض الظهر، أو نويت أداء فرض صلاة العصر، أو فرض صلاة المغرب، ينوي الصلاة لتتميز العبادة عن العادة، وينوي الظهر لتمتاز عن العصر، وينوي الفرض ليمتاز عن النفل.
ولا يشترط نية عدد الركعات، ولا تعيين اليوم، لا في الأداء ولا في القضاء، ولا الإضافة إلى الله تعالى (1)، ولا التعرض لأركان الصلاة، ولا لاستقبال القبلة، ولا التعرض للأداء والقضاء في الأصح عند الأكثرين، وإنما يسن ذلك كله، فلا تجب الإضافة إلى الله تعالى؛ لأن العبادة لا تكون إلا له سبحانه وتعالى، لكن تستحب ليتحقق معنى الإخلاص. ويستحب نية استقبال القبلة وعدد الركعات خروجاً من الخلاف، فلو أخطأ في العدد، كأن نوى الظهر ثلاثاً أو خمساً، لم تنعقد صلاته، كما يستحب نية الأداء والقضاء للتمييز بينهما. والأصح لدى الشافعية أنه يصح الأداء بنية القضاء وعكسه في حالة العذر، كجهل الوقت بسبب غيم أو نحوه، فلو ظن خروج الوقت، فصلاها قضاء، فبان بقاؤه، أو ظن بقاء الوقت، فصلاها أداء، فبان خروجه، صحت صلاته.
وذكر المالكية: أنه يصح القضاء بنية الأداء وعكسه مطلقاً. ويصح عند الحنابلة أيضاً القضاء بنية الأداء أو عكسه إذا بان خلاف ظنه. كذلك قال الحنفية: يجوز الأداء بنية القضاء وبالعكس في الصلاة والحج.
وإن كانت الصلاة نفلاً ذات وقت كسنن الرواتب، أو ذات سبب
(1) وهذا هو أيضاً رأي الحنفية والمالكية كما بينا، ورأي الحنابلة (الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص32 - 35، كشاف القناع: 365/ 1 ومابعدها، غاية المنتهى: 116/ 1).
كالاستسقاء، وجب أمران: قصد فعله، وتعيينه كسنة الظهر أو عيد الفطر أو الأضحى، ولا يشترط نية النفلية على الصحيح.
ويكفي في النفل المطلق (وهو الذي لا يتقيد بوقت ولا سبب نحو تحية المسجد وسنة الوضوء) نية فعل الصلاة.
ولا يشترط للإمام نية الإمامة، بل يستحب ليحوز فضيلة الجماعة، فإن لم ينو لم تحصل له، إذ ليس للمرء من عمله إلا مانوى. وتشترط نية الإمامة في مذهب الشافعية في حالات أربع: في الجمعة، والصلاة المجموعة مع غيرها للمطر جمع تقديم، والصلاة المعادة في الوقت جماعة، والصلاة التي نذر أن يصليها جماعة، للخروج من الإثم. وكذلك قال المالكية: لا تجب نية الإمامة إلا في الجمعة والجمع والخوف والاستخلاف، لكون الإمام شرطاً فيها، وزاد ابن رشد الجنائز.
ويشترط للمقتدي نية الاقتداء: بأن ينوي المأموم مع تكبيرة الإحرام الاقتداء أو الائتمام أو الجماعة بالإمام الحاضر، أو بمن في المحراب ونحو ذلك؛ لأن التبعية عمل، فافتقرت إلى نية، إذ ليس للمرء إلا ما نوى. ولا يكفي إطلاق نية الاقتداء، من غير إضافة إلى الإمام، فلو تابع بلا نية، أو مع الشك فيها، بطلت صلاته إن طال انتظاره.
ومذهب الحنابلة (1): إن كانت الصلاة فرضاً، اشترط أمران: تعيين نوع الصلاة: ظهراً أو عصراً أو غيرهما، وقصد الفعل، ولا يشترط نية الفرضية بأن يقول: أصلي الظهر فرضاً.
(1) المغني: 464/ 1 - 469، 231/ 2، كشاف القناع: 364/ 1 - 370.
أما الفائتة: فإن عينها بقلبه أنها ظهر اليوم، لم يحتج إلى نية القضاء، ولا الأداء. ويصح القضاء بنية الأداء أو عكسه إذا بان خلاف ظنه.
