الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشريعتهم عقيدة وعبادة والتزاماً وتطبيقاً لأحكام الإسلام في العبادات والمعاملات والجنايات والعلاقات الخارجية على حد سواء.
المطلب السادس ـ الضوابط الشرعية للأخذ بأيسر المذاهب:
تمهيد:
إن عملية (التخير أو الانتقاء من آراء المذاهب الإسلامية) كانت هي الضوء الأخضر الذي أضاء الطريق أمام العاملين في العصر الحاضر لإنهاض الفكر الإسلامي، والقائمين فعلاً بوضع التشريعات أو التقنينات المستمدة من معين الفقه الإسلامي، تمشياً مع متطلبات التطور، وضغط الحاجات، ومراعاة مصالح الناس في كل زمان ومكان.
وقد استجاب المصلحون المخلصون من العلماء ـ غير المتشائمين والمتزمتين ـ من رجال الأزهر وجامعة الزيتونة في مصر وتونس وغيرهما من البلاد الإسلامية، إلى دواعي النهضة أوالحركة المطلوبة، فقاموا باختيار الحق أو الأفضل والأصلح من الآراء الفقهية المتعددة في المسألة الواحدة، لجعل (الفقه المختار) يتفق مع المصلحة العامة في هذا العصر، ذلك عملاً بالمبادئ أو الأسس التالية:
1 -
الحق واحد لايتعدد، ودين الله واحد مستمد من معين واحد: هو الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح، وبما أننا لانعرف الحق من آراء المجتهدين فنحن في حل من العمل ببعضها بحسب تقدير المصلحة.
2 -
الإخلاص للشريعة والحفاظ على أحكامها وخلودها وبقائها عقيدة كل مسلم.
3 -
مبدأ دفع الحرج أو خاصية اليسر والسماحة التي قامت عليها الشريعة من أبرز مقومات شرع الله الخالد.
4 -
مراعاة مصالح الناس وحاجاتهم المتجددة أمر يتفق مع روح الشريعة التي قامت ـ بالاستقراء والتتبع ـ على المصالح، فالمصلحة عماد التشريع، وحيثما وجدت المصلحة فثمة شرع الله ودينه، ولاينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان.
5 -
لا إلزام في الشريعة بأحد اجتهادات أو أقوال الفقهاء، إذ لاواجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس أن يعمل في دين الله عز وجل بغير كتاب الله وسنة رسوله ومايرجع إليهما.
6 -
لايجب ـ في الأصح الراجح ـ التزام مذهب فقهي معين، لأن ذلك مجرد تقليد (أي أخذ بقول الغير من غير معرفة دليله) وإيجاب التقليد تشريع شرع جديد، كما قال شارح مسلم الثبوت.
فلا مانع شرعاً من تقليد أئمة المذاهب والمجتهدين المشهورين والمغمورين، كما لامحذور في الشرع من التلفيق بين أقوال المذاهب عملاً بمبدأ اليسر في الدين لقوله تعالى:{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة:185/ 2]، ومن المعلوم أن أغلب الناس لامذهب لهم، وإنما مذهبهم مذهب مفتيهم، وهم حريصون على أن يكون عملهم شرعياً.
لكن في خضم هذا الاتجاه بالانتقاء من المذاهب، لابد من معرفة (الضوابط الشرعية للأخذ بأيسر المذاهب) وهو موضوع بحثنا، حتى لاينقلب الأمر فوضى، أو يصبح مجرد عمل بالرغبة المحضة والهوى الشخصي، بدون دليل شرعي، أو مسوغ مقبول، ولأن اختيار الأيسر نوع من الاجتهاد في تقديري.