الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوْعًا يضرُّكم، وسبَق الحديث.
* * *
166 - بابُ مَنْ رَأَى الْعَدُوَّ فَنَادَى بأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا صَبَاحَاهْ! حَتَّى يُسْمِعَ النَّاسَ
(باب مَن رأَى العَدوَّ فنادَى بصَوته: يا صَباحَاه!)
هو مُنادىً مُستغَاثٌ، فالألف للاستِغاثة، والهاء للسَّكت، وكأنه نادى النَّاسَ استغاثةً بهم في وقت الصَّباح، أي: في وقْت الغَارَة، فهي كلمةٌ يقولها المستَغيث.
3041 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْغَابَةِ لَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قُلْتُ: وَيْحَكَ! مَا بِكَ؟ قَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ، فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ أَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا: يَا صَبَاحَاهْ! يَا صَبَاحَاهْ! ثُمَّ انْدَفَعْتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ وَقَدْ أَخَذُوهَا، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأقولُ:
أَناَ ابْنُ الأَكْوَعِ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ، فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ!
إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ، وَإِنِّي أَعْجَلْتُهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ، فَابْعَثْ فِي إِثْرِهِمْ، فَقَالَ:"يَا ابْنَ الأَكْوَعِ! مَلَكْتَ فَأَسْحِجْ، إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِي قَوْمِهِمْ".
(الغابة) بالمعجمة، وخفَّة الموحَّدة: الأجَمَة موضعٌ بالحِجاز.
(لِقَاح) بكسر اللام: الإبِل، الواحِدة: لقُوح، وقال (خ): لِقْحَة، وهي الحَلُوب.
(غَطَفَان) بفتح المعجمة، والمهملَة بعدها، والفاء.
(وفَزارة) بفتح الفاء، وتخفيف الزَّاي، وبعد الألف راءٌ: قَبيلتان.
(لابتيها)؛ أي: الحَرَّتان.
(اندفعت)؛ أي: أسرَعتْ في السَّيْر.
(الرضع) جمع: راضع، ومُراده يومَ هلاكِ اللِّئام، مِن قولهم: لَئيمٌ راضعٌ، وهو الذي رضع اللُّؤمَ من ثَدي أُمِّه.
وقيل: لعلَّهم الذي يَرضعون بأنفُسهم اللَّبَن من الشَّاة من غير حَلْبٍ من اللُّؤم، أو لأنهم يرضعون بالشَّخْلة من غير أن تُحلب أُمُّها؛ لئلا يسمَع الطَّارِق الصَّوتَ.
وقيل: معناه: اليوم يعرف من رضع كريمةً فأنجبتْه، أو لئيمةً فهجنتْه، أو اليوم يعرف من أرضعتْه الحرب مِن صِغَره وتَدَرَّب بها من غيره.
قال السُّهَيْلي: (اليومُ يومُ) بالرفع فيهما، وبنصب الأول، ورفع
الثَّاني حكى سِيْبَوَيْهِ: اليومَ يومُك على أن تجعل اليوم ظَرفًا في موضعِ خبرٍ للثَّاني، لا لأنَّ ظُروف الزَّمان يخبَر بها عن زمانٍ مثلِها إذا كان الظَّرف متسِعًا ولا يَضيق عن الثاني.
قال الجَوْهَري: زعَموا أنَّ رجُلًا كان يرضَع غنَمه ولا يَحلبها لئلا يُسمَع صوتُ حلْبه منه، ثم قالوا: رُضع الشَّيءُ بالضَّم، كأنه كالشَّيء يطبع عليه.
(خذها)؛ أي: الرَّمية، وهي كلمةٌ تُقال عند التَّمدُّح.
(أعجلتهم)؛ أي: عجلتهم.
(سِقيهم) بكسر السين: الحظُّ مِن الشُّرب.
(أن يشربوا) مفعولٌ له، أي: كَراهةَ شُربهم.
(ملكت) مشتقٌّ من المِلْكة، وهي أن يَغلِب عليهم فيَستعبدَهم وهم في الأصل أحرارٌ.
(فأسجح) بمهملةٍ، ثم جيمٍ، ثم مهملةٍ: حُسْنُ العَفْو، أي: اِرفِقْ ولا تأْخُذ بالشِّدَّة، هذا من أمثال العرَب.
(يُقْرَون)؛ أي: يُضَافُون، والغرَض أنَّهم وصَلوا إلى غَطَفَان وهم يُضيِّفونهم ويُساعدونهم، فلا فائدةَ في الحالِ في التَّعَب في الأثَر؛ لأنهم لَحِقُوا بأصحابهم.
ويحتمل أن يُشتقَّ من القَرْيِ بمعنى الاتَّباع.
قال (ن): وفيه معجزةٌ حيث أخبر صلى الله عليه وسلم بأنهم يُقْرَون في