الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محافظة على أداء الصلاة في وقتها، فإن ظن أنه يدرك منها ركعة في وقتها إن توضأ أو اغتسل، فلا يتيمم.
والأظهر خلاف المشهور: أنه يجوز التيمم لعادم الماء وقت الأداء لحاضر (مقيم) صحيح لأداء جمعة، وصلاة جنازة، متعينة أم لا، خاف فواتها، ويصلي ولا يعيد.
كما يجوز التيمم لعادم الماء لأداء السنة والمندوب ومس المصحف، والطواف غير الواجب.
والخلاصة أن
أسباب التيمم ترجع إلى أمرين:
الأول: فقد الماء
، ويشمل حالة الحاجة إلى الماء ولو في المستقبل، وحالة الخوف من تلف المال، وخوف خروج الوقت بالطلب أو الاستعمال.
و
الثاني ـ العجز عن استعمال الماء
. ويشمل بقية الحالات. والأمر الثاني مقيس على الأمر الأول: وهو فاقد الماء المنصوص عليه في آية التيمم.
واتفق الفقهاء على أنه يجوز التيمم لاثنين: للمريض وللمسافر إذا عدم الماء.
هل تعاد الصلاة المؤداة بالتيمم
؟ اتفق الفقهاء على أن من تيمم لفقد الماء، وصلى، ثم وجد الماء بعد خروج الوقت (وقت الصلاة)، لا إعادة عليه. أما إن وجد الماء في الوقت، أو تيمم لأسباب أخرى ففيه اختلاف (1):
(1) المغني:243/ 1 وما بعدها،265،268، كشاف القناع:193/ 1 - 195،206، الشرح الصغير:190/ 1، مراقي الفلاح: ص19، الوجيز للغزالي:23/ 1، مغني المحتاج:101/ 1،106 وما بعدها، المهذب:36/ 1، المجموع:342/ 2 - 352.
قال الحنفية والمالكية والحنابلة: لا إعادة على من تيمم ثم وجد الماء في الوقت، ولا قضاء عليه بالتيمم للأسباب الأخرى، إلا أن المالكية قالوا: كل من أمر بالتيمم يعيد الصلاة في الوقت إذا كان مقصراً أي عنده نوع من التقصير في البحث عن الماء، أو طلبه.
واستثنى الحنفية: المحبوس الذي صلى بالتيمم فإنه يعيد الصلاة إن كان مقيماً في الحضر، ولا يعيدها في السفر. والأيسر الأخذ بهذا الرأي.
ودليلهم: ما روى أبو داود عن أبي سعيد: «أن رجلين خرجا في سفر، فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء، فتيمما صعيداً طيباً، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، فقال للذي لم يعد: أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك، وقال للذي أعاد: لك الأجر مرتين» .
وتيمم ابن عمر وهو يرى بيوت المدينة، وصلى العصر، ثم دخل المدينة، والشمس مرتفعة، فلم يعد.
ولأن المتيمم فعل ما أمر به، وأدى فرضه كما أمر، فلم يلزمه الإعادة، ولأن عدم الماء عذر معتاد، فإذا تيمم معه يجب أن يسقط فرض الصلاة، كالمرض، وماسقط لايعود إلى الذمة.
وذهب الحنابلة على المشهور في المذهب إلى أن المتيمم واجد الماء في الصلاة، ينتقض تيممه، وتبطل طهارته، ويعيد الطهارة ويستأنف الصلاة من جديد، لقوله صلى الله عليه وسلم:«الصعيد الطيب: وضوء المسلم، إن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجدت الماء، فأمِسَّه جلدك» (1) دل بمفهومه: على أنه لا يكون طهوراً عند وجود الماء،
(1) رواه أبو داود والحاكم والنسائي عن أبي ذر، وصححه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وبمنطوقه على وجوب إمساسه جلده عند وجوده، ولأنه قدر على استعمال الماء، فبطل تيممه كالخارج من الصلاة، ولأن التيمم طهارة ضرورة، فبطلت بزوال الضرورة، كطهارة المستحاضة إذا انقطع دمها.
