الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع ـ نواقض الوضوء:
النواقض جمع ناقضة وناقض، والنقض: إذا أضيف إلى الأجسام كنقض الحائط: يراد به إبطال تأليفها. وإذا أضيف إلى المعاني كالوضوء: يراد به إخراجها عن إقامة المطلوب بها، والمعنى الثاني هو المراد هنا، فمعنى ناقض الوضوء: إخراجه عن إفادة المقصود منه، كاستباحة الصلاة بالوضوء.
والنواقض أو المعاني الناقضة للوضوء المبطلة حكمه متفق على الكثير منها، مختلف في بعضها.
وهي عند الحنفية اثنا عشر ناقضاً، والمالكية: ثلاثة أنواع، والشافعية: خمسة أشياء، والحنابلة: ثمانية أنواع، وهي ما يأتي (1):
1ً -
كل خارج من أحد السبيلين:
معتاد كبول أو غائط أو ريح أو مذي أو ودي (2) أو مني، أو غير معتاد: كدودة وحصاة ودم قليلاً كان الخارج أو كثيراً، لقوله تعالى:{أو جاء أحد منكم من الغائط} [المائدة:6/ 5]، كناية عن الحدث من بول أو غائط، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ، فقال رجل من أهل حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فُسَاء أو ضراط» (3) وقوله عليه السلام: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» (4)، ولأن الخارج غير المعتاد
(1) فتح القدير: 1/ 24 - 37، تبيين الحقائق: 1/ 7 - 12، البدائع: 1/ 24 - 33، الدر المختار:124/ 1 - 138، اللباب: 1/ 17 - 20، مراقي الفلاح: ص14 وما بعدها، الشرح الصغير:135/ 1 - 148، الشرح الكبير: 1/ 114 - 116، القوانين الفقهية: ص24وما بعدها، المهذب: 1/ 22 - 25، حاشية الباجوري: 1/ 69 - 74، المجموع: 2/ 3 - 68، كشاف القناع:138/ 1 - 148، بداية المجتهد: 1/ 33 - 39، المغني:168/ 1 - 196.
(2)
الودي: ماء أبيض خاثر يخرج بأثر البول. والمذي: هو ماء أبيض رقيق يخرج عند الالتذاذ.
(3)
متفق عليه من حديث أبي هريرة (نيل الأوطار: 1/ 185).
(4)
رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة، قال عنه النووي: حديث صحيح، ولكن رمز له السيوطي بالضعف ورواه مسلم بلفظ آخر:«إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه، أخرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» (نيل الأوطار: 1/ 188).
خارج من السبيل، فأشبه المذي، ولأنه لا يخلو من بَلَّة تتعلق به، فينتقض الوضوء بها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة بالوضوء لكل صلاة، ودمها خارج غير معتاد (1).
واستثنى الحنفيةفي الأصح: ريح القبل فهو غير ناقض؛ لأنه اختلاج لا ريح، وإن كان ريحاً فهو لا نجاسة فيه. وغير الحنفية لم يستثنوا ذلك، للحديث السابق «أو ريح» فهو شامل للريح من القبل. والحق أنه كما قال ابن قدامة في المغني:«لا نعلم لهذا الريح وجوداً ولا نعلم وجوده في حق أحد» .
واستثنى المالكية الخارج غير المعتاد من المخرج في حالة الصحة، كالدم والقيح والحصى والدود، والريح أو الغائط من القبل، والبول من الدبر، والمني بغير لذة معتادة كمن حك لجرب أو هزته دابة فأمنى، فلا ينقض حتى ولو كان مع الحصى والدود أذى (أي بول أو غائط) بخلاف غيرهما، فلو خرج مع الدم والقيح أذى انتقض الوضوء (2). وكذا لا ينتقض الوضوء إن خرج شيء من ثقب إلا إذا كان تحت المعدة وانسد المخرجان المعتادان، فلا ينقض الوضوء بول أو غائط أو ريح من ثقبة فوق المعدة، سواء انسد المخرجان أو أحدهما أو لا، أما الخارج من ثقبة تحت المعدة، فإنه ينقض بشرط انسداد المخرجين لأنه صار بمنزلة الخارج من المخرجين نفسهما.
ولا ينتقض الوضوء عندهم بخروج شيء من السَّلَس الذي يلازم صاحبه
(1) روى أبو داود والدارقطني بإسناد موثوق عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش: «أنها كانت تستحاض، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذا كان دم الحيض، فإنه أسود يعرف، فإذا كان كذلك، فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي، فإنما هو دم عرق» فأمرها بالوضوء، ودمها غير معتاد، فيقاس عليه ما سواه، طاهراً كان الخارج كولد بلا دم، أو نجساً كالبول ونحوه.
(2)
والمشهور عند ابن رشد: أنه لا نقض بهما مطلقاً كالحصى والدود.