الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4ً -
مذهب الحنابلة:
واجبات الغسل أحد عشر شيئاً:
إزالة مابه من نجاسة أو غيرها تمنع وصول الماء إلى البشرة إن وجد، والنية، والتسمية، وتعميم بدنه بالغسل حتى فمه وأنفه، فتجب المضمضة، والاستنشاق في الغسل كالوضوء، ويجب غسل ظاهر شعره وباطنه، من ذكر أو أنثى، مسترسلاً كان أو غيره، مع نقض الشعر لغسل حيض ونفاس، لا غسل جنابة إذا روَّت أصوله. ويجب غسل حشفة أقلف (غير مختون) إن أمكن تشميرها، وغسل ما تحت خاتم ونحوه، فيحركه ليتحقق وصول الماء إلى ما تحته، وغسل ما يظهر من فرج المرأة عند قعودها لقضاء حاجتها؛ لأنه في حكم الظاهر، ولا يجب غسل داخله، ولا غسل داخل عين، بل ولا يستحب ولو أمن الضرر. ولا يجب الترتيب ولا الموالاة في أعضاء الوضوء؛ لأن الغسل يجزئ عنهما، لأنهما عبادتان دخلت إحداهما في الأخرى، فسقط حكم الصغرى، كالعمرة مع الحج. ولا يجب الدلك إذا تيقن أو غلب على ظنه وصول الماء إلى جميع جسده.
المطلب الرابع ـ سنن الغسل:
أوضحت كيفية غسل النبي صلى الله عليه وسلم وهو دليل لصفة الغسل الكامل الشامل للواجب والسنة: وهو ما اجتمع فيه عشرة أشياء كما فهم الحنابلة (1):
النية، والتسمية، وغسل يديه ثلاثاً، وغسل ما به من أذى، والوضوء، ويحثي على رأسه ثلاثاً يروي بها أصول الشعر، ويفيض الماء على سائر جسده، ويبدأ بشقه الأيمن، ويدلك بدنه بيده، وينتقل من موضع غسله، فيغسل قدميه. ويستحب أن يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بماء قبل إفاضته عليه.
(1) المغني:217/ 1. انظر صفة الغسل الكامل عند المالكية في الشرح الكبير:137/ 1، القوانين الفقهية: ص26.
وترتيب سنن الغسل التي يتحقق بها كماله على اختلاف المذاهب ما يأتي (1):
1ً - البدء بغسل اليدين والفرج، وإزالة النجاسة إن كانت على بدنه، وينوي كما أبان الشافعية عن غسل القبل والدبر، فيقول: نويت رفع الجنابة عن هذين المكانين وما بينهما.
2ً - ثم يتوضأ وضوءه للصلاة. والأولى عند الحنفية تأخير غسل رجليه إن كان المغتسل واقفاً في مكان يجتمع فيه الماء كالطَّست، ثم يتنحى عن ذلك المكان ويغسلهما، وإلا قدمه إذا كان مثلاً واقفاً على لوح أو قبقاب أو حجر. وبالوضوء تتحقق المضمضة والاستنشاق الواجبان عند الحنفية والحنابلة.
ويمسح عند المالكية صماخ أذنيه أي ثقبيهما، ولا يبالغ فإنه يضر السمع، وأما ظاهرهما وباطنهما فمن ظاهر الجسد، يجب غسله عندهم.
3ً - ثم يتعهد عند الشافعية معاطف جسده، كأن يأخذ الماء بكفه، فيجعله على المواضع التي فيها انعطاف والتواء، كالأذنين، وطبقات البطن، وداخل السرة؛ لأنه أقرب إلى الثقة بوصول الماء، ويتأكد ذلك في الأذن، فيأخذ كفاً من ماء، ويضع الأذن عليه برفق، ليصل الماء إلى معاطفه وزواياه ويتفقد تحت حلقه، وإبطيه، وحالبيه (وهما العرقان اللذان يكتنفان السرة).
