الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - بابٌ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ
مَا سَأَلَ هَوَازِنُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِرَضَاعِهِ فِيهِمْ، فتحَلَّلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعِدُ النَّاسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنَ الْفَيْءَ وَالأَنْفَالِ مِنَ الْخُمُسِ، وَمَا أَعْطَى الأَنْصَارَ، وَمَا أَعْطَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ تَمْرَ خَيْبَرَ.
(باب: ومِنَ الدَّليل على أنَّ الخُمُس لنَوائِب المُسلمين)
جمع: نائِبة، وهي ما يَنُوب الإنسانَ من الحوادِث.
وهذه التَّرجمة ليستْ تكرارًا لمَا سبَق قَريبًا (باب: الدَّليل على أنَّ الخمُس لنوائِب رسول الله صلى الله عليه وسلم).
(هوازن) أبو قَبيلةٍ.
(برضاعةٍ) بلفْظ المَصدر، والتَّنوين، وبالإضافة إلى المُضمَر، أي: بسبَب رَضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، وذلك لأنَّ حَلِيْمَة السَّعْدية منهم، لأنَّها بنت أبي ذُؤَيب عبد الله بن الحارث بن شِجْنة -بكسر المعجمة، وسُكون الجيم، وبالنون- ابن جابِر بن رِزَام -بكسر الرَّاء، وخفَّة الزَّاي- ابن ناضِرة -بالنُّون، والمُعجمة، والراء- ابن سَعْد بن بَكْر بن هَوازِن.
(فتحلل)؛ أي: استحلَّ من الغانِمين أنصابَهم مِن هَوازِن، أو طلَب النُّزولَ عن حُقوقهم، وقد وصَل هذا ابنُ إسحاق في "المَغازي" عن عَمْرو بن شُعَيب، عن أَبيه، عن جَدِّه، والطَّبَراني وغيره من حديث
زُهير بن صُرَد بنحوه.
(من الفيء) في حديث جابِر في الباب، قال الجَوْهَري: هو الخَراج والغَنيمة.
(والأنفال) جمع: نَفَل بالتَّحريك، وهو الغَنيمة، يُقال: نفَّلتُه تنفيلًا: أَعطَيتُه نفَلًا، وباصطلاح الفُقهاء: الفَيء: ما يحصُل من الكفَّار بلا قِتالٍ، والنَّفَل: ما شَرَطَ الأميرُ لمُتعاطِي خطَرٍ من مالِ المَصالح.
(وما أعطى الْأَنصار) فيه حديث أنَس عند البُخَارِيّ أَيضًا.
(وما