الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والخلاصة: يطلق على الصور الثلاث الأخيرة اسم المتحيرة: وهي التي نسيت عادتها قدراً ووقتاً، أو نسيت القدر دون الوقت، أو بالعكس. والمشهور في حكمها: وجوب الاحتياط، فيحرم الوطء ومس المصحف، والقراءة في غير الصلاة، وتصلي الفرائض كلها، وكذا النفل في الأصح. وتغتسل لكل فرض، وتصوم رمضان، ثم شهراً كاملاً، فيحصل من كل منهما أربعة عشر يوماً، ثم تصوم ثمانية عشر: ثلاثة أولها، وثلاثة آخرها، فيحصل اليومان الباقيان.
وما عدا المتحيرة: تعمل أولاً بالتمييز إن كانت مميزة، سواء أكانت مبتدأة أم معتادة. وإن لم تكن مميزة وتعلم عادتها قدراً ووقتاً، ترد إلى عادتها في ذلك، وإن كانت مبتدأة لا مميِّزة، أو فقدت شرط تمييز، فالأظهر أن حيضها يوم وليلة، وطهرها تسع وعشرون.
مذهب الحنابلة
(1):
المستحاضة إما مبتدأة أو معتادة، وكل منهما إما مميزة أولا، فإن كانت المبتدأة مميزة عملت بتمييزها، وإن كانت غير مميزة قدر حيضها بيوم وليلة، وتغتسل بعد ذلك، وبقية الشهر طاهرة، وذلك في الشهور الثلاثة الأولى، ثم تنتقل في الشهر الرابع إلى غالب الحيض وهو ست أو سبع باجتهادها. وتفصيل كلامهم فيما يأتي:
1ً - المبتدأة غير المميزة: يقدر حيضها بيوم وليلة؛ لأنه المتيقن، وما زاد مشكوك فيه كغير المستحاضة، ثم تغتسل وتصلي احتياطاً لبراءة ذمتها، ولكن يحرم وطؤها في مدة خمسة عشر يوماً إن استمر بها الدم هذه المدة. فإن انقطع الدم قبل هذه المدة اغتسلت عند انقطاعه غسلاً ثانياً، ويباح وطؤها حينئذ.
(1) كشاف القناع:234/ 1 - 246، المغني:310/ 1 - 332،351 ومابعدها.
تفعل هكذا في ثلاثة أشهر، في كل شهر مرة؛ لأن العادة لا تثبت بدون التكرار ثلاث مرات في ظاهر المذهب أو أكثر الروايات عن أحمد.
وفي الشهر الرابع تنتقل إلى غالب الحيض وهو ستة أيام أو سبعة باجتهادها وتحريها، ورأيها، فتعمل بما يغلب على ظنها أنه أقرب إلى عادتها، أو عادة نسائها، أو ما يكون أشبه بكونه حيضاً. وإن جاوز دمها أكثر الحيض (51 يوماً) فهي مستحاضة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما ذلك عرق، وليس بحيضة» ولأن الدم كله لا يصلح أن يكون حيضاً.
2ً - المبتدأة المميزة: بأن ميزت الدم الأسود أو الثخين أو المنتن عن الرقيق الأحمر غير المنتن، فتعمل بالتمييز، ويكون حيضها زمن الأسود أو زمن الثخين، أو زمن المنتن إن لم ينقص عن أقل الحيض (يوم وليلة) ولم يجاوز أكثره (خمسة عشر يوماً) لحديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش بلفظ النسائي:«إذا كان الحيض، فإنه أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي، فإنما هو دم عرق» ، فإن نقص عن يوم وليلة فهو استحاضة، وإن جاوز الخمسة عشر، بأن كان الأسود عشراً، والأحمر ثلاثين مثلاً، فحيضها زمن الدم الأسود، وما عداه استحاضة؛ لأنه لا يصلح حيضاً.
3ً - المعتادة غير المميزة: ترجع إلى عادتها، لتعمل بها، لما يأتي في الصورة التالية.
4ً - المعتادة المميزة: بأن ترى بعض دمها أسود أو ثخيناً أو منتناً، فتقدم العادة على التمييز، سواء اتفق تمييزها وعادتها، بأن تكون عادتها أربعة مثلاً من أول الشهر، وكان دم هذه الأربعة الآن أسود، ودم باقي الشهر أحمر، أو اختلفا أي العادة والتمييز، بأن تكون عادتها ستة أيام، وترى الآن أربعة أسود، وباقي الشهر أحمر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم
اغتسلي وصلي» ولأن العادة أقوى؛ لأنها لاتبطل دلالتها، بخلاف اللون إذا زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته.
5ً - المعتادة المميزة الناسية لعادتها: تعمل كالمبتدأة بالتمييز الصالح؛ لأنه يكون حيضاً. والتمييز الصالح: هو ألا يكون الدم ناقصاً عن يوم وليلة، وألا يجاوز خمسة عشر يوماً. وذلك عملاً بحديث فاطمة بنت أبي حبيش:«إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي، فإنما هو عرق» .
6ً - المتحيرة: وهي التي تحيرت في حيضها بجهل العادة، وعدم التمييز، ولها أحوال ثلاثة:
أـ الناسية لوقت عادتها وعددها: يكون حيضها في كل شهر ستة أيام أو سبعة بحسب اجتهادها ورأيها فيما يغلب على ظنها أنه أقرب إلى عادتها أو عادة نسائها، أو ما يكون أشبه بكونه حيضاً، ثم تغتسل، وتعتبر فيما بعد ذلك مستحاضة، تصوم وتصلي وتطوف، عملاً بحديث حمنة بن جحش: «فتحيَّضي ستة أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي
…
».
ب ـ الناسية عدد عادتها، وتذكر وقتها: كالتي تعلم أن حيضها في العشر الأول من الشهر، ولا تعلم عدده، حكمها كالحالة الأولى، ترد إلى غالب الحيض: ست أو سبع، في أصح الروايتين.
جـ ـ الناسية لوقتها دون عددها: أي أنها عالمة بالعدد ناسية للموضع، كأن تعلم عدد أيام حيضتها، وتنسى موضعها بأن لم تدر أكانت تحيض في أول الشهر أو أوسطه أو آخره؟ حكمها: أن تجعل أيام حيضتها من أول كل شهر هلالي؛ لأنه صلى الله عليه وسلم (جعل حيضة حمنة من أول الشهر، والصلاة في بقيته) ولأن دم الحيض هو الأصل، والاستحاضة عارضة، فيقدم دم الحيض.