الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحنابلة (1): يسلب طهورية الماء أنواع منها: المستخرج بالعلاج، كماء ورد وزهر وبطيخ، إذا غلبت أجزاؤه على الماء؛ والطاهر الذي يغير اسم الماء حتى صار صبغاً أو خلاً؛ والطاهر الذي يغير أحد أوصاف الماء تغيراً كثيراً، بأن طبخ فيه كماء الباقلا والحمص، أو لم يطبخ كالزعفران والملح المعدني، أو طرحه فيه آدم عاقل قصداً كطحلب أو ورق شجر ونحوه، ففي كل ذلك لا يعد ماء مطلقاً، فلا يتوضأ به.
الماء المشتبه فيه: إذا اشتبه الطاهر من الماء أو الثياب بالنجس، تحرى الشخص واجتهد، كالاجتهاد في القبلة، وصلى بثوب منها، وتوضأ بأحد الماءين بما غلب على ظنه طهارته بعلامة واستعمله؛ لأن التطهر شرط من شروط الصلاة، وحل التناول والاستعمال والتوصل إلى ذلك ممكن بالاجتهاد، فوجب عند الاشتباه إن تعين طريقاً. وإذا أخبره بتنجسه ثقة أو كان فقيهاً اعتمده.
ثانيها ـ الماء المستعمل القليل:
والقليل: هو ما نقص عن القُلَّتين بأكثر من رطلين. والقلتان: خمس مئة رطل بغدادي تقريباً (500) وبالمصري (446و7/ 3) رطلاً (2) وبالشامي (81) رطلاً، والرطل الشامي:(2و2/ 1) كغ فيكون قدرهما (112،195كغ) وتساوي (10) تنكات (صفايح) وقيل: (15) تنكة أو (270) لتراً، وقدرهما بالمساحة في مكان مربع: ذراع وربع طولاً وعرضاً وعمقاً بالذراع المتوسط. وفي المكان المدور كالبئر: ذراعان عمقاً، وذراع عرضاً. وقال الحنابلة: ذراعان ونصف عمقاً، وذراع طولاً.
(1) المغني: 14/ 1 ومابعدها، كشاف القناع: 30/ 1.
(2)
الرطل البغدادي: 128و7/ 4 درهم، والرطل المصري: 144 درهماً، وسعة الدرهم 3.17 غم.
والمستعمل عند الحنفية (1): هو الماء الذي استعمل لرفع حدث (وضوء أو غسل) أو لقربة (ثواب) كالوضوء ـ في مجلس آخر ـ على الوضوء بنية التقرب أو لصلاة الجنازة ودخول المسجد ومس المصحف وقراءة القرآن. ويصير الماء مستعملاً بمجرد انفصاله عن الجسد، والمستعمل: هو الذي اتصل بالأعضاء، لا كل الماء. وحكمه عندهم أنه طاهر بنفسه غير مطهر لغيره من الحدث ويطهر الخبث أي أنه لا يزيل الحدث من وضوء وغسل، ويزيل النجاسة الحقيقية عن الثوب والبدن على الراجح المعتمد.
والمستعمل عند المالكية (2): هو الماء الذي استعمل في رفع حدث (وضوء أو غسل) أو في إزالة خَبَث (عين النجاسة)، سواء أكان الغسل واجباً كغسل الميت، أم غير واجب كالوضوء على الوضوء وغسل الجمعة والعيدين، والغسلة الثانية والثالثة في الوضوء، إذا لم يغيره الاستعمال.
والمستعمل في رفع الحدث: هو ما تقاطر من الأعضاء (3)، أو اتصل بها، أو انفصل عنها وكان المنفصل يسيراً، أو غسلت فيه، فإن اغترف منه وغسلت الأعضاء خارجه فليس بمستعمل. والماء المستعمل: طاهر مطهر، ولا يكره على الأرجح استعماله مرة أخرى في إزالة النجاسة، أو في غسل إناء ونحوه، لكن يكره استعماله في رفع حدث أو اغتسالات مندوبة مع وجود غيره، إذا كان يسيراً. وعلة الكراهة: أن النفوس تعافه.
والماء المستعمل عند الشافعية (4): هو الماء القليل المستعمل في فرض الطهارة
(1) البدائع: 69/ 1 ومابعدها، الدر المختار ورد المحتار: 182/ 1 - 186، فتح القدير: 58/ 1،61
(2)
الشرح الصغير: 37/ 1 - 40، الشرح الكبير مع الدسوقي: 41/ 1 - 43، القوانين الفقهية: ص 31، بداية المجتهد:26/ 1 ومابعدها.