وإن كانت الصلاة نافلة: فيجب تعيينها إن كانت معينة أو مؤقتة بوقت كصلاة الكسوف والاستسقاء، والتراويح والوتر، والسنن الرواتب؛ ولا يجب تعيين النافلة إن كانت مطلقة، كصلاة الليل، فيجزئه نية الصلاة لا غير، لعدم التعيين فيها، فهم كالشافعية في هذا.
وفي الصوم: رأى الحنفية (1) أنه يصح صوم رمضان ونحوه كالنذر المعين زمانه بمطلق النية، وبنية النفل، وبنية واجب آخر، ولا يجب تبييت نية صوم رمضان، كما أبنت، والتسحر نية عندهم.
وصفة النية عند المالكية (2): أن تكون معينة مبيتة جازمة. وكمال النية لدى الشافعية (3) في رمضان: أن ينوي صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى، والمعتمد أنه لا يجب في التعيين نية الفرضية.
ومذهب الحنابلة (4): من خطر بباله أنه صائم غداً، فقد نوى، ويجب تعيين النية، بأن يعتقد أنه يصوم غداً من رمضان أو من قضائه أو من نذره أو كفارته، ولا يجب مع التعيين نية الفرضية.
والحاصل: اتفق الجمهور غير الحنفية على وجوب تبييت النية، كما اتفق الجمهور غير الشافعية على أن الأكل والشرب بنية الصوم أو التسحر نية، إلا أن
(1) مراقي الفلاح: ص 106 ومابعدها، الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص33.
(2)
القوانين الفقهية: ص 117، بداية المجتهد: 283/ 1.
(3)
مغني المحتاج: 425/ 1.
(4)
كشاف القناع: 367/ 2.
ينوي معه عدم الصيام. ولا يقوم مقام النية لدى الشافعية التسحر في جميع أنواع الصيام، إلا إذا خطر له الصوم عند التسحر ونواه، كأن يتسحر بنية الصوم، أو امتنع من الأكل عند الفجر خوف الإفطار.
وفي الاعتكاف (وهو اللبث في المسجد من شخص مخصوص بنية، كما عرفه الشافعية) تشترط النية اتفاقاً، فلا يصح الاعتكاف إلا بالنية، للحديث المتقدم:(إنما الأعما ل بالنيات) ولأنه عبادة محضة، فلم تصح من غير نية كالصوم والصلاة وسائر العبادات. وأضاف الشافعية: إن كان الاعتكاف فرضاً، لزمه تعيين النية للفرض، لتمييزه عن التطوع. ويشترط له أيضاً عند الحنفية والمالكية الصوم (1)، لحديث رواه الدارقطني والبيهقي عن عائشة:«لا اعتكاف إلا بصوم» ، لكنه ضعيف. وليس الصوم بشرط عند الشافعية والحنابلة إلا أن ينذره، ونية الاعتكاف أن يقول:(نويت الاعتكاف في هذا المسجد ما دمت فيه).
وفي الزكاة: اتفق الفقهاء على أن النية شرط في أداء الزكاة، وينوي المزكي:«هذا زكاة مالي» ولا يشترط ذكر الفرض؛ لأن الزكاة لا تكون إلا فرضاً، ونحو ذلك مثل: هذا فرض صدقة مالي، أو صدقة مالي المفروضة، أو الصدقة المفروضة، أو فرض الصدقة. وتجزئ عند المالكية نية الإمام أو من يقوم مقامه عن نية المزكي. وقال الحنابلة: النية أن يعتقد أنها زكاته، أو زكاة ما يخرج عنه كالصبي والمجنون، ومحلها القلب؛ لأن محل الاعتقادات كلها القلب (2).
(1) فتح القدير: 106/ 2 ومابعدها، الدر المختار: 177/ 2 ومابعدها. الشرح الصغير وحاشية الصاوي: 725/ 2 ومابعدها، المهذب: 190/ 1 - 192، مغني المحتاج: 453/ 1وما بعدها، كشاف القناع: 406/ 2 ومابعدها، المغني: 184/ 3 - 186.
(2)
فتح القدير: 493/ 1، البدائع: 40/ 2، المجموع: 182/ 6 ومابعدها، الشرح الصغير: 666/ 1، 670، المغني: 638/ 2 ومابعدها.