الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الحج والعمرة: لا بد فيهما من النية، وهي الإحرام: وهو نية الحج أو العمرة، أو هما، بأن يقول: نويت الحج أو العمرة وأحرمت به لله تعالى. وإن حج أو اعتمر عن غيره قال: نويت الحج أوالعمرة عن فلان، وأحرمت به لله تعالى. ثم يلبي عقب صلاة ركعتي الإحرام. وينعقد الإحرام عند الجمهور بالنية، ولا ينعقد عند الحنفية بمجردها، وإنما لابد من قرنه بقول أو فعل من خصائص الإحرام، كالتلبية أو التجرد، ويسن عند الحنفية النطق بما نوى بأن يقول الحاج المفرد: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني، ويقول المعتمر: اللهم إني أريد العمرة، فيسرها لي، وتقبلها مني، ويقول القارن: اللهم إني أريد العمرة والحج، فيسرهما لي وتقبلهما مني (1).
ونية الأضحية: أن تكون في رأي الشافعية والحنابلة عند ذبح الأضحية؛ لأن الذبح قربة في نفسه، ويكفيه أن ينوي بقلبه، ولا يشترط أن يتلفظ بالنية بلسانه؛ لأن النية عمل القلب، والذكر باللسان دليل عليها (2).
سادساً ـ الشك في النية، وتغييرها، والجمع بين عبادتين بنية واحدة:
الشك في النية: عني الشافعية والحنابلة (3) بأمر النية والشك فيها في العبادات، فقرروا أن الشك في أصل النية أو في شرطها يبطل العبادة. فإذا شك المصلي، هل نوى صلاة الظهر أو العصر، فلا يحسب له واحدة منهما، كما نص عليه الشافعي في الأم.
(1) القوانين الفقهية: ص131، البدائع: 161/ 2 ومابعدها، الشرح الصغير: 16/ 2،25، مغني المحتاج: 476/ 1 ومابعدها، المجموع: 226/ 7، المغني: 281/ 3 ومابعدها.
(2)
البدائع: 71/ 5، القوانين الفقهية: ص 187، مغني المحتاج: 289/ 4، كشاف القناع: 6/ 3.
(3)
أحكام النية للحسيني: ص48 - 51، 66، مغني المحتاج: 47/ 1، 148 ومابعدها، 252 وما بعدها، المغني: 142/ 1، 467، غاية المنتهى: 116/ 1، كشاف القناع: 396/ 1.
وإن شك المتطهر في النية في أثناء الطهارة، لزمه استئنافها؛ لأنها عبادة شك في شرطها، وهو فيها، فلم تصح كالصلاة. ولا يضر شكه في النية بعد فراغ الطهارة، كسائر العبادات.
وقرر الشافعية: أن النية شرط في جميع الصلاة، فلو شك في النية في صلاته، هل أتى بها أو لا، بطلت صلاته. وبطلان صلاته فيما إذا فعل مع الشك مالا يزاد مثله في الصلاة، وإن زيد بطلت كالركوع والسجود والرفع منهما.
أي أن صلاته تبطل إذا استمر في الشك بمقدار أداء ركن فعلي، فإن لم يمض ركن، وقصر الزمان، لم تبطل صلاته على المشهور، إلا إذا شك المسافر في نية القصر، ثم تذكر أنه نوى عن قرب، يلزمه الإتمام، لأن تلك اللحظة، وإن قصرت، فهي في حق المسافر محسوبة من الصلاة، مع تخلف نية القصر، وإذا مضى شيء من الصلاة مع تخلف نية القصر، غلب الإتمام، فإنه الأصل.
ومالا يشترط أصل نيته، فالشك فيه لا يمنع الجواز، واستحضار النية في أثناء الصلاة لا يشترط، فلو صلى ركعة من الظهر، فظن في الركعة الثانية أنها من العصر، ثم تذكر في الثالثة، صح ظهره، ولا يضر ظنه أنها من العصر؛ لأن مالا يجب أصل نيته، فالخطأ فيه لا يضر.،ولو شك في أصل النية، فأتى بفعل الصلاة على الشك، بطلت؛ لأن أصل النية، وإن لم يكن شرطاً، فاستدامة الحكم شرط.
وحكم الشك في شرط النية كالحكم في أصلها، فلو فاتته صلاتان، فعرفهما، فدخل في إحداهما بنية، ثم شك، فلم يدر أيتهما نوى، وصلى، لم تجزئه هذه الصلاة عن واحدة منهما، حتى يكون على يقين أو ظن غالب من التي نوى.
وكذلك قرر الحنابلة: إن شك في أثناء الصلاة، هل نوى أو لا؟ أو شك في تكبيرة الإحرام، استأنفها، كما قال الشافعية؛ لأن الأصل عدم ماشك فيه. فإن ذكر أنه قد نوى، أو كبر قبل قطعها، فله البناء أي الإكمال؛ لأنه لم يوجد مبطل لها. وإن عمل في الصلاة عملاً مع الشك، بطلت الصلاة، كما قال الشافعية.
تغيير النية: اتفق الفقهاء على أن المصلي إذا أحرم بفريضة، ثم نوى نقلها إلى فريضة أخرى، بطلت الاثنتان؛ لأنه قطع نية الأولى، ولم ينو الثانية عند الإحرام. فإن حول الفرض إلى نفل، فالأرجح عند الشافعية أنها تنقلب نفلاً؛ لأن نية الفرض تتضمن نية النفل، بدليل أنه لو أحرم بفرض، فبان أنه لم يدخل وقته، كانت صلاته نافلة، والفرض لم يصح، ولم يوجد ما يبطل النفل.
والحاصل: تبطل الصلاة بفسخ النية أو تردده فيها أو عزمه على إبطالها أو نية الخروج من الصلاة، أو إبطالها وإلغاء ما فعله من الصلاة، أو شكه هل نوى أو لا، أو بالانتقال من صلاة إلى أخرى (1).
الجمع بين عبادتين بنية واحدة:
قال الحنفية (2): إما أن يكون الجمع بين العبادتين في الوسائل أو في المقاصد.
فإن كان في الوسائل، فإن الكل صحيح، كما لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة، ارتفعت جنابته وحصل له ثواب غسل الجمعة. ومثله لو نوى الغسل للجمعة والعيد، فإنهما يحصلان.
وإن كان في المقاصد: فإما أن ينوي فرضين، أو نفلين، أو فرضاً ونفلاً.
أما
(1) كشاف القناع: 370/ 1، المغني: 468/ 1، فتح القدير285/ 1.
(2)
الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص39 وما بعدها.
الأول (نية الفرضين): فإن كان في الصلاة، لم تصح واحدة منهما، فلو نوى صلاتي فرض كالظهر والعصر، لم يصحا اتفاقاً. ولو نوى في الصوم القضاء والكفارة، كان عن القضاء. ولو نوى الزكاة وكفارة الظهار، جعله عن أيهما شاء. ولو نوى الزكاة وكفارة اليمين، فهو عن الزكاة. ولو نوى صلاة مكتوبة (مفروضة) وصلاة جنازة، فهي عن المكتوبة. وقد ظهر بهذا أنه إذا نوى فرضين: فإن كان أحدهما أقوى، انصرف إليه، فصوم القضاء أقوى من صوم الكفارة، وإن استويا في القوة، فإن كان في الصوم، فله الخيار ككفارة الظهار وكفارة اليمين، وكذلك الزكاة وكفارة الظهار. وأما الزكاة مع كفارة اليمين، فالزكاة أقوى، وأما في الصلاة فيقدم أيضاً، فقدمت المكتوبة على صلاة الجنازة.
وإن نوى فرضاً ونفلاً، فإن نوى الظهر والتطوع، أجزأه عن المكتوبة وبطل التطوع، في رأي أبي يوسف. وقال محمد: لا يجزئه شيء منهما. وإن نوى الزكاة والتطوع يكون عن الزكاة، وعند محمد عن التطوع. ولو نوى نافلة وجنازة فهي نافلة.
وأما إذا نوى نافلتين، كما إذا نوى بركعتي الفجر التحية والسنة أجزأت عنهما.
وأما التعدد في الحج: فلو أحرم نذراً ونفلاً، كان نفلاً، أو فرضاً وتطوعاً، كان تطوعاً عند أبي يوسف ومحمد في الأصح. ولو أحرم بحجتين معاً أو على التعاقب، لزماه عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وعند محمد: في المعية يلزمه إحداهما، وفي التعاقب الأولى فقط.
وإذا نوى عبادة ثم نوى في أثنائها الانتقال عنها إلى غيرها، فإن كبر ناوياً الانتقال إلى غيرها، صار خارجاً، كما إذا نوى تجديد الأولى وكبر.