الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - باب قوله عز وجل: {ونَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}
قَوْلُهُ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} .
(باب قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} [الحجر: 51])
3372 -
حَدَّثَنَا أَحمَدُ بْنُ صَالح، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَني يُونس، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ أَبِي سَلمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "نحنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}، ويَرْحَمُ اللهُ لُوطًا، لَقَد كَانَ يَأوِي إِلَى رُكنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ".
(نحن أحق بالشك)؛ أي: في كيفيَّة الإحياء لا في نفْسه، أي: نحن أحقُّ بالشَّكِّ لو أمكَن، ولكن لا شكَّ عندنا، فلا شكَّ عنده من باب أَولى، أو أشدُّ اشتياقًا لرُؤية ذلك من إبراهيم، أي: نحن أحوَج إلى العِيان منه، كما جاء تفسيره بذلك في رواية ابن السَّكَن.
وذكَر صاحب "الأمثال السَّائِرة": أنَّ أفعَل تأْتي في اللّغة لنفْي المعنى عن الشَّيئين، نحو: الشَّيطان خيرٌ من زَيدٍ، أي: لا خيرَ فيهما، وكقوله تعالى:{أهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدخان: 37].
قال (ش): وهو أحسَن ما يتخرَّج عليه هذا الحديث.
(ويرحم الله لوطًا) إلى آخره، قال الطيِّبْيُّ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأن كلامه يدلُّ على إِقْناط كلِّي، ويأْس شديد مِن أن يكون له ناصِرٌ ينصرُه، وكأنه صلى الله عليه وسلم استَغربَ هذا القولَ، وعدَّه نادرة منه؛ إذْ لا رُكن أشدُّ من الركن الذي كان يَأْوي إليه.
وقال صاحب "الكشَّاف": معناه: إلى قَوي أستَندُ إليه، وأتمنَّعُ به، فيَحميني منكم، شبَّه القويَّ العَزيز بالركن من الجبَل في شدَّته ومَنَعتِه، ويُروى: أنه أغلَق بابه حين جاؤوا، وجعل يُراودهم ويجادلُهم من وراء حِجاب، فحُمِل تارةً على التشبيه، وأُخرى على ظاهره.
قال (ن): يجوز أنه نَسِيَ الالتجاءَ إلى الله تعالى في حماية الأَضْياف، أو أنه التجأَ إلى الله فيما بينه وبين الله تعالى، وأظهر للأَضْياف العُذْرَ وضِيْقَ الصَّدر، وقال مجاهد: يعني بالركن الشَّديد العَشيرة، أي: لو أرادَ لأَوى إليها لكنَّه أوى إلى الله تعالى.
قلتُ: وحملَهُ بعض علماء العصر على أنَّ الركن الشديد هم الملائكة الذين جاؤوا إلى لُوطٍ، لكنه ما كان أولًا عرفَهم، فلو أَوى إليهم لكفَّره قومه.
(لأجبت الداعي)؛ أي: لأسرعتُ في الإجابة إلى الخُروج عن السِّجن، ولَمَا قدَّمتُ العُذر، قال تعالى:{فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50].
وصفَه صلى الله عليه وسلم بالصَّبر حيث لم يُبادِر إلى الخُروج، وقال ذلك تواضُعًا، لا أنه كان في الأمر منه مبادرةٌ وعجلةٌ لو كان مكانَ يوسُف،