4ً - ثم يفيض الماء على رأسه ويخلله، وعلى سائر جسده، ثلاثاً، بادئاً بشقه الأيمن ثم الأيسر، لما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم:«كان يعجبه التيمن في طهوره» ، وتخليل شعره
(1) فتح القدير:39/ 1 وما بعدها، الدر المختار:140/ 1 وما بعدها، مراقي الفلاح: ص17، اللباب:21/ 1، الشرح الكبير:135/ 1 - 137، الشرح الصغير:170/ 1، القوانين الفقهية: ص26، المهذب:73، مغني المحتاج:73/ 1 وما بعدها، المغني:217/ 1، كشاف القناع:173/ 1 - 176.
وتفقد أصوله لحديث «تحت كل شعرة جنابة» ويسن أن يدلُك بدنه بيديه؛ لأنه أنقى، وبه يتيقن وصول الماء إلى مغابنه وجميع بدنه، وبه يخرج من خلاف من أوجبه وهم المالكية.
ويكفي الظن في الإسباغ أي في وصول الماء إلى البشرة؛ لأن اعتبار اليقين حرج ومشقة.
قال الحنفية: ولو انغمس في الماء الجاري أو ما في حكمه ومكث، فقد أكمل السنة.
وقال المالكية: يجزئ غسل الجنابة عن غسل الوضوء بنية رفع الحدث الأكبر ولو لم ينو الأصغر إذا لم يحصل له ناقض من مس ذكر أو غيره، وكذلك قال الشافعية على المذهب: يكفي الغسل، سواء أنوى الوضوء معه أم لا.
وقال الحنابلة: يجزئ الغسل عن الوضوء بعد أن يتمضمض ويستنشق وينوي به الغسل والوضوء، وكان تاركاً للأفضل والأولى.
وتسن عند غير المالكية الموالاة في الغسل عند غسل جميع أجزاء البدن، لفعله صلى الله عليه وسلم. وعند المالكية: هي فرض.
كما يسن الترتيب بالبداءة بالرأس، ثم بالمنكب الأيمن، ثم الأيسر. ولا يجب الترتيب بالاتفاق؛ لأن البدن شيء واحد، بخلاف أعضاء الوضوء، وبناء عليه لو ترك لمعة في الجسد أو محل جبيرة أعاد غسلها فقط دون ما بعدها.
أما نقض الضفائر فلا يجب عند المالكية ما لم يشتد، ولا يجب في الجنابة ويجب في الحيض في رأي الحنابلة، ولا يجب للمرأة إن سرى الماء في أصوله، ويجب للرجل مطلقاً عند الحنفية.
ويجب النقض لدى الشافعية إن لم يصل الماء إلى باطن الشعر، كما أبنت قريباً. وفي الجملة يسن نقض الضفائر لحديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وكانت حائضاً: «انقضي شعرك واغتسلي» (1).
ويسن عند الحنابلة سدر، أي صابون في غسل كافر أسلم، لحديث قيس بن عاصم السابق:«أنه أسلم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر» (2)، ويسن له إزالة شعره، فيحلق رأسه، إن كان رجلاً، ويأخذ عانته وإبطيه مطلقاً، لقوله صلى الله عليه وسلم لرجل أسلم:«ألق عنك شعر الكفر، واختتن» (3) ويختتن الكافر إذا أسلم وجوباً بشرط كونه مكلفاً، وألا يخاف على نفسه منه.
ويسن عند الحنابلة أيضاً سدر في غسل حيض ونفاس، لحديث عائشة المتقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «وإذا كنت حائضاً، خذي ماءك وسدرك وامتشطي» (4) وروت أسماء أنها «سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل الحيض، فقال: تأخذ إحداكن ماءها وسدرها، فتطهر» (5).
ويسن عند الشافعية والحنابلة: أن تتبع المرأة غير المحرمة بنسك، أو المحدّة (المعتدة)(6) أثر دم الحيض والنفاس مِسْكاً أو طيباً، أو ماء، فتجعله في قطنة أو غيرها كخرقة، وتدخله فرجها بعد غسلها، ليقطع رائحة الحيض أو النفاس، لما روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: «أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله عن
(1) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح (نيل الأوطار:249/ 1).
(2)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه.
(3)
رواه أبو داود.
(4)
رواه البخاري.
(5)
رواه مسلم.
(6)
أما المحرمة فيحرم عليها الطيب بأنواعه، وأما المحدّة: فلا تتطيب في فترة العدة.