الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأن يوالي بين أجزاء التيمم، بألا يؤخر مسح عضو عما قبله زمناً بقدرها في الوضوء، أي بحيث لو قدر مغسولاً لجف بزمن معتدل.
وأضاف المالكية: أن يوالي بين التيمم وبين ما فعل له من صلاة ونحوها.
وقال الشافعية والحنفية: موالاة التيمم كالوضوء سنة، كما تسن الموالاة أيضاً بين التيمم والصلاة، خروجاً من خلاف من أوجبها، وهم المالكية كما قدمنا.
5ً -
الصعيد الطاهر فرض عند المالكية، شرط عند غيرهم:
والصعيد عند المالكية (1): كل ما صعد على الأرض من أجزائها، كتراب وهو الأفضل من غيره عند وجوده، ورمل وحجارة وحصى، وجص (2) لم يحرق بالنار، فإن أحرق أو طبخ لم يجز التيمم به، ولو نقل ذلك من محله: بأن يجعل بينه وبين الأرض حائل.
ويجوز
التيمم على المعادن
ما دامت في مواضعها ولم تنقل من محلها، إذا لم تكن من أحد النقدين (الذهب أو الفضة) أو من الجواهر كاللؤلؤ. فلا يتيمم على المعادن من شبّ ومِلْح وحديد ورصاص وقصدير وكحل إن نقلت من محلاتها، وصارت أموالاً في أيدي الناس، ولا يتيمم على الذهب والفضة ولو في مكانهما الأصلي، ولا على الجواهر كالياقوت والزبرجد واللؤلؤ ولو بمحلها، ولا يجوز التيمم في قول على الخشب والحشيش، ولو لم يوجد غيرهما، إذ ليس كلاهما بصعيد ولا ما يشبه الصعيد، والمعتمد جواز التيمم عليها عند عدم غيرهما.
ويجوز
التيمم على الجليد:
وهو الثلج المجمد من الماء على وجه الأرض أو البحر؛ لأنه أشبه بجموده الحجر، فالتحق بأجزاء الأرض.
(1) الشرح الصغير:195/ 1 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص38، الشرح الكبير:155/ 1وما بعدها.
(2)
الجص: نوع من الحجر يحرق بالنار ويسحق ويبنى به القناطر والمساجد والبيوت العظيمة.
ومذهب الحنفية كالمالكية، فقال أبو حنيفة ومحمد (1): يجوز التيمم بكل ما كان من جنس الأرض، كالتراب (وهو مجمع عليه) والغبار، والرمل، والحجر، والجِصّ (الكلس) والنُّورة (حجر الكلس)، والكُحْل والزَّرْنيخ، وإن لم يكن عليها غبار؛ لأن الصعيد اسم لوجه الأرض، وهذا لا يوجب الاختصاص بالتراب، بل يعم جميع أجزاء الأرض، ولحديث أبي هريرة: أن ناساً من أهل البادية أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنا نكون بالرمال، الأشهر الثلاثة والأربعة، ويكون فينا الجنب والنفساء والحائض، ولسنا نجد الماء، فقال عليه السلام:«عليكم بالأرض، ثم ضرب بيده على الأرض لوجهه ضربة واحدة، ثم ضرب أخرى، فمسح بها على يديه إلى المرفقين» (2) وقال الإمام البخاري: «لا بأس بالصلاة على السبخة والتيمم منها» وهي الأرض ذات الملح والنزز.
ويجوز عند المالكية والحنفية التيمم بحجر أو صخرة لا غبار عليهما، وبتراب ندي لا يعلق باليد منه غبار، كما يجوز التيمم بالغبار، بأن ضرب يده على ثوب أو لبد أو سرج، فارتفع غباراً.
وقال الشافعية والحنابلة (3): لا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر ذي غبار يعلق باليد غير محترق، فإن كان جرشاً أو ندياً لا يرتفع له غبار لم يكف.
وأضاف
(1) فتح القدير:88/ 1، البدائع:53/ 1 وما بعدها، اللباب:37/ 1. وقال أبو يوسف: لايجوز إلا بالتراب والرمل خاصة؛ لأن ابن عباس فسّر الصعيد الطيب بالتراب المنبت، وزاد عليه أبو يوسف: الرمل، بالحديث الذي ذكر في دليل الطرفين.
(2)
رواه أحمد والبيهقي وإسحاق بن راهوية وأبو يعلى الموصلي والطبراني، لكنه حديث ضعيف (نصب الراية:156/ 1).
(3)
المهذب:32/ 1، مغني المحتاج:96/ 1 وما بعدها، المغني:247/ 1 - 249، كشاف القناع:197/ 1 ومابعدها، بجيرمي الخطيب:252/ 1، غاية المنتهى:61/ 1.
الشافعية: يجوز برمل فيه غبار، ولا يجوز عند الحنابلة التيمم برمل، ونحت حجارة ونحوه، وعن أحمد: رواية أخرى: أنه يجوز التيمم بالرمل.
ولا يجوز عند الفريقين التيمم بمعدن كنفط وكبريت ونورة، ولا بسُحاقة خزف، إذ لا يسمى ذلك تراباً، ولا بتراب مختلط بدقيق ونحوه كزعفران وجص، لمنعه وصول التراب إلى العضو، ولا بجص مطبوخ لأنه ليس بتراب، ولا بسبخة ونحوها مما ليس له غبار، ولا بطين رطب لأنه ليس بتراب، ولا بتراب نجس، كالوضوء باتفاق العلماء لقوله تعالى:{فتيمموا صعيداً طيباً} [المائدة:6/ 5]، ولا بما استعمل في العضو عند الشافعية، ولا بمغصوب ونحوه كتراب مسجد عند الحنابلة.
وإن ضرب على لبد أو ثوب أو جوالق أو بساط، فعلق بيديه غبار، فتيمم به، جاز، وأعجب الإمام أحمد حمل التراب لأجل التيمم احتياطاً للعبادة.
ودليلهم قوله عز وجل: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة:6/ 5] وهذا يقتضي أنه يمسح بجزء من الصعيد، فما لا غبار له كالصخر لا يمسح بشيء منه، ولأنه طهارة، فوجب إيصال الطهور فيها إلى محل الطهارة، كمسح الرأس، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«جعل لي التراب طهوراً» (1).
وذكر الحنابلة: أنه لو وجد ثلجاً وتعذر تذويبه، لزمه مسح أعضائه، الواجب غسلها به، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا أمرتكم بأمر، فائتوا منه ما استطعتم» ، ويعيد الصلاة، إن لم يجر على الأعضاء بالمس؛ لأنه صلى مع وجود الماء في الجملة، بلا طهارة كاملة، كما لو صلى بلا تيمم، مع وجود طين يابس عنده، لعدم ما يدقه به، ليصير له غبار.
(1) رواه الشافعي وأحمد من حديث علي، وهو حديث حسن.