الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا خَلَاقَ لَهُ"، ثُمَّ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ؟! فَقَالَ: "تَبِيعُهَا، أَوْ تُصِيبُ بِهَا بَعْضَ حَاجَتِكَ".
(إستبرق) هو مُعرَّب: إِسْتَبْرَه، زيدَ عليه القافُ، وكذا الدِّيباج.
(خلاق)؛ أي: نَصيبَ، سبَق في (الجمُعة)، في (باب: يلبَس أحسنَ ما يجِد).
* * *
178 - بابٌ كَيْفَ يُعْرَضُ الإِسْلَامُ عَلَى الصَّبِيِّ
؟
(باب: كيف يُعرَضُ الإِسلامُ على الصَّبي؟)
3055 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أتشْهَدُ أنِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أتشْهَدُ أَنِّي رَسولُ اللهِ؟ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ"، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَاذَا تَرَى"؟ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، قَالَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ"، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا"، قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ"، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ "ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ".
3056 -
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَأْتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِي فِيهِ ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهْوَ يَخْتِلُ ابْنَ صَيَّادٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صيَّادٍ مُضْطَجعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافِ! -وَهْوَ اسْمُهُ- فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ تَرَكَتْهُ بيَّنَ".
3057 -
وَقَالَ سَالِمٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ:"إنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نبَيٍّ إلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ سَأقولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نبَيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ".
(ابن صياد) هو غُلامٌ من اليهود كان يتكهَّنُ أحيانًا، فيصدُق ويَكذِب، فشَاعَ حديثُه، وتُحدِّث أنَّه الدَّجَّال، وأشكَلَ أمرُهُ، ولم يُبيِّن
الله لهم شيئًا، فأخَذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يسلُك طريقًا يختبر حالَه بها، وبيَّن أنَّه من الكُهَّان، وممن أشكَلَ أمرُهُ عليه ابن عُمر، وأبو سَعيد، وغيرُهما من الصَّحابة كما في "مسلم"، وغيره.
(أُطم) بضم الهمزة: البِناء المرتفِع، وقال الجَوهَري: هو مُخفَّفًا ومثقَّلًا، جمعُه: آطَام، وهي حُصون لأهل المدينة.
(مَغَالة) بفتح الميم، والمعجمة، وبلامٍ.
(خلط) بتخفيف اللام وتشديدها، أي: خُلِط عليك الحقُّ بالباطل على عادَة الكُهَّان.
(الأُميين)؛ أي: العرَب، فمَنطوقُه صحيحٌ، ومفهومُه باطِلٌ؛ لأنَّه رسولٌ إلى العجَم أَيضًا خلافًا لمَا يَزعُمه بعضُ اليَهود.
(آمنت بالله ورسوله) مطابقةُ هذا الجَواب للاستِفهام: أنَّه لمَّا أراد أن يُظهِر للقَوم حالَه أرخَى العِنان حتَّى يُبكِّتَه عند المُعتبِر، ولهذا قال له آخرًا:(اِخْسَأْ).
(خبأت)؛ أي؛ أضمَرتُ لك اسمَ الدُّخان، وقيل: آيةَ الدُّخان وهي: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10].
(الدُّخُّ) بضم المهملَة، وشدَّة المعجَمة: الدُّخان، وإنما امتحنَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه كان يَبلُغه ما يدَّعيه من الكلام في الغَيب، فأراد إبطالَ حالِه للصَّحابة بأنَّه كاهِنٌ يأْتيه الشَّيطان بما يُلقي للكُهَّان من كلمةٍ واحدةٍ اختطفَها عند الاستِراق قبْل أن يَتبعَه الشِّهاب الثَّاقِب، ولهذا
أظهَر الله تعالى إليهم بما نطَق به صَريحًا أنَّه يأْتيني صادِقٌ وكاذبٌ، ولو كان مُحِقًّا لَمَا أتاه إلَّا الصَّادِق.
ووقَع للحاكم أنَّه: الزح، بالزاي الذي هو الجِماع.
وقال (خ): أنَّ الدُّخَّ نباتٌ يُوجَد بين النَّخيل، قال: ولا معنى للدُّخان هنا.
والصَّواب أنَّه الدُّخُّ بالدَّال، وأنَّه الدُّخان، والدُّخُّ لغةٌ فيه، حكاه ابن دُرَيد، والجَوهَري، وحكى ابن السِّيْد فتْح الدال.
ومما يوضِّح المقصود رواية التِّرمِذي: (خبَأْتُ لكَ خِبْئًا)، وخَبَأ له:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] فقال ابن صَيَّاد: هو الدُّخُّ، قال: وإسناده صحيحٌ.
فإدراك ابن صَيَّاد من ذلك هذه الكلمة فقط على عادة الكُهَّان في اختِطاف بعض الشَّيء من الشَّياطين من غير وُقوفٍ على إتمام البَيان، ولهذا قال له:(اخسَأ) كلمةُ زَجْرٍ واستهانةٍ، أي: اسكُتْ صاغِرًا ذَليلًا.
(فلن تعدوَ) في بعضها بلا واوٍ، قال ابن مالك: الجزْم بـ (لَن) لغةٌ حكاها الكِسَائيُّ.
(قدرك)؛ أي: القَدْر الذي يُدركه الكُهَّان، والاهتداء إلى بعض الشَّيء، ولا يَتجاوز منها إلى النُّبوَّة.
(إن يكن هو)؛ في: الدَّجَّال.
(فلن تُسلط عليه) لأنَّ عِيْسَى عليه السلام -هو الذي يَقتلُه، وإنما لم يَقُل: إنْ يكن إيَّاه وإنْ كان المختار عند النُّحاة في (كان) الانفِصال، وعلى المُختار إنما يقال: إنْ يكن هُو؛ لأن الضَّمير المنفصِل المرفوعَ يقَع موقعَ المنصوب.
ويحتمل أن يكون تأكيدًا للمُستِكن، و (كان) تامةٌ، أو الخبر محذوفٌ، أي: إن يكن هو هذا، وأنْ يكون ضميرَ فَصْلٍ، والدَّجَّال المَحذوف خبرُه، وإنما لم يَقتُلْه النبيُّ صلى الله عليه وسلم مع ادعائه بحضْرته النبوَّةَ؛ لأنه غير بالِغٍ، أو هو من المُهادَنين مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(يَخْتل) بسُكون المعجَمة، وكسر المثنَّاة، أي: يخدعُه ليُعلم الصَّحابة حالَه في أنَّه كاهِنٌ حين يسمَعون منه شيئًا يدلُّ على كَهانته.
(رمرمة) براءَين، أو بزايين: الصَّوت الخَفيُّ.
(بين)؛ أي: يظهَر باختلاطِ كلامه ما يدلُّ على أنَّه شَيطانٌ.
وسبق الحديث في (الجنائز)، في (باب: إذا أسلَم الصبيُّ)، وفي غير ذلك.
(نوح) خُصَّ بالذِّكر؛ لأنه أبو البشَر الثاني، أو أنَّه أوَّل مُشرِّع.
(ليس بأعور) ذكَره -مع أنَّ الدَّلائلَ العقليَّة قاطعةٌ بكذبه- إظهارًا للحِسِّ مع العقل؛ لأنه يَفهمُه جُهَّال العَوامِّ؛ إذ هم تابعُوهم.
* * *