الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«
فإذا وجدت الماء فأمسَّه جلدك، فإنه خير لك» ولو رفع الحدث لم يحتج إلى الماء إذا وجده، ولو رأى الماء يعود الحدث، مما يدل على أن الحدث لم يرتفع، لكن أبيح له أداء الصلاة مع قيام الحدث للضرورة، كمافي المستحاضة.
ويترتب عليه عكس الأحكام السابقة، إلا أن الحنابلة خلافاً للمالكية والشافعية أجازوا بالتيمم الواحد صلاة ما عليه من فرائض فوائت إن كانت عليه.
آراء المذاهب فيما يترتب على الاختلاف في نوع بدلية التيمم:
1 ً -
وقت التيمم:
قال الحنفية (1) القائلون بأن التيمم طهارة مطلقة: يجوز التيمم قبل الوقت، ولأكثر من فرض، ولغير الفرض من النوافل؛ لأن التيمم بدل مطلق عند عدم الماء، ويرتفع به الحدث إلى وقت وجود الماء، وليس ببدل ضروري مبيح مع قيام الحدث حقيقة، الذي هو قول الجمهور، فلا يجوز عندهم قبل الوقت، ولا يصلى به أكثر من فرض. ودليل الحنفية: أن التوقيت في العبادات لا يكون إلا بدليل سمعي، ولا دليل فيه، فيقاس على الوضوء، والوضوء يصح قبل الوقت.
وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة)(2): لا يصح التيمم إلا بعد دخول وقت ما يتيمم له من فرض أو نفل، فلا يتيمم لفرض قبل دخول وقت فعله، ولا لنفل معين أو مؤقت كسنن الفرائض الرواتب قبل وقتها.
أما الفريضة: فلقوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة} [المائدة:5/ 6]، والقيام إليها بعد دخول الوقت، ولما رواه البخاري من حديث «فأيما رجل من أمتي
(1) البدائع:54/ 1، الدر المختار وحاشية ابن عابدين:223/ 1
(2)
بدا ية المجتهد:65/ 1، القوانين الفقهية: ص37، مغني المحتاج:105/ 1، المهذب:34/ 1، كشاف القناع:184/ 1.
أدركته الصلاة فليصل» وما رواه أحمد: «أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت» أي تيممت وصليت، وهذا دليل على أن التيمم يكون عند إدراك الصلاة، أي بعد دخول وقتها.
وأما النفل: فلحديث أبي أمامة مرفوعاً قال: «جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجداً وطهوراً، فأينما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة، فعنده مسجده، وعنده طهوره» (1).
وأما الوضوء: فإنما جاز قبل الوقت، فلكونه رافعاً للحدث، بخلاف التيمم، فإنه طهارة ضرورة، فلم يجز قبل الوقت، كطهارة المستحاضة.
ويصح التيمم لركعتي الطواف كل وقت لإباحته، ويصح التيمم لفائتة تذكرها وأراد فعلها لصحة فعلها في كل وقت، ويصح التيمم لكسوف عند وجوده إن لم يكن وقت نهي عن الصلاة فيه (2)، ويصح التيمم لاستسقاء إذا اجتمعوا لصلاته، ولصلاة جنازة إذا غسل الميت، أو يمم لعذر، ولصلاة عيد إذا دخل وقته، ولمنذورة كل وقت. ويصح التيمم لنفل عند جواز فعله كتحية المسجد؛ لأن ذلك وقته.
واحترز بعبارة النفل المعين أو المؤقت عن النوافل المطلقة، فإنه يتيمم لها متى شاء، إلا في وقت الكراهة المنهي عنه؛ لأنه ليس وقتاً له.
(1) رواه أحمد، ورواه البخاري ومسلم والنسائي عن جابر بلفظ:«أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» .
(2)
تكره الصلاة النافلة في خمسة أوقات: بعد صلاة الفجر، وعند طلوع الشمس، وعند الزوال ظهراً، وبعد صلاة العصر، وعند الغروب.