الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - بابُ قول الله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الى آخر السُّورة
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلهِ {مِنَ الْمُسْلِمِينَ} .
(باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [هود: 25])
قوله: (بادي الرأي)؛ أي: من قوله تعالى: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ} الآية [هود: 27].
(ما ظهر لنا) وقيل: إنَّ أوَّل النَّظر قبْل التأَمُّل.
(أقلعي)؛ أي: في قوله تعالى: {وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود: 44].
(وفار)؛ أي: من قوله تعالى: {وَفَارَ التَّنُّورُ} [هود: 40]{وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44]، أي: وهو جبَلٌ بالجَزيرة، وهي ما بين دِجْلة والفُرات.
(دأب)؛ أي: في قولى تعالى: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ} [غافر: 31].
* * *
3337 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ يُونس، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ سَالِمٌ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: "إِنِّي
لأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نبَيٍّ إِلَّا أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي أقولُ لَكُم فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نبَيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ الله لَيْسَ بِأَعْوَرَ".
الحديث الأول:
(لقد أنذر نوح) خصَّصه بعد أنْ قال أولًا: (ما مِنْ نبَيٍّ) إلى آخره، وهو عام؛ لأنَّ نوحًا أوَّل مَن أنذَر، وهدَّد قومه، وأما مَن سبَقه، فإنهم كانوا في الإرشاد مثلَ الآباء للأولاد، أو لأنه أول البشَر الثاني، وذُريته هم الباقون في الدُّنيا لا غيرُهم، أو لأنه أوَّل الرسُل المشرِّعين:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: 13].
* * *
3338 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَىَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُحَدِّثُكُم حَدِيثًا عَنِ الدَّجَّالِ مَا حَدَّثَ بِهِ نبَيٌّ قَوْمَهُ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجيءُ مَعَهُ بِمِثَالِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِي يَقُولُ: إِنَّها الْجَنَّةُ هِيَ النَّارُ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُم كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ".
الثاني:
(تمثال) بتاءٍ في أوله، أي: صُورة، وفي بعضها:(بمِثَالٍ) جار ومجرور.
(كما أنذر) وجْه الشَّبَه فيه الإنْذار المقيَّد بمجيء المثال في صُحبته، وإلا فالإنْذار لا يختصُّ به.
* * *
3339 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الأعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالح، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَجيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ، فيقُولُ اللهُ تَعَالَى: هلْ بَلَّغْتَ؟ فيقُولُ: نعمْ، أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ: هلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيقُولُونَ: لَا، مَا جَاءَناَ مِنْ نبِيٍّ، فَيقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشهدُ لَكَ؟ فَيقُولُ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتهُ، فَنَشهدُ أَنَّهُ قد بَلَّغَ، وَهْوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذكرهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}، وَالْوَسَطُ: الْعدلُ".
الثالث: ظاهرٌ.
* * *
3340 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نصرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: كنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تعْجبُهُ، فَنَهسَ مِنْها نَهْسَةً، وَقَالَ: "أَناَ سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هلْ تَدرُونَ بِمَنْ يَجْمَعُ اللهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعي، وَتَدنُو مِنْهُمُ الشَّمسُ، فَيقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى
مَا أَنتم فِيهِ إِلَى مَا بَلَغَكم؟ أَلَا تنظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُم إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَبُوكُم آدَمُ، فَيَأتُونهُ فَيقُولُونَ: يَا آدَمُ! أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ أَلَا تَرَى مَا نَحنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا؟ فَيقُولُ: رَبِّي غضِبَ غَضَبًا لَم يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَنهانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأتُونَ نُوحًا فَيقُولُونَ: يَا نُوحُ! أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللهُ عَبْدًا شَكُورًا، أَمَا تَرَى إِلَى مَا نحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا؟ أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ فَيقُولُ: رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِي نفسِي، ائتوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَأْتُوني، فَأَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَاشْفَع تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ". قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: لَا أَحْفَظُ سَائِرَهُ.
الرابع:
(دعوة)؛ أي: ضيافةٌ.
قال أبو زَيد: الدِّعوة -بكسر الدال- في النَّسَب، وبفتحها في الطَّعام إلا عَدِيُّ الرَّباب فإنهم يفتحون الدال في النَّسَب، ويكسرونها في الطَّعام.
وقال صاحب "المثلَّث": الطَّعام المَدعوُّ إليه بالضم عن قُطْرُب،
وبالفتْح عن غيره، وقد تُكسرُ.
(يحب الزراع)؛ أي: لنُضجِها، وسُرعة استِمرائها مع لذَّتها وحَلاوة مَذاقها.
(فنهس) بالمهملة: الأَخْذ بأطْراف الأسنان، وبالمعجَمة: الأَخْذ بالأضْراس، وقيل: هما بمعنى.
(يوم القيامة) ليس لتقْييد سيادته؛ لأنَّ السيادة له في الدُّنيا أيضًا، وإنما لأنَّ القصَّة عن يوم القيامة.
(صعيد)؛ أي: أرض واسعة مستوية.
(فيبصرهم الناظر)؛ أي: يُحيط بهم بصَره، لا يخفى عليه شيءٌ منهم؛ لاستواء الأرض، وعدَم الحِجاب.
(إلى ما بلغكم) بدَلٌ.
(من روحه) الإضافة فيه للتَّشريف، كما يُقال: عبد الخليفة.
(فيقول: رب) كذا وقَع، وصوابه: ربي؛ لأنه الفاعل.
(غضب) المراد لازمُه، وهو إرادة إيصال الشرِّ.
قال (ن): المراد ما يظهر من انتِقامه ممن عصَاه، وما يُشاهده أهل الجمع من الأهوال التي لم يكُن ولا يكُون مثلُها.
(نفسي نفسي)؛ أي: هي التي تستحقُّ أن يُشفَع لها؛ إذ المبتدأ والخبر إذا كانا متحدَين، فالمراد بعض لوازمه، أو هو مبتدأٌ خبره محذوفٌ، أو عكسه.
(أول الرسل) إنما قالوا ذلك لنوح؛ لأنه آدم الثاني، أو أول رسولٍ هلكَ قومه، أو أن آدم وغيره قد خَرج بقوله:(إلى أهْل الأرض)؛ لأنها لم تكن لها أهلٌ حينئذٍ، أو لأن رسالته كانت بمنزلة التربية للأولاد.
وزعم (ط): أن آدم ليس برسولٍ.
(فأسجد) جاء في "مسند أحمد": (قَدر جمُعة).
(تُشفع) من التشفيع، وهو قَبول الشفاعة.
(سائره)؛ أي: باقيَهُ؛ لأنه مُطوَّلٌ عُلم من سائر الروايات.
* * *
3341 -
حَدَّثَنَا نصرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} مِثْلَ قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ.
الخامس:
(مثل قراءة العامة)؛ أي: بالإدغام، وإهمال الدال، وبه قرأ السَّبْعة، وفي الشاذِّ قراءتُه بالفَكِّ، وبإعجام الذال.
وأصل ذلك كله أن أصله مُذتَكِرٍ، بذالٍ معجمةٍ، وتاء، وهما متقاربان، وأولهما ساكنٌ، والثَّاني مَهمُوسٌ، فأُبدل بمجْهور يُقاربه في المَخرَج، وهو دالٌ مهملةٌ، ثم قُلبت الذَّال المعجمة مهملةً،