الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - بابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ، وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: مُطَهَّرةٌ مِنَ الْحَيْضِ وَالْبَوْلِ وَالْبُزَاقِ. {كُلَّمَا رُزِقُوا} : أتوا بِشَيْءٍ ثُمَّ أتوا بِآَخَرَ. {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} : أُتِينَا مِنْ قَبْلُ. {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} : يُشْبِهُ بعضُهُ بعضًا، وَيَخْتَلِفُ فِي الطُّعُومِ. {قُطُوفُهَا}: يَقْطِفُونَ كيْفَ شَاءُوا. {دَانِيَةٌ} : قَرِيبَةٌ.
(الأَرَائِكُ):السُّرُرُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: النَّضْرَةُ فِي الْوُجُوه، وَالسُّرُورُ فِي الْقَلْبِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {سَلْسَبِيلًا} : حَدِيدَةُ الْجِزيَةِ. {غَوْلٌ} : وَجَعُ الْبَطْنِ. {يُنْزَفُونَ} : لَا تَذْهَبُ عُقُولُهم.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {دِهَاقًا} : مُمتَلِئًا. {وَكَوَاعِبَ} : نَوَاهِدَ. (الرَّحِيقُ): الْخَمرُ. (التَّسْنِيمُ): يَعلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ. {خِتَامُهُ} : طِينُهُ {مِسْكٌ} . {نَضَاخَتَانٍ} : فَيَّاضَتَانِ. يُقَالُ: {موضُونَةِ} : مَنْسُوجَة، مِنْهُ: وَضِينُ النَّاقَةِ. وَ (الْكُوبُ): مَا لَا أُذُنَ لَهُ وَلَا عُروَةَ، وَ (الأَبَارِيق): ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَا. {عُرُبًا} : مُثَقَّلَةً، وَاحِدُهَا: عَرُوبٌ، مِثْلُ: صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ: الْعَرِبَةَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ: الْغَنِجَةَ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: الشَّكِلَةَ.
وَقَالَ مُجَاهدٌ: {رُوحُ} : جَنَّةٌ وَرَخَاء، {وَاَلرَّيحَانُ}: الرِّزْقُ.
وَ (الْمَنْضُودُ): الْمَوْزُ، وَ (الْمَخْضُودُ): الْمُوقَرُ حَملًا، وَيُقَالُ أَيْضًا: لَا شَوْكَ لَهُ. وَ (الْعُرُبُ): الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ. وَيُقَالُ: (مَسْكُوبٌ): جَارٍ. وَ {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} : بَعضُهَا فَوْقَ بعضٍ. {لَغْوًا} : بَاطِلًا. {تَأْثِيمًا} : كَذِبًا. (أفنَان): أغْصَانٌ. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} : مَا يُجْتَنَى قَرِيب؛ {مُدْهَامَّتَانِ} : سَوْداوَانِ مِنَ الرِّيِّ.
(باب ما جاءَ في صِفَة الجنَّة، وأنَّها مَخلوقةٌ)
قال أهل السنَّة والجماعة: الجنَّة والنَّار مخلوقتان اليوم، والمعتزلة: تُخلَقان يوم القِيامة.
(مُطهرة)؛ أي؛ في قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25].
(بآخر) التَّكرار مُستفادٌ من لفْظ: (كلَّما).
(يقطفون) فسَّرته قُطوف؛ لأنه جعل: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23] جملةً حاليةً، وأخذ لازِمَها.
(وقال الحسن)؛ أي: في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11].
(غول)؛ أي: في قوله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47].
(دهاقًا)؛ أي: في قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا} الآية [النبأ: 33، 34]، فسَّره قبْل كَواعب.
(ختامه)؛ أي: في قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 26].
(طينه)؛ أي: الطِّيْن الذي يُختم به.
(التسنيم)؛ أي: من قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين: 27].
قال الجَوْهَري: اسم ماء في الجنَّة؛ سُمي بذلك لأنَّه جرَى فوق الغُرَف والقُصور.
