الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وللمتوضئ عند الشافعية والحنابلة تفريق النية على أعضاء الوضوء، بأن ينوي عند كل عضو رفع الحدث عنه، لأنه يجوز تفريق أفعال الوضوء، فكذلك يجوز تفريق النية على أفعاله.
والمعتمد عند المالكية خلافاً للأظهر عند ابن رشد: أنه لا يجزئ تفريق النية على الأعضاء، بأن يخص كل عضو بنية، من غير قصد إتمام الوضوء، ثم يبدو له فيغسل ما بعده، وهكذا، فإن فرق النية على الأعضاء مع قصده إتمام الوضوء على الفور، أجزأه ذلك. وبه يلتقي المالكية مع الشافعية والحنابلة.
والخلاصة: اتفق العلماء على وجوب النية في التيمم، واختلفوا في وجوبها في الطهارة عن الحدث الأكبر والأصغر على قولين.
ثانياً ـ الترتيب:
الترتيب: تطهير أعضاء الوضوء واحداً بعد الآخر كما ورد في النص القرآني: أي غسل الوجه أولاً ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين. واختلف الفقهاء في وجوبه (1).
فقال الحنفية والمالكية: إنه سنة مؤكدة لا فرض، فيبدأ بما بدأ الله بذكره وبالميامن؛ لأن النص القرآني الوارد في تعداد فرائض الوضوء عطف المفروضات بالواو، التي لا تفيد إلا مطلق الجمع، وهو لا يقتضي الترتيب، ولو كان الترتيب مطلوباً لعطفه بالفاء أو (ثم)، والفاء التي في قوله تعالى:{فاغسلوا} [المائدة:6/ 5]، لتعقيب جملة الأعضاء.
(1) الدر المختار: 1/ 113، مراقي الفلاح: ص12، فتح القدير: 1/ 23، البدائع: 1/ 17 وما بعدها، الشرح الصغير: 1/ 120، الشرح الكبير: 1/ 102، مغني المحتاج:54/ 1، المهذب:19/ 1، المغني: 1/ 136 - 138، كشاف القناع: 1/ 116، بداية المجتهد: 1/ 16، القوانين الفقهية: ص 22، المجموع: 1/ 480 - 486.
وروي عن علي وابن عباس وابن مسعود ما يدل على عدم وجوب الترتيب، قال علي رضي الله عنه:«ما أبالي بأي أعضائي بدأت» وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «لابأس بالبداية بالرجلين قبل اليدين» وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «لابأس أن تبدأ برجليك قبل يديك في الوضوء» (1).
وقال الشافعية والحنابلة: الترتيب فرض في الوضوء لا في الغسل. لفعل النبي صلى الله عليه وسلم المبين للوضوء المأمور به (2)، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حجته:«ابدؤوا بما بدأ الله به» (3)، والعبرة بعموم اللفظ، ولأن في آية الوضوء قرينة تدل على أنه أريد بها الترتيب، فإنه تعالى ذكر ممسوحاً بين مغسولات، والعرب لا تفرق بين المتجانسين ولا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة، وهي هنا الترتيب، ولأن الآية بيان للوضوء الواجب، بدليل أنه لم يذكر فيها شيء من السنن. وقياساً على الترتيب الواجب في أركان الصلاة.
فلو نكس (4) الترتيب المطلوب، فبدأ برجليه، وختم بوجهه لم يصح إلا غسل وجهه، ثم يكمل ما بعده على الترتيب الشرعي. ويمكن تصحيح الوضوء غير المرتب بأن يغسل أعضاءه أربع مرات، لأنه يحصل له في كل مرة غسل كل عضو، فيحصل له من المرة الأولى غسل الوجه، ومن الثانية غسل اليدين، ومن الثالثة مسح الرأس، ومن الرابعة غسل الرجلين.
وإن غسل أعضاءه دفعة واحدة، لم يصح وضوءه، وكذا لو وضأه أربعة في حالة واحدة؛ لأن الواجب الترتيب، لا عدم التنكيس، ولم يوجد الترتيب.
(1) روى الدارقطني الأثرين الأولين، وأما الأثر الثالث فلا يعرف له أصل.
(2)
رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 1/ 152).
(3)
رواه النسائي بإسناد صحيح.
(4)
نكس ـ كنصر ـ الشيء: فانتكس: قلبه على رأسه، ونكَّسه بالتشديد تنكيساً.