الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تابع (56) كتاب الجهاد
111 - بابُ عَزْمِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ فِيمَا يُطِيقُونَ
(بابُ عَزْمِ الإمامِ على الناسِ فيما يُطِيْقُون)
2964 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه: لَقَدْ أَتَانِي الْيَوْمَ رَجُلٌ فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا مُؤْدِيًا نشَيطًا، يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِي، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لَا نُحْصِيهَا، فَقُلْتُ لَهُ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أقولُ لَكَ، إِلَّا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلَّا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ سَأَلَ رَجُلًا فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لَا تَجِدُوهُ، وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ! مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا كَالثَّغْبِ؛ شُرِبَ صَفْوُهُ، وَبَقِيَ كَدَرُهُ.
(أرأيت)؛ أي: أَخْبِرْني، ففيه أمران: إطلاقُ الرواية وإرادةُ الإِخبار، وإطلاقُ الاستفهام وإرادة الأمر؛ كأنه قال: أخبرني عن أمر هذا الرجل.
(مُؤْديًا) ساكنَ الهمزةِ، خفيفةَ الياءِ: قويًّا، وقيل: كاملَ السلاح، تمامَ الأداة التي للحَرْبِ.
(أمرائنا) كان القياسُ: (أُمرائِه) لِيُوَافِقَ (رجلًا)، لكنْ لَمَّا كان (رجلًا) في معنى أحدِنا، أو صفتُه محذوفةٌ، أي: رجلًا منا حَسُنَ ذلك، وهو من بابِ الالتفات.
(نشيطًا) من النشاط.
(فيعزم) بالبناءِ للفاعل، أو المفعولِ.
(يحصيها)؛ أي: يُطِقْها، يُقال: عزمت على كذا عزمًا: إذا أردت فعلَه وقطعت عليه، وعزمت عليك بمعنى: أقسمتُ عليك.
(حتى) هو غايةٌ لقوله: (لا يعزم)، أو العزم الذي تعلَّق به المستثنى وهو مَرَّةٌ، وحاصل السؤال: أخبرني عن أمر هذا الرجل أَيَجِبُ عليه مطاوعةُ الأميرِ أو لا؟ فأجاب: أنه تَجِبُ المُطَاوَعَةُ، ويُعلَم ذلك من الاستثناء، إذ لولا صحتُه لَمَا أوجبَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم عليهم، أو اختيار التقوى، ويُحمَل عزمه صلى الله عليه وسلم تلك المَرَّةَ على ضرورةٍ
كانت باعثةً له عليه.
(وإذا شك في نفسه شيء) من باب القلبِ، إذ أصلُه: شكَّ نفسَه في شيءٍ، أو شَكَّ بمعنى لصق، و (شيء): أي: مما تردد فيه أنه جائز أو غير جائز.
(فشفاه)؛ أي: أزالَ مرضَ الترددِ عنه، وأجاب له بالحق.
(فأوشك)؛ أي: كادَ أن لا تجدوا في الدنيا جَلاء شيءٍ بالحق، ويشفي القلوب عن الشُّبَهِ والشُّكوك، أي: من تقوى الله، إلا أن يتقدَّمَ فيما يشك فيه، حتى يَسألَ مَن عنده علمُه، فيدلَّه على ما فيه الشفاء، أي: بعد موت الصحابة.
(غبر)؛ أي: بَقيَ، وإن كان الغُبُورُ من الأضداد، المضيِّ والبقاءِ.
(كالثَغَب) بفتح المثلَّثةِ، والمعجمةِ، وقد تُسَكَّنُ غَيْنُه: الغَديرُ من الماء، يكونُ في الظِّلِّ لا يصيبه شمسٌ فيَبْرُدَ ماؤه، فَشَبَّهَ ما بقي من الدنيا بما بقي من الغديرِ، ذَهَبَ صفوهُ، وبقيَ كدرُه.
* * *