الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الركعتين قبل العصر أنها لا تقضى، لما روت عائشة «أن النبيصلّى الله عليه وسلم صلاهما، فقلت له: أتقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا» (1) ويجوز قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، إلا أن أحمد اختار أن يقضيهما من الضحى خروجاً من الخلاف.
والمشهور في المذهب أنه لا يجوز قضاء السنن في سائر أوقات النهي.
ولا فرق بين مكة وغيرها في المنع من التطوع في أوقات النهي، لعموم النهي.
كما لا فرق في وقت الزوال بين الجمعة وغيرها، ولا بين الشتاء والصيف، لعموم الأحاديث في النهي.
كراهة التنفل في أوقات أخرى:
كره الحنفية والمالكية التنفل في أوقات أخرى هي ما يأتي (2)، علماً بأن الكراهة تحريمية عند الحنفية في كل ما يذكر هنا:
1 ً - ما بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح:
قال الحنفية: يكره تحريماً التنفل حينئذ بأكثر من سنة الفجر، وقال بعض الشافعية بكراهة التنزيه في هذا الوقت، والمشهور في المذهب خلافه، كما أن الصحيح عند الحنابلة جواز التنفل في هذا الوقت؛ لأن أحاديث النهي الصحيحة
(1) رواه ابن النجار في الجزء الخامس من حديثه.
(2)
الدر المختار:349/ 1 - 351، مراقي الفلاح: ص31، فتح القدير:166/ 1، القوانين الفقهية: ص46، الشرح الكبير: 187/ 1، الشرح الصغير:242/ 1 ومابعدها، 511، 513، 531، مغني المحتاج:129/ 1 ومابعدها، 313، المحلي على المنهاج مع قليوبي وعميرة:119/ 1، الحضرمية:32 ومابعدها، المغني:116/ 2 - 119، 129، 135، 387، كشاف القناع:47/ 2، 63.
ليست صريحة في النهي قبل صلاة الفجر، وإنما فيه حديث ابن عمر، وهو غريب، فيجوز بناء عليه صلاة الوتر قبل الفجر.
وقال المالكية: يكره تنزيهاً الصلاة تطوعاً بعد الفجر قبل الصبح، ويجوز فيه قضاء الفوائت وركعتا الفجر، والوتر، والوِرْد، أي ما وظفه من الصلاة ليلاً على نفسه.
ودليل الحنفية والمالكية على الكراهة حديث ابن عمر: «لا صلاة بعد الفجر إلا الركعتين قبل صلاة الفجر» (1).
2 ً - ما قبل صلاة المغرب:
يكره التنفل عند الحنفية والمالكية قبل صلاة المغرب، للعمومات الواردة في تعجيل المغرب، منها حديث سلمة بن الأكوع:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غَرَبَتْ الشمس وتوارت بالحجاب» (2) وحديث عقبة بن عامر: «لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة، ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم» (3) والتنفل يؤدي إلى تأخير المغرب، والمبادرة إلى أداء المغرب مستحبة.
وقال الشافعية على المشهور: يستحب صلاة ركعتين قبل المغرب، وهي سنة غير مؤكدة، وقال الحنابلة: إنهما جائزتان وليستا سنة، ودليلهم: ما أخرجه ابن حبان من حديث عبد الله بن مغفل «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المغرب ركعتين» وقال
(1) رواه الطبراني في معجمه الوسط، لكن تفرد به عبد الله بن خراش، فهو غريب كما قال الترمذي، ورواه الدارقطني بلفظ:«ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتين» . وفيه شخص مختلف فيه، ورواه أبو داود والترمذي بلفظ:«لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين» لكنه حديث غريب (نصب الراية:255/ 1 ومابعدها).
(2)
رواه الجماعة إلا النسائي (نيل الأوطار: 2/ 2).
(3)
رواه أحمد وأبو داود والحاكم (المصدر السابق: 3/ 2).
أنس: «كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب» (1) وعن عبد الله بن مُغَفَّل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال عند الثالثة: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة» (2).
قال الشوكاني: والحق أن الأحاديث الواردة بشرعية الركعتين قبل المغرب مخصصة لعموم أدلة استحباب التعجيل.
3 ً - أثناء خطبة الإمام في الجمعة والعيد والحج والنكاح والكسوف والاستسقاء:
يكره لدى الحنفية والمالكية التنفل عند خروج الخطيب حتى يفرغ من الصلاة، لحديث أبي هريرة:«إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب فقد لغوت» (3)، وأضاف المالكية أنه يكره التنفل بعد صلاة الجمعة أيضاً إلى أن ينصرف الناس من المسجد.
وكذلك يكره التنفل تنزيهاً في هذه الحالة عند الشافعية والحنابلة إلا تحية المسجد إن لم يخش فوات تكبيرة الإحرام، ويجب عليه أن يخففهما بأن يقتصر على الواجبات، فإن لم يكن صلى سنة الجمعة القبلية نواها مع التحية إذ لا يجوز له الزيادة على ركعتين، ولا تنعقد صلاة غير التحية عند الشافعية. ودليلهم خبر الصحيحين:«إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» فهو
(1) رواه مسلم وأبو داود (المصدر السابق:6/ 2)
(2)
رواه أحمد والبخاري وأبو داود. وفي رواية «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة، لمن شاء» رواه الجماعة (المصدر السابق: ص7).
(3)
رواه الجماعة إلا ابن ماجه (سبل السلام:50/ 2).
مخصص لخبر النهي. وروى جابر، قال:«جاء سُلَيك الغطفاني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: ياسليك قم، فاركع ركعتين، وتجوَّز فيهما» (1) أي خفف فيهما.
4 ً - ما قبل العيد وبعده:
يكره التنفل عند الحنفية والمالكية والحنابلة قبل صلاة العيد وبعده، لحديث أبي سعيد الخدري قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله، صلى ركعتين» (2) وأضاف الحنابلة: لا بأس بالتنفل إذا خرج من المصلى.
والكراهة عند الحنفية والحنابلة سواء للإمام والمأموم، وسواء أكان في المسجد أم المصلى، وأما عند المالكية فالكراهة في حال أدائها في المصلى لا في المسجد.
وقال الشافعية: يكره التنفل للإمام قبل العيد وبعده، لاشتغاله بغير الأهم، ولمخالفته فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما:«أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد ركعتين لم يصلّ قبلها ولا بعدها» (3).
ولا يكره النفل قبل العيد بعد ارتفاع الشمس لغير الإمام، لانتفاء الأسباب المقتضية للكراهة، كذلك لا يكره النفل بعد العيد إن كان لا يسمع الخطبة، فإن كان يسمع الخطبة كره له.
5 ً - عند إقامة الصلاة المكتوبة:
قال الحنفية: يكره تحريماً التطوع عند إقامة الصلاة المفروضة، لحديث: «إذا
(1) رواه مسلم. ورواية البخاري: «دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: صَلَّيْتَ؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين» (سبل السلام:51/ 2).
(2)
رواه ابن ماجه بإسناد حسن (سبل السلام:67/ 2) وأخرجه أيضاً الحاكم وأحمد، روى الترمذي عن ابن عمر نحوه.
(3)
أخرجه السبعة (سبل السلام:66/ 2).
أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» (1) إلا سنة الفجر إن لم يخف فوت جماعة الفرض ولو بإدراك تشهده، فإن خاف تركها أصلاً، فيجوز الإتيان بسنة الفجر عند الإقامة، لشدة تأكدها، والحث عليها، ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، قال عليه السلام:«ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» (2) وقالت عائشة: «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشدَّ تعاهداً منه على ركعتي الفجر» (3). وروى الطحاوي وغيره عن ابن مسعود: «أنه دخل المسجد، وأقيمت الصلاة، فصلى ركعتي الفجر في المسجد إلى أسطوانة» .
وكذلك يكره التطوع عند ضيق وقت المكتوبة، لتفويته الفرض عن وقته.
وقال الشافعي والجمهور (4): يكره افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة، سواء أكانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر، أم غيرها كتحية المسجد.
وقد عنون النووي لهذا البحث بقوله: «باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، سواء السنة الراتبة كسنة الصبح والظهر وغيرها، سواء علم أنه يدرك الركعة مع الإمام أم لا» ودليل الجمهور على كراهة افتتاح النافلة: قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» وفي الرواية الأخرى: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يصلي، وقد أقيمت صلاة الصبح، فقال: يوشك أن يصلي أحدكم الصبح أربعاً» ومعناه أنه لا يشرع بعد الإقامة للصبح إلا
(1) رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة، وهو صحيح.
(2)
رواه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي عن عائشة، وهو صحيح (نيل الأوطار:19/ 3).
(3)
متفق عليه (سبل السلام: 4/ 2).
(4)
شرح مسلم للنووي: 221/ 5 ومابعدها، المجموع:273/ 3،550، المغني:456/ 1.
الفريضة (1)،فإذا صلى ركعتين نافلة بعد الإقامة، ثم صلى معهم الفريضة، صار في معنى «من صلى الصبح أربعاً» لأنه صلى بعد الإقامة أربعاً.
والصحيح في حكمة النهي عن صلاة النافلة بعد الإقامة: أن يتفرغ للفريضة من أولها، فيشرع فيها عقب شروع الإمام، وإذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام مع الإمام، وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة أولى بالمحافظة على إكمالها. وفيه حكمة أخرى هو النهي عن الاختلاف على الأئمة.
إلا أن الإمام مالك قال: إن لم يخف فوات الركعة ركعهما خارج المسجد.
(1) وفي هذا الرد على الحنفية الذين أجازوا الشروع في صلاة ركعتي سنة الصبح بعد الإقامة في المسجد إن لم يكن صلاهما.