(موضونة)؛ أي: في قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15].
(ومنه وضين الناقة)، وهو كالحِزَام للسَّرج.
(والكوب)، أي: واحدُ الأكَواب في قوله تعالى: {بِأَكْوَابٍ} [الواقعة: 18].
(عربًا)؛ أي: في قوله تعالى: {عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 37].
(عربًا مثقلة)؛ أي: مضمومة الراء.
(عروب) هي المُتحبِّبة إلى الزَّوج، الحسَنة التبعُّل، وقرأ:{عُرُبًا} [الواقعة: 37] بسُكون الراء أيضًا.
(العربة)، أي: بفتْح العين، وكسر الراء.
(الغنجة) بفتْح المعجمة، وكسر النون.
(الشكلة) بفتح المعجمة، وكسر الكاف.
(والمنضود)؛ أي: في قوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} الآية [الواقعة: 28].
قال (ع): هكذا في جميع النُّسَخ، أي: تفسير المنْضُود بالمَوز، والمخضُود بالمُوقَر حملًا، قال: وصوابُه: الطَّلْحُ المنضُود: المَوز، والمنْضُود: الموقَر حَملًا الذي نُضِّد بعضُه فوق بعض؛ لكثْرة حمله.
وعن السُّدِّي: الطَّلْح المَنْضُود: شجَرٌ يُشبه طَلْح الدُّنيا لكثْرة ثَمره أَحلى من العسَل.
(لا شوك له) هو المَشهور في التَّفسير، [أي: المَخضُود: مَنْزُوع الشَّوك، وخَضَدتُ الشَّجر: نظَّفتُ شَوكه؛ لكن المُراد هنا خَلْقٌ لا شَوكَ له، وقدَّم على تفسير] مخضُود تَفسيرَ منْضُود، وهو في القُرآن بعدَه.
(جارٍ)؛ أي: لا ينقطِعُ جرَيانه، وقيل: الجاري في غير أُخدودٍ.
(تأثيمًا)؛ أي: في قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا} [الواقعة: 25].
(أفنان)؛ أي: من قوله تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48].
* * *
3240 -
حَدَّثَنَا أحمَدُ بْنُ يُونس، حَدَّثَنَا اللَّيث بْنُ سَعد، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ أَحَدكم فَإِنَّهُ يُعرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ".
الحديث الأول:
(فمن أهل الجنة) الجواب وإنْ كان يُعيِّن لفْظ الشَّرط، فالمراد إنْ كان مِن أهل الجنة فيُعرَض عليه مَقْعدٌ من مَقاعد أهل الجنَّة.
* * *
3241 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَليدِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اطَّلَعتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أكثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلعتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أكثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءِ".
الثاني:
سبق شرحه مرَّات.
* * *
3242 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مريَمَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا نحنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ قَالَ:"بَيْنَا أَناَ ناَئمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امرَأة تتوَضّأُ إِلَى جَانِبِ قصرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقصر؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرتُ غَيْرتهُ، فَوَلَّيْتُ مُدبِرًا"، فَبَكَى عُمَرُ، وَقَالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللهِ؟
الثالث:
(يتوضأ) من الوضاءَة، وهي الحُسْن والنَّظافة، ويحتمل أنه من الوُضوء.
(غَيرته) بفتْح المعجمة: مصدرُ غارَ الرجل على أَهله.
* * *
3243 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: سَمعتُ أَبَا عِمرَانَ الْجَوْنيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَلَاثُونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لَا يَرَاهم الآخَرُونَ". قَالَ أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمرَانَ: سِتُّونَ مِيلًا.
الرابع:
(الخيمة) الإشارة بها إلى ما في قوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72].
(قال ابن عبد الصمد) موصول في (سورة الرحمن).
(والحارث) وصلَه مسلم.
* * *
3244 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللهُ:
أَعدَدتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنَ رَأَتْ، وَلَا أُذُنَ سمَعَت، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئتم:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} .
