الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما بفتح الواو فيطلق على الماء الذي يتوضأ به.
والوضوء شرعاً: نظافة مخصوصة (1)، أو هو أفعال مخصوصة مفتتحة بالنية (2). وهو غسل الوجه واليدين والرجلين، ومسح الرأس. وأوضح تعريف له هو: أنه استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة (أي السابقة) على صفة مخصوصة في الشرع (3). وحكمه الأصلي أي المقصود أصالة للصلاة: هو الفرضية، لأنه شرط لصحة الصلاة، بقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهَكم وأيديَكم إلى المرافقِ، وامسحوا برؤوسكم، وأرجلَكم إلى الكعبين} [المائدة:6/ 5]، وبقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» (4) وبإجماع الأمة على وجوبه.
وشُرع الوضوء بمكة وآيته في المدينة كما أوضح المحققون. والحكمة من غسل هذه الأعضاء هو كثرة تعرضها للأقذار والغبار والنُّفايات وغيرها.
وقد يعرض للوضوء أوصاف أخرى، فتجعله مندوباً، أو واجباً بتعبيرالحنفية (5)، أو ممنوعاً، لهذا قسمه الفقهاء أنواعاً، وذكروا له أوصافاً.
انقسام الوضوء عند الحنفية إلى خمسة أنواع
فقال الحنفية (6): الوضوء خمسة أنواع:
الأول ـ فرض:
أـ على المحدث إذا أراد القيام للصلاة فرضاً كانت أو نفلاً، كاملة، أو غير
(1) مراقي الفلاح: ص 9.
(2)
مغني المحتاج:47/ 1.
(3)
كشاف القناع:91/ 1.
(4)
رواه الشيخان.
(5)
الفرض عند الحنفية: هو الثابت بالدليل القطعي. والواجب: هو الثابت بدليل ظني فيه شبهة.
(6)
مراقي الفلاح: ص13وما بعدها.
كاملة كصلاة الجنازة وسجدة التلاوة (1)، للآية السابقة: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم
…
} [المائدة:6/ 5]، ولقوله عليه الصلاة والسلام:«لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» (2)«لا يقبل الله صلاة بغير طُهور، ولا صدقة من غُلُول» (3).
ب ـ ولأجل لمس القرآن، ولو آية مكتوبة على ورق أو حائط، أو نقود، لقوله تعالى:{لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة:79/ 56]، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يمس القرآن إلا طاهر» (4).
الثاني ـ واجب:
للطواف حول الكعبة، وقال الجمهور غير الحنفية. إنه فرض، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله قد أحل فيه النطق، فمن نطق فيه، فلا ينطق إلا بخير» (5).
قال الحنفية: ولما لم يكن الطواف صلاة حقيقية، لم تتوقف صحته على الطهارة، فيجب بتركه دم في الواجب، وبَدَنة في الفرض للجنابة، وصدقة في النفل بترك الوضوء
(1) هناك آيات في القرآن تسمى آيات السجدة، وعددها أربع عشرة آية عند الشافعية والحنابلة، إذا قرأها المؤمن سجد سجدة بنية وطهارة واستقبال القبلة، والسجدة واجبة عند الحنفية، سنة عند الجمهور.
(2)
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة (سبل السلام:40/ 1).
(3)
رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عمر، والغلول: الخيانة، وأصله السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة (نيل الأوطار:204/ 1).
(4)
رواه الأثرم والدارقطني، والحاكم والبيهقي والطبراني، ومالك في الموطأ مرسلاً، وهو حديث ضعيف، وقال ابن حجر: لا بأس به (نيل الأوطار:205/ 1).
(5)
رواه ابن حبان والحاكم والترمذي عن ابن عباس (نصب الراية:57/ 3).
الثالث ـ مندوب: في أحوال كثيرة منها ما يأتي (1):
أـ التوضؤ لكل صلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك» (2) ويندب تجديد الوضوء إذا كان قد أدى بالسابق صلاة: فرضاً أو نفلاً، لأنه نور على نور، وإن لم يؤد به عملاً مقصوداً شرعاً، كان إسرافاً (3)، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات» (4) كما يندب المداومة على الوضوء، لما روى ابن ماجه والحاكم وأحمد والبيهقي عن ثوبان:«استقيموا ولن تُحصْوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن» .
ب ـ مس الكتب الشرعية من تفسير وحديث واعتقاد وفقه ونحوها، لكن إذا كان القرآن أكثر من التفسير، حرم المس.
جـ ـ للنوم على طهارة وعقب الاستيقاظ من النوم مبادرة للطهارة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت» (5).
(1) انظر أيضاً مغني المحتاج:63/ 1.
(2)
رواه أحمد بإسناد صحيح عن أبي هريرة (نيل الأوطار:210/ 1).
(3)
رد المحتار لابن عابدين: 1/ 111.
(4)
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر، لكنه حديث ضعيف.
(5)
رواه أحمد والبخاري والترمذي عن البراء بن عازب. ويشير حديث الأمر بغسل اليد بعد اليقظة إلى المبادرة إلى الوضوء، روى ابن ماجه عن جابر مرفوعاً:«إذا قام أحدكم من النوم، فأراد أن يتوضاً، فلا يدخل يده في وضوئه، حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده، ولا على ما وضعها» (نصب الراية: 1/ 2).
د ـ قبل غسل الجنابة، وللجنب عند الأكل والشرب والنوم ومعاودة الوطء، لورود السنة به، قالت عائشة:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً، فأراد أن يأكل أو ينام، توضأ» (1) وقالت أيضاً: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب، غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة» (2) وقال أبو سعيد الخدري: «إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ» (3).
هـ ـ بعد ثورة الغضب، لأن الوضوء يطفئه، روى أحمد في مسنده:«فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» .
وـ لقراءة القرآن، ودراسة الحديث وروايته، ومطالعة كتب العلم الشرعي، عنايةً بشأنها، وكان مالك يتوضأ ويتطهر عند إملاء الحديث عن رسول الله، تعظيماً له.
ز ـ للأذان والإقامة وإلقاء خطبة ولو خطبة زواج، وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وللوقوف بعرفة، وللسعي بين الصفا والمروة، لأنها في أماكن عبادة.
ح ـ بعد ارتكاب خطيئة، من غيبة وكذب ونميمة ونحوها، لأن الحسنات تمحو السيئات، قال صلى الله عليه وسلم:«ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار صلاة بعد صلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» (4).
(1) رواه أحمد ومسلم، وهناك رواية أخرى للنسائي بمعناها.
(2)
رواه الجماعة.
(3)
رواه الجماعة إلا البخاري.
(4)
رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجه بمعناه عن أبي هريره، ورواه ابن ماجه أيضاً وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد الخدري (الترغيب والترهيب:158/ 1).