وإن عدم الماء تيمم وصلى ولم يعد الصلاة؛ لأنها صلاة تيمم صحيح، وإن خاف العطش أبقى ماءه ولا إعادة عليه.
وقال الشافعية: إن تيمم لعدم الماء، ثم رأى الماء:
أـ فإن كان قبل الدخول في الصلاة، بطل تيممه، لأنه لم يشرع في المقصود، وللحديث السابق عن أبي ذر:«فإذا وجدت الماء، فأمسه جلدك» .
ب ـ وإن رأى الماء في أثناء الصلاة: فإن كان في الحضر بطل تيممه وصلاته؛ لأنه تلزمه الإعادة لوجود الماء، وقد وجد الماء، فوجب أن يشتغل بالإعادة. والأصح أن خروجه من الصلاة وقطعها ليتوضأ أفضل. وإن كان في السفر لم يبطل تيممه على المذهب؛ لأنه وجد الأصل بعد الشروع في المقصود، فلا يلزمه الانتقال إليه.
وإن رأى الماء في الصلاة في السفر، ثم نوى الإقامة، بطل تيممه وصلاته؛ لأنه اجتمع حكم السفر والحضر في الصلاة، فوجب أن يغلَّب حكم الحضر، ويصير كأنه تيمم وصلى، وهو حاضر، ثم رأى الماء.
جـ ـ وإن رأى الماء بعد الفراغ من الصلاة: إن كان في الحضر، أعاد الصلاة؛ لأن عدم الماء في الحضر عذر نادر غير متصل، فلم يسقط معه فرض الإعادة، كما لو صلى بنجاسة نسيها. وإن كان في السفر لا تلزمه الإعادة، سواء أكان السفر طويلاً أم قصيراً في أشهر القولين عن الشافعي.
وإن كان سفر معصية فالأصح أنه تجب عليه الإعادة كالمقيم؛ لأن سقوط الفرض بالتيمم رخصة تتعلق بالسفر، والسفر معصية، فلا تتعلق به رخصة.
وإن تيمم للمرض وصلى، ثم برئ، لم تلزمه الإعادة أي في الوقت؛ لأن المرض من الأعذار العامة، فهو كعدم الماء في السفر.
وإن تيمم لشدة البرد، وصلى، ثم زال البرد: فإن كان في الحضر، لزمه الإعادة؛ لأن ذلك من الأعذار النادرة. وإن كان في السفر ففيه قولان أرجحهما أنه تجب الإعادة، لأن البرد الذي يخاف منه الهلاك، ولا يجد ما يدفع ضرره عذر نادر غير متصل، فهو كعدم الماء في الحضر.
أما قضاء الصلاة المؤداة بالتيمم عند الشافعية: فقالوا فيه: يقضي المقيم المتيمم لفقد الماء، لا المسافر، إلا العاصي بسفره كالآبق والناشزة، فإنه يقضي في الأصح، لأنه ليس من أهل الرخصة.
ويقضي في الأظهر من تيمم في السفر للبرد، أو لمرض يمنع الماء مطلقاً (أي في جميع أعضاء الطهارة)، أو يمنع الماء في عضو من أعضاء الطهارة ولا ساتر عليه، أو بسبب وجود ساتر كجبيرة في محل التيمم (الوجه واليدين)، أو حالة وجود ساتر وضع على حدث في غير أعضاء التيمم.
والخلاصة: أن ما كان من الصلاة بعذر دائم كصلاة المستحاضة والمريض قاعداً، والمسافر: لا يقضي. وما كان منها بعذر لا يدوم وليس له بدل كفاقد الطهورين (الماء والتراب)، والمصلوب إذا صلى بالإيماء: يقضي، وما كان منها بعذر لا يدوم وله بدل كتيمم المقيم وتيمم المسافر لشدة البرد، ففي القضاء قولان أرجحهما أنه يقضي.