الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واشترط الشافعية في نية الكناية اقترانها بكل اللفظ، فلو قارنت أوله، وغابت عنه قبل آخره، لم يقع طلاق.
ولو قال الزوج: أنت طلاق أو أنت الطلاق (بالمصدر) أو أنت طالق طلاقاً، فيقع بها عند الحنفية والمالكية والحنابلة طلقة واحدة رجعية إن لم ينو شيئاً. فإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث، فهي عندهم من الألفاظ الصريحة؛ لأنه صرح بالمصدر، والمصدر يقع على القليل والكثير، وإنه نوى بلفظه ما يحتمله. وأضاف الحنفية: ولا تصح نية الثنتين في المصدر: (أنت الطلاق) إلا أن تكون المرأة أَمَة (رقيقة). وأما تفويض الطلاق والخلع والإيلاء والظهار، فما كان منه صريحاً فلا تشترط له النية، وما كان كناية، اشترطت له. وأما الرجعة فهي كعقد الزواج؛ لأنها استدامته، لكن ما كان منها صريحاً لا يحتاج إلى نية، وكنايتها تحتاج إليها.
ورأي الشافعية في الأصح: ليس قوله: (أنت طلاق أو الطلاق) من الألفاظ الصريحة، بل هما كنايتان؛ لأن المصادر إنما تستعمل في الأعيان توسعاً (1).
ويلاحظ أن الشافعية قرروا أن التعريض بالقذف يوجب الحد إن نوى به القاذف القذف، فهو بمنزلة كنايات الطلاق، والكناية مع النية توجب الحد كالصريح.
الثاني عشر ـ النية في التروك:
التروك كترك الرياء وغيره من المنهي عنه. إن المقرر شرعاً: أن ترك المنهي عنه لا يحتاج إلى نية للخروج عن عهدة النهي، وإنما لحصول الثواب بأن كان كفّاً:
(1) الأشباه لابن نجيم: ص19 ومراجع المذاهب الأخرى في بحث الطلاق الآتي.
وهو أن تدعوه النفس إليه، قادراً على فعله، فيكف نفسه عنه خوفاً من ربه، فهو مثاب، وإلا فلا ثواب على تركه، فلا يثاب على ترك الزنا وهو يصلي، ولا يثاب العنِّين (العاجز عن الجماع) على ترك الزنا، ولا الأعمى على ترك النظر المحرم.
وهناك أعمال في حكم التروك، لترددها بين أصلين: الأفعال من حيث إنها فعل، والتروك من حيث إنها قريبة منها، رجح الأكثرون عدم النية فيها، لمشابهة التروك، وذلك مثل إزالة النجاسة، ورد المغصوب والعواري، وإيصال الهدية وغير ذلك، فلا تتوقف صحتها على النية المصححة، لكن يتوقف الثواب فيها على نية التقرب.
وأما غسل الميت: فالأصح فيه عند الأكثرين خلافاً للحنابلة كما بينا عدم اشتراط النية فيه، كالأعمال الملحقة بالتروك؛ لأن القصد منه التنظيف كإزالة النجاسة. ومثله أيضاً نيةالخروج من الصلاة: الأصح فيها عدم الاشتراط؛ لأن النية تليق بالإقدام، لا بالترك.
ومن الملحق بالتروك: إطعام الشخص دابته: إن قصد بإطعامها امتثال أمر الله تعالى، فإنه يثاب، وإن قصد بإطعامها حفظ المالية، فلا ثواب، كما ذكر القرافي. لكن يستثنى من ذلك: فرس المجاهد: إذا ربطها في سبيل الله، فإنها إذا شربت وهو لا يريد سقيها، أثيب على ذلك. وكذلك الزوجة، وكذلك إغلاق الباب وإطفاء المصباح عند النوم: إذا قصد به امتثال أمر الله أثيب، وإن قصد به أمر آخر، فلا (1).
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص21، وللسيوطي: ص11، شرح الأربعين النووية للنووي ص 7 - 8، غاية المنتهى: 115/ 1.