الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحرَّم المالكية على المعتمد كتابةالقرآن أو بعض منه للمحدث كحمله ومسَّه.
ويجوز عند الجمهور غير الحنابلة للصبيان كتابة القرآن ومسّه بقصد التعليم والتعلم للضرورة أو الحاجة ودفعاً للمشقة.
وأجاز المالكية للحائض والنفساء قراءة القرآن وحمله ومسّه أثناء التعليم والتعلم للضرورة، كما أجازوا لهما القراءة في غير حال التعلم إذا كان يسيراً كآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين وآيات الرُّقية للتداوي بقصد الاستشفاء بالقرآن.
المبحث الثاني ـ السواك:
تعريفه، حكمه، كيفيته، فوائده.
أولاً ـ تعريف السواك:
السواك لغة: الدلك وآلته. وشرعاً: استعمال عود أو نحوه كأشنان وصابون، في الأسنان وما حولها، ليذهب الصفرة وغيرها عنها.
ثانياً ـ حكمه:
السواك من سنن الفطرة (أي من السُّنَّة أو من الدين)، لأنه سبب لتطهير الفم وموجب لرضا الله على فاعله، قال عليه السلام:«السواك مَطْهرة للفم، مَرْضاة للرب» (1) وهو يدل على مطلق شرعيته دون تخصيص بوقت معين، ولا بحالة مخصوصة، فهو مسنون في كل وقت. وهو من السنن المؤكدة، وليس بواجب في حال من الأحوال، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل
(1) رواه عن عائشة أحمد والنسائي، وهو للبخاري تعليق، وابن حبان موصولاً (نيل الأوطار: 102/ 1).
صلاة» وفي رواية لأحمد: «لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء» (1) وللبخاري تعليقاً بصيغة الجزم - وتعليقاته هكذا صحيحة -: «لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» قال بعض الفقهاء: اتفق العلماء على أنه سنة مؤكدة لحث الشارع ومواظبته عليه، وترغيبه وندبه إليه.
وحكمه عند الفقهاء: أنه سنة عند الحنفية لكل وضوء عند المضمضة، ومن فضائل الوضوء قبل المضمضة عند المالكية، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» (2) إلاأنه إذا نسيه عند المضمضة في الوضوء فيندب للصلاة. وهو لدى الشافعية والحنابلة سنة مستحبة عند كل صلاة، لحديث أبي هريرة السابق برواية الجماعة:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» وسنة أيضاً عند الوضوء بعد غسل الكفين وقبل المضمضة ولتغير الفم أو الأسنان، بنوم أو أكل أو جوع أو سكوت طويل أو كلام كثير، لحديث حذيفة:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» (3) أي يدلكه بالسواك، وقيس بالنوم غيره بجامع التغير.
وكما أنه يتأكد للصلاة ولتغير الفم واصفرار الأسنان، يتأكد أيضاً لقراءة قرآن، أو حديث شرعي، ولعلم شرعي، ولذكر الله تعالى، ولنوم ويقظة، ولدخول منزله، وعند الاحتضار (4)، وفي السحَر، وللأكل، وبعد الوتر،
(1) رواه الجماعة، ويروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد، قال ابن منده: مجمع على صحته. ورواه مالك والشافعي مرفوعاً (المرجع السابق: 104/ 1).
(2)
رواه البخاري تعليقاً، والنسائي، وابن خزيمة في صحيحه، وصححه الحاكم عن أبي هريرة، ورواه الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب بإسناد حسن.
(3)
رواه الجماعة إلا الترمذي عن حذيفة، ولفظ الصحيحين:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك» (نيل الأوطار: 105/ 1).
(4)
ويقال: إنه يسهل خروج الروح، وورد «إن السواك شفاء من كل داء إلا السام» أي الموت (الشرح الصغير: 126/ 1).
وللصائم قبل الظهر (1). وأضاف الشافعية: ويسن التخلل قبل السواك وبعده ومن آثار الطعام.
وأدلة ذلك: ما روى الجماعة إلا البخاري والترمذي عن عائشة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك» وروى ابن ماجه عن أبي أمامة: «إني لأستاك، حتى لقد خشيت أن أُحفي مقادم فمي» (2) وعن عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرقد من ليل أو نهار، فيستيقظ، إلا تسوك، قبل أن يتوضأ» (3)، ولأن النوم والأكل ونحوهما يغير رائحة الفم، والسواك مشروع لإزالة رائحته وتطييبه.
ويكره عند الشافعية والحنابلة السواك للصائم بعد الزوال أي من وقت صلاة الظهر إلى أن تغرب الشمس، لخبر الصحيحين:«لخُلوف (4) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» وأطيبية الخلوف تدل على طلب إبقائه، فكرهت إزالته، وتزول الكراهة بالغروب؛ لأنه ليس بصائم الآن، واختصاصه بما بعد الزوال لأن تغير الفم بالصوم إنما يظهر حينئذ.
ولا يكره عند المالكية والحنفية السواك للصائم مطلقاً لعموم الأحاديث السابقة الدالة على استحباب السواك، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من خير خصال الصائم السواك» (5) وقال ربيعة بن عامر: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك،
(1) فتح القدير: 15/ 1 ومابعدها، اللباب: 14/ 1، الشرح الصغير: 124/ 1 - 126، المجموع: 329/ 1 - 342، الشرح الكبير: 102/ 1 وما بعدها، مغني المحتاج: 55/ 1 وما بعدها، المهذب: 13/ 1، المغني: 95/ 1 - 97، كشاف القناع: 78/ 1 - 81.
(2)
أي خشيت أن ترق ثناياي.
(3)
رواه أحمد وأبو داود.
(4)
الخلوف: تغير رائحة الفم، والخلوف بعد الزوال لخبر:«أعطيت أمتي في شهر رمضان خمساً، ثم قال: وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك» والمساء: بعد الزوال.
(5)
رواه ابن ماجه عن عائشة.