الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقعت فيه نجاسة لم تغير أحد أوصافه، لكنه مكروه، مراعاة للخلاف (1).
والمتنجس عند أكثر الفقهاء لا ينتفع به ولا يستعمل في طهار ة ولا في غيرها إلا في نحو سقي بهيمة أو زرع، أو في حالة الضرورة كعطش.
قلة الماء وكثرته:
اختلف الفقهاء في حد القلة والكثرة: فالكثرة عند أبي حنيفة: هو أن يكون الماء من الكثرة بحيث إذا حركه آدمي من أحد طرفيه، لم تسْرِ الحركة إلى الطرف الثاني منه (2). والقلة: ما كان دون عشر في عشر من أذرعة العامة؛ كما تقدم.
ولا حد لكثرة في مذهب المالكية فلم يحدوا لها حداً مقدراً، والماء اليسير المكروه: هو ما كان قدر آنية الوضوء أو الغسل، فما دونها. فإذا حلت فيه نجاسة قليلة كالقطرة، ولم تغيره، فإنه يكره استعماله في رفع حدث أو إزالة خبث، أو متوقف على طهارة كالطهارة المسنونة والمستحبة، ولا كراهة في استعماله في العادات.
والحد الفاصل عند الشافعية والحنابلة بين القليل والكثير: هو القلتان (3)، من قُلال هجَر: وهو خمس قِرَب، في كل قربة مئة رطل عراقي، فتكون القلتان خمس مئة رطل بالعراقي.
(1) الشرح الكبير مع الدسوقي:37/ 1 ومابعدها،34، الشرح الصغير:31/ 1،36 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص30، بداية المجتهد:23/ 1، المهذب: 5/ 1 - 8، مغني المحتاج:21/ 1 ومابعدها. المغني:22/ 1 - 27، غاية المنتهي:9/ 1 ومابعدها، كشاف القناع: 37/ 1،39 ـ42،44 ومابعدها.
(2)
فتح القدير:55/ 1.
(3)
القلة: هي الجرة، سميت قلة لأنها تقل بالأيدي أو تحمل.
فإذا بلغ الماء قلتين، فوقعت فيه نجاسة، جامدة أو مائعة، ولم تغير طعمه أو لونه، أو ريحه، فهو طاهر مطهر، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا بلغ الماء قلتين، لم يحمل الخبَث» قال الحاكم: على شرط الشيخين (أي البخاري ومسلم)، وفي رواية لأبي داود وغيره بإسناد صحيح:«فإنه لا ينْجُس» وهو المراد بقوله: «لم يحمل الخبث» أي يدفع النجس ولا يقبله.
فإن وقعت النجاسة في مائع كثير غير مائع، ولو بمقدار قلتين فإنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة، لأن الماء يشق حفظه عن النجس، بخلاف غيره وإن كثر.
وإن تغير أحد أوصاف الماء الكثير (القلتين)، ولو تغيراً يسيراً، فنجس بالإجماع المخصص لحديث القلتين ولحديث الترمذي وابن حبان:«الماء لا ينجسه شيء» (1)، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت للماء طعماً أو لوناً أو رائحة، أنه نجس، ما دام كذلك. وقد روى أبو إمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه» رواه ابن ماجه، لكنه حديث ضعيف (2).
وأرجح رأي الشافعية والحنابلة في الأخذ بحديث القلتين الثابت الصحيح، وإن أعله الحنفية بالاضطراب وتعارض الروايات، إذ في رواية:«إذا بلغ ثلاث قلال» وفي رواية «قلة» كما أعلوه بجهالة قدر القلة، وقد أجاب الشافعية عن هذا كله (3).
(1) انظر نصب الراية:95/ 1، قال ابن حبان: وهذا مخصوص بحديث القلتين، وكلاهما (هذا والحديث الآتي) مخصوص بالإجماع أن الماء المتغير بنجاسة ينجس، قليلاً كان الماء أو كثيراً.
(2)
نصب الراية:94/ 1
(3)
سبل السلام:19/ 1