الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجنبي جميع بدنها غير الوجه والكفين، وأمام محارمها جميع جسدها غير الوجه والأطراف: وهي الرأس والعنق واليدان والرجلان، إلا أن يخشى لذة، فيحرم ذلك، لا لكونه عورة. والمرأة مع المرأة أو مع ذوي محارمها كالرجل مع الرجل: ترى ما عدا ما بين السرة والركبة، وأما المرأة في النظر إلى الأجنبي فهي كحكم الرجل مع ذوات محارمه وهو النظر إلى الوجه والأطراف (الرأس واليدين والرجلين).
مذهب الشافعية
(1):
أـ عورة الرجل: ما بين سُرَّته وركبته (2) في الصلاة والطواف وأمام الرجال الأجانب والنساء المحارم، لما روى الحارث بن أبي أسامة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال:«عورة المؤمن ما بين سرته إلى ركبته» وروى البيهقي «وإذا زوج أحدكم أمته ـ عبده أو أجيره ـ فلا تنظر ـ أي الأمة ـ إلى عورته» وروي في ستر الفخذ أحاديث، منها:«لا تُبرز فخِذاك، ولا تنظر إلى فخذي حي ولا ميت» (3) ومنها قوله صلى الله عليه وسلم لجَرْهد الأسلمي: «غطِّ فخذك، فإن الفخذ عورة» (4).
فالسرة والركبة ليستا من العورة على الصحيح، لحديث أنس السابق في مذهب المالكية المتضمن إظهار النبي صلى الله عليه وسلم فخذه. لكن يجب ستر شيء من الركبة لستر الفخذ، ومن السرة؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كما أبان الشافعية والحنابلة والمالكية في الأصول (5).
(1) مغني المحتاج:185/ 1، المهذب:64/ 1، المجموع:170/ 3 - 176.
(2)
السرة: الموضع الذي يقطع من المولود، والركبة: موصل ما بين أطراف الفخذ وأعالي الساق.
(3)
رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم والبزار، وفيه علة (نيل الأوطار:62/ 2).
(4)
رواه مالك في الموطأ وأحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن، وصححه ابن حبان (المصدر السابق:63/ 1).
(5)
شرح الإسنوي:127/ 1، المدخل إلى مذهب أحمد: ص61، مختصر ابن الحاجب: ص38.
وأماعورة الرجل أمام النساء الأجانب بالنسبة للنظر، فجميع بدنه، وفي الخلوة: السوأتان فقط.
وقد رد على استدلال المالكية بحديث أنس وعائشة المتضمنين أن الفخذ ليست بعورة، بوجوه أربعة:
الأول: أنه حكاية فعل، وطرف الفخذ قد يتسامح في كشفه، لا سيما في مواطن الحرب ومواقف الخصام، والمقرر في الأصول: أن القول أرجح من الفعل.
والثاني: أن حديث أنس وعائشة لا يقويان على معارضة تلك الأقوال الصحيحة العامة لجميع الرجال.
والثالث: حديث عائشة في رواية مسلم فيه تردد: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه» والساق ليس بعورة إجماعاً، فهو مشكوك في المكشوف.
والرابع: غاية ما في هذه الواقعة بكشف الفخذ: أن يكون ذلك خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يظهر فيها دليل يدل على التأسي به في مثل ذلك، فيكون الواجب التمسك بالأقوال الناصعة على أن الفخذ عورة (1).
ب ـ عورة الأمة كالرجل في الأصح، إلحاقاً لها بالرجل بجامع أن رأس كل منهما ليس بعورة، ولأن الرأس والذراع مما تدعو الحاجة إلى كشفه.
جـ ـ عورة الحرة ومثلها الخنثى: ما سوى الوجه والكفين، ظهرهما وبطنهما من رؤوس الأصابع إلى الكوعين (الرسغ أو مفصل الزند) لقوله تعالى:{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور:31/ 24]، قال ابن عباس وعائشة رضي
(1) نيل الأوطار:64/ 2، المجموع:176/ 3.
الله عنهم: «هو الوجه والكفان» ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة الحرام (المحرمة بحج أو عمرة) عن لبس
القفازين والنقاب (1)، ولو كان الوجه عورة لما حرم سترهما في الإحرام، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء، فلم يجعل ذلك عورة.
وإذا انكشف بعض العورة في الصلاة مع القدرة على سترها بطلت صلاته، إلا إن كشفها ريح أو سهواً، فسترها في الحال فلا تبطل، كما تقدم سابقاً. وإن كشفت بغير الريح أو بسبب بهيمة أو غير مميز فتبطل.
ولا يجب على الرجل ستر عورته عن نفسه، لكنه يكره نظره إليها.
وعورة المرأة الحرة بالنسبة للنظر: خارج الصلاة جميع بدنها أمام الرجال الأجانب، وأمام النساء الكافرات ما عدا ما يبدو عند المهنة أي الخدمة والاشتغال بقضاء حوائجها. وأما أمام النساء المسلمات والرجال المحارم: فعورتها كالرجل ما بين السرة والركبة.
ودليل العلماء كافة على وجوب ستر العورة وعدم جواز نظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة: حديث أبي سعيد الخدري بلفظ: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة في الثوب الواحد» (2) وحديث بَهْز بن حََكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله، عوراتُنا ما نأتي منها، وما نَذَر؟ قال: احفظ عورتَك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك، قلتُ: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يراها أحد، فلا يَرَينَّها، قلت: فإذا
(1) في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين» .
(2)
رواه مسلم وأبو داود والترمذي (نيل الأوطار:61/ 2).