الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في المضمضة والاستنشاق:
وتسن المضمضة والاستنشاق ثلاثاً للحديث المتفق عليه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: أنه دعا بإناء، فأفرغ على كفيه ثلاث مرات، فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثم مسح برأسه، ثم غسل رِجليه ثلاث مرات إلى الكعبين. ثم قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وُضوئي هذا، ثم قال: من توضأ نحو وُضوئي هذا، ثم صلى ركعتين، لا يُحدِّث فيهما نفسه، غفَر الله له ما تقدم من ذنبه» (1) ولقوله عليه السلام فيما روى أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة عن عائشة: «عشر من الفطرة» وذكر منها (المضمضة والاستنشاق) والفطرة: السنة، ولأن الفم والأنف عضوان باطنان، فلا يجب غسلهما كباطن اللحية وداخل العينين، ولأن الوجه: ماتحصل به المواجهة ولا تحصل المواجهة بهما.
واتفق الفقهاء على أنه تسن المبالغة فيهما للمفطر غير الصائم، لقوله صلى الله عليه وسلم في رواية صحح ابن القطان إسنادها ـ:«إذا توضأت فأبلغ في المضمضة والاستنشاق ما لم تكن صائماً» ولحديث لَقِيط بن صَبْرة: «أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً» (2) ولا تسن المبالغة للصائم، بل تكره لخوف الإفطار.
والمبالغة في المضمضة: أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك ووجهي الأسنان واللثات. ويسن إمرار أصبع يده اليسرى على ذلك، وفي الاستنشاق: أن يصعد الماء بالنَّفَس إلى الخيشوم. ويسن إدارة الماء في الفم ومجه.
(1) نيل الأوطار: (1/ 139)، ويؤيده حديث ضعيف رواه الدارقطني عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ «المضمضة والاستنشاق سنة» .
(2)
صححه الترمذي وغيره، ورواه الخمسة (نيل الأوطار: 1/ 145).
ويسن الاستنثار للأمر به في خبر ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «استنثروا مرتين بالغتين، أو ثلاثاً» (1).
وعبارة الحنفية في المضمضة والاستنشاق: وهما سنتان مؤكدتان مشتملتان على سنن خمس: الترتيب، والتثليث، وتجديد الماء، وفعلهما باليمنى، والمبالغة فيهما بالغرغرة ومجاوزة المارن (أرنبة الأنف) لغير الصائم، لاحتمال الفساد أي الإفطار (2).
وقال المالكية: يندب فعل المضمضة والاستنشاق، بثلاث غرفات لكل منهما، ومبالغة مفطر.
ويرى الشافعية في الأصح أن الترتيب فيهما مستحق لا مستحب، بعكس تقديم اليمنى على اليسرى. والأظهر كما قال النووي في المنهاج: تفضيل الجمع على الفصل بين المضمضة والاستنشاق، بثلاث غرف، يتمضمض من كلٍ، ثم يستنشق، أي أن الجمع بغرفة لكليهما أفضل من فصلهما للأخبار الصحيحة في ذلك (3).
والمشهور في مذهب الحنابلة: أن المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين جميعاً: الوضوء والغسل، لأن غسل الوجه واجب فيهما، والفم والأنف من الوجه، ولحديث عائشة:«المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لابد منه» (4)، ولمداومته صلى الله عليه وسلم عليهما في كل حديث ذكر فيه صفة وضوء رسول الله
(1) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم وابن الجارود وصححه ابن القطان، وذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص ولم يذكره بضعف، وكذلك المنذري (نيل الأوطار: 1/ 146).
(2)
الدر المختار: 1/ 108.
(3)
مغني المحتاج: 1/ 58.
(4)
رواه أبو بكر في الشافي بإسناده، والدارقطني في سننه.