الخامس:
معناه ظاهرٌ.
* * *
3245 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا معمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ زُمرَةٍ تَلِجُ الْجنةَ صُورتهم عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبدرِ، لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلَا يَمتَخِطُونَ، وَلَا يتَغَوَّطُونَ، آنِيتهم فِيهَا الذَّهَبُ، أَمشَاطُهُم مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الألوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، ولكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقهِمَا مِنْ وَرَاءَ اللحم مِنَ الْحُسْنِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهم وَلَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهم قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا".
السادس:
(لا يتغوطون) من الغائِط، وكنَّى به هنا عن الخارِج من السَّبيلين معًا.
(ومجامرهم)؛ أي: عُود مَجامِرهم؛ قالَه الزمخشَري، وقال (ع): مَجامِرهم، أي: بَخُورهم، وقد يكون جمع: مَجمَر، أي:
الآلة التي يُتبخَّر بها، فسُمي بها البَخُور، ويُؤيِّد الأولَ الرَوايةُ الثانية:(وَقُود مجامِرهم) كأنه أراد الجمر الذي يُطرَح عليه.
قال الإِسْماعِيليُّ في "المُستخرَج": ويُنظَر، هل في الجنة نارٌ؟.
(الأُلوة) بضم الهمزة وفتحها، وضم اللام، وتشديد الواو: العُود الذي يُتبخَّر به، ورُوي بكسر اللام أيضًا، وهو فارسيٌّ مُعرَّبٌ، هو أَجْوَد العُود الهِنْدي، والمراد بالأُلُوَّة الجنْس، فلذلك أخبر به -وهو مُفرَدٌ- عن مَجامِر، وهو جمعٌ.
(ورشحهم)؛ أي: عَرَقُهم.
(المسك)؛ أي: كالمِسْك في طِيب الرائحة.
(زوجتان) الأقلُّ في زوجةٍ بالتاء، والأَشهر خِلاف التاء، ووجْه التَّثنية مع أنّه قد يكون له أكثَر؛ إما بالنَّظَر إلى ما في قوله تعالى:{جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46]، و {عينَانِ} [الرحمن: 50]، و {مُدْهَامَّانِ} [الرحمن: 64]، أو أُريد التَّكرير والتَّكثير، نحو لبَّيكَ، وسَعدَيك، أو باعتبار صِنْفين: كبيرةٍ وصغيرةٍ، طويلةٍ وقصيرة، وغير ذلك.
* * *
3246 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّناَدِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهمْ
وَلَا تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لَا يَسْقَمُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ، وَلَا يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الأُلُوَّةُ -قَالَ أَبُو الْيَمَانِ: يَعْنِي: الْعُودَ-، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ". وَقَالَ مُجَاهِدٌ:(الإبْكَارُ): أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَ (الْعَشِيُّ): مَيْلُ الشَّمْسِ أَنْ تُرَاهُ تَغْرُبَ.
(وَقُود) بفتح الواو.
قال (خ): أراد الجَمْر الذي يُطرَح عليه البَخُور، ولا يُنافي ذلك الرِّواية الأُخرى:(مَجامِرُهم الأُلُوَّة)؛ لجَواز أنْ يكون فيها عُودٌ، وكذا لا يُنافي ما هنا أنَّ آنيتهم الذَّهب والفِضَّة، وهناك الذَّهب، وفي الأَمْشاط بالعكس؛ لأنه اكتفَى في الموضوعين بذِكْر أحدهما فى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا} [التوبة: 34]، وخصص هنا الذَّهب؛ لأنه أكثَر من الفِضَّة جزاءً، أو جِرْمًا، أو لأنه أكثر وأنفَس، أو أنَّ ذلك حالَ الزُّمرة الأُولى خاصَّةً، فآنيتُهم كلُّها من الذَّهب لشرَفهم، وهذا أعمُّ، فتفاوتت الأَواني بحسَب تفاوُت أصحابها، وأما الأَمشاط فلا تفاوُت بينهم فيها، ولم يذكر الفِضَّة هنا؛ لأنه في الزُّمرة الأُولى تكون الفضَّة من بابٍ أَولى.
(أُراهُ) بالضم، أي: أظنُّه، وهو جملةٌ معترضةٌ، يعني: مبدأ العشي معلومٌ، وآخرُه مظنونٌ.
* * *
3247 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَيَدخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ ألفًا -أَوْ سَبْعُمِائَةِ ألفٍ- لَا يَدخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدخُلَ آخِرُهُمْ، وَجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدرِ".
الحديث السابع:
(لا يدخل أولهم) لا يُقال: فيه دَورٌ؛ لأن آخرَهم أيضًا لا يدخُل حتى يدخل أوَّلهم؛ لأنا نقول: هو دَورٌ معيٌّ، وإنما المُحال الدَّور السَّبْقيُّ، والقصد أنهم يدخُلون معًا.
* * *
3248 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعفِيُّ، حَدَّثَنَا يُونس بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قتادَةَ، حَدَّثَنَا أَنسٌ رضي الله عنه، قَالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكانَ يَنْهى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجبَ النَّاسُ مِنها، فَقَالَ:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَمَنَادِيلُ سَعدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هذَا".
3249 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلينهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ هذَا".
الثامن، والتاسع:
(أفضل)؛ أي: أشرَف.
وسبق الحديث في (باب: قبول الهدية من المشركين).
* * *
3250 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَوْضعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيها".
3251 -
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّها مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُها".
3252 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّها مِائَةَ سَنَةٍ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئتم {وظِلٍّ مَمْدُودٍ} ".
3253 -
: "وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكم فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمسُ أَوْ تَغْرُبُ".
العاشر، والحادي عشر:
تقدَّم شرح ذلك مرَّاتٍ.
* * *
3254 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْح، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرّحمَنِ بْنِ أَبِي عَمرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"أَوَّلُ زُمرَةٍ تَدخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهم كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُم عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا تَبَاغُضَ بَيْنَهُم وَلَا تَحَاسُدَ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْم وَاللَّحم".
الثاني عشر:
(دُرِّي) فيه لُغتان: ضَمُّ الدال، وشدَّة الراء والياء أيضًا بلا همزٍ، والثانية: بالهمز، والثالثة: بكسر الدال مهموزًا، وهو الكَوكب العظيم البَرَّاق، سُمي به لبَياضه كالدُّرِّ، وقيل: لضَوئه، وقيل: لشبَهه بالدُّرِّ لكونه أرفَع النُّجوم كما أنَّ الدُّرَّ أرفَع الجَواهر.
* * *
3255 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنهالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: أَخْبَرَني قَالَ: سَمعْتُ الْبَرَاء رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لمَا مَاتَ
إِبْرَاهِيمُ، قَالَ:"إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ".
الثالث عشر:
(مرضعًا) هي التي مِن شأنها الإرضاع، وأما في حالِ الرَّضاع، فيُقال: مُرضعةٌ بالتاء.
وسبق في (الجنائز)، في (باب: ما جاء في أولاد المسلمين).
* * *
3256 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنسٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّة يتَرَاءيونَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهم كمَا تترَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهم"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُها غَيْرُهم، قَالَ:"بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ".
الرابع عشر:
(الغابر) بمعجمةٍ وموحدةٍ، أي: الذَّاهِب الماضي الذي تدلَّى للغُروب وبَعُدَ عن العُيون، وفي بعضها:(الغائِر) من الغَور.
(قال: بلى)؛ أي: يبلُغها المؤمنون المصدِّقون؛ فإن قيل: فلا يبقَى في غير الغُرَف أحدٌ؛ لأنَّ أهل الجنَّة كلَّهم مؤمنون مصدِّقون؟،