الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني ـ فرائض الوضوء:
نص القرآن الكريم على أركان أو فرائض أربعة للوضوء: وهي غسل الوجه، واليدين، والرجلين، ومسح الرأس، في قوله تعالى:{يا آيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم، وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم، وأرجلَكم إلى الكعبين} [المائدة:6/ 5].
وأضاف جمهور الفقهاء غير الحنفية بأدلة من السنة فرائض أخرى، اتفقوا فيها على النية، وأوجب المالكية والحنابلة الموالاة، كما أوجب الشافعية والحنابلة الترتيب، وأوجب المالكية أيضاً الدلك.
فتكون أركان الوضوء أربعة عند الحنفية هي المنصوص عليها، وسبعة عند المالكية بإضافة النية والدلك والموالاة، وستة عند الشافعية بإضافة النية والترتيب.
وسبعة عند الحنابلة والشيعة الإمامية بإضافة النية والترتيب والموالاة.
وبه يتبين أن أركان أو
الفرائض نوعان: متفق عليها، ومختلف فيها
.
النَّوعُ الأوَّل ـ فرائِضُ الوضوء المتَّفق عليها:
هي أربعة منصوص عليها في القرآن العظيم وهي:
أولاً ـ غسل الوجه:
لقوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم} [المائدة:6/ 5]، أي غسل ظاهر وجميع الوجه مرة (1)، وللإجماع (2).
(1) روى الجماعة إلا مسلماً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة (نيل الأوطار:172/ 1).
(2)
الدر المختار: 1/ 88، فتح القدير: 1/ 8 وما بعدها، البدائع: 1/ 3 وما بعدها، تبيين الحقائق:2/ 1، الشرح الصغير:104/ 1وما بعدها، الشرح الكبير:85/ 1، مغني المحتاج:50/ 1 وما بعدها، المهذب: 1/ 16، كشاف القناع: 1/ 92،106، المغني:114/ 1 - 120، بداية المجتهد: 1/ 10، القوانين الفقهية: ص 10.
والغسل: إسالة الماء على العضو بحيث يتقاطر، وأقله قطرتان في الأصح، ولا تكفي الإسالة بدون التقاطر، والمراد بالغسل، الانغسال، سواء أكان بفعل المتوضئ أم بغيره. والفرض هو الغسل مرة، أما تكرار الغسل ثلاث مرات فهو سنة وليس بفرض.
والوجه: ما يواجه به الإنسان. وحده طولاً: ما بين منابت شعر الرأس المعتاد، إلى منتهى الذقن، أو من مبدأ سطح الجبهة إلى أسفل الذقن. والذقن: منبت اللحية فوق الفك السفلي أو اللَّحْيين: أي العظمين اللذين تنبت عليها الأسنان السفلى. ومن الوجه: موضع الغمم: وهو ما ينبت عليه الشعر من الجبهة، وليس منه النزعتان (1): وهما بياضان يكتنفان الناصية: وهي مقدم الرأس من أعلى الجبين، وإنما النزعتان من الرأس؛ لأنهما في حد تدوير الرأس.
وحد الوجه عرضاً: ما بين شحمتي الأذنين. ويدخل في الوجه في الراجح عند الحنفية والشافعية البياض الذي بين العذار والأذن. وقال المالكية والحنابلة: إنه من الرأس. كما يدخل في الوجه في الأصح عند الحنابلة كما في المغني موضع التحذيف: وهو ما ينبت عليه الشعر الخفيف من طرفي الجبين بين ابتداء العذار والنزعة (2) لأن محله من الوجه. ولكن قال النووي: صحح الجمهور أي من الشافعية أن موضع التحذيف من الرأس، لاتصال شعره بشعر الرأس. وقال صاحب كشاف القناع الحنبلي: لا يدخل في الوجه تحذيف، وإنما هو من الرأس.
(1) يقال: رجل أنزع، ولا يقال: امرأة نزعاء، بل يقال: زعراء، والعرب تمدح بالنزع، وتذم بالغمم لأن الغمم يدل على البلادة والجبن والبخل، والنزع بضد ذلك.
(2)
وسمي بذلك لأن النساء والأشراف يحذفون الشعر عنه ليتسع الوجه وضابطه: أن تضع طرف خيط على رأس الأذن، والطرف الثاني على أعلى الجبهة، وتفرض هذا الخيط مستقيماً، فما نزل عنه إلى جانب الوجه، فهو موضع التحذيف.
والصدغان من الرأس: وهما فوق الأذنين، متصلان بالعذارين، لدخولهما في تدوير الرأس، ولا بد من إدخال جزء يسير من الرأس؛ لأنه مما لا يتم الواجب إلا به. وقال الحنابلة: يستحب تعاهد موضع المفصل (وهو ما بين اللحية والأذن) بالغسل، لأنه مما يغفل الناس عنه، وقال الشافعية: ويسن غسل موضع الصلع والتحذيف والنزعتين والصدغين مع الوجه، خروجاً من الخلاف في وجوب غسلها. ويجب غسل جزء من الرأس ومن الحلق ومن تحت الحنك ومن الأذنين، كما يجب أدنى زيادة في غسل اليدين والرجلين، على الواجب فيهما؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب.
ومن الوجه: ظاهر الشفتين (1) ومارن الأنف (مالان منه) وموضع الجدع من الأنف ونحوه، ولا يغسل المنضم من باطن الشفتين، ولا باطن العينين.
ويجب غسل الحاجب والهُدْب (الشعر النابت على أجفان العين) والعذار (الشعر النابت على العظم الناتئ المحاذي للأذن بين الصدغ والعارض)(2) والشارب وشعر الخد، والعنفقة (الشعر النابت على الشفة السفلى) واللِّحية (الشعر النابت على الذقن خاصة، وهي مجمع اللِّحْيين) الخفيفة، ظاهراً وباطناً، خفيفاً كان الشعر أو كثيفاً (3) لما روى مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم لرجل ترك موضع ظفر على قدمه:«ارجع فأحسن وضوءك» .
فإن كانت اللحية كثيفة لا ترى بشرتها، فيجب فقط غسل ظاهرها، ويسن تخليل باطنها، ولا يجب إيصال الماء إلى بشرة الجلد، لعسر إيصال الماء إليه، ولما
(1) وهو ما ظهر عند انطباقهما بلا تكلف.
(2)
العارض: صفحة الخد، أو هو القدر المحاذي للأذن من الوجه، أو ما نزل عن حد العذار.
(3)
الشعر الكثيف: ما يستر البشرة عن المخاطب، بخلاف الخفيف.