(3)
احترز بالماء عن التراب، فلا يكره التيمم عليه مرة أخرى لعدم تعلقه بالأعضاء.
(4)
مغني المحتاج:20/ 1 ومابعدها، 85، المهذب: 5/ 1،8.
عن حدث كالغسلة الأولى فيه، والأصح أن نفل الطهارة كالغسلة الثانية والثالثة طهور في المذهب الجديد. والمراد بفرضية الطهارة ولو صورة كوضوء الصبي، إذ لابد لصحة صلاته من وضوء.
ومن المستعمل: ماء قليل اغترف منه بدون نية الاغتراف عند إرادة غسل اليدين بأن يقصد نقل الماء من إنائه لغسلهما خارجه، فإن نوى الاغتراف بهما فهو طهور.
ومن المستعمل: ماء غسل بدل مسح من رأس أو خف، وماء غسل كافرة لتحل لحليلها المسلم، وماء غسل ميت، وماء غسل مجنونة لتحل لحليلها المسلم، ولا يصبح مستعملاً إلا إذا انفصل عن العضو.
والمستعمل الطاهر في إزالة النجاسة (وهو الغسالة) يشترط فيه شروط ثلاثة:
1 -
أن يكون الماء وارداً على محل النجاسة إن كان قليلاً في الأصح لا كثيراً، لئلا يتنجس الماء، لو عكس الأمر، لأن الماء ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه.
2 -
أن ينفصل طاهراً بحيث لم يتغير أحد أوصافه، وقد طهر المحل.
3 -
ألا يزيد وزنه بعد اعتبار ما يأخذه الثوب من الماء ويعطيه من الوسخ الظاهر. فإذا تغير الماء أو زاد وزنه، أو لم يطهر المحل بأن بقي لون النجس وريحه معاً، أو طعمه وحده، ولم يعسر زواله، صار نجساً؛ لدلالة ذلك على بقاء عين النجاسة.
وحكم المستعمل: أنه طاهر غير طهور في المذهب الجديد، فلا يتوضأ أو يغتسل به، ولا تزال النجاسة به؛ لأن السلف الصالح كانوا لا يحترزون عن ذلك،
ولا عما يتقاطر عليهم منه، وفي الصحيحين «أنه صلى الله عليه وسلم عاد جابراً في مرض موته، فتوضأ وصب عليه من وضوئه» وكانوا مع قلة مياههم لم يجمعوا المستعمل للاستعمال ثانياً، بل انتقلوا إلى التيمم، ولم يجمعوه للشرب، لأنه مستقذر.
ويعفى عن يسير الماء المستعمل الواقع في الماء. فإن جمع الماء المستعمل فبلغ قلتين، فطهور في الأصح.
والمستعمل عند الحنابلة (1): هو المستعمل في رفع حدث أكبر (جنابة) أو أصغر (وضوء)، أو إزالة نجاسة من آخر غسلة زالت بها النجاسة وهي الغسلة السابعة (2) كما هو المذهب، ولم يتغير أحد أوصاف الماء (لونه أو طعمه أو ريحه).
ومن المستعمل: ما غسل به الميت؛ لأنه غسل تعبدي، لا عن حدث، ويصبح الماء مستعملاً: لو نوى الجنب أو المتوضئ رفع الحدث في ماء قليل، فإن لم ينو رفع الحدث أو نوى الاغتراف أو نوى إزالة الغبار أو التبرد أو العبث ظل الماء طهوراً. ومنه: الماء اليسير الذي غمس أو غسل به يد القائم من نوم الليل، وكان الشخص مسلماً عاقلاً بالغاً، وكان الغمس قبل غسل اليد ثلاثاً. ومنه الماء الذي يغمس فيه المسلم البالغ العاقل (غير الصبي والمجنون والكافر) يده كلها إلى الكوع، أي الزند. فلو غمس غير يده كالوجه والرجل لم يكن مستعملاً.
ولا يصير الماء مستعملاً إلا بعد انفصاله عن محل الاستعمال.
ويعفى عن يسير الماء المستعمل الواقع في الماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يتوضؤُون من الأقداح، ويغتسلون من الجفان، واغتسل النبي وعائشة من إناء واحد، تختلف
(1) كشاف القناع:31/ 1 - 37، المغني:15/ 1 ومابعدها، 18 - 22، 124.
(2)
الغسلة الرابعة هي الطاهرة في الوضوء، والغسلة الثامنة في إزالة النجاسة بعد زوالها: هي الطاهرة عند الحنابلة؛ لأنه يشترط عندهم لإزالة النجاسة سبع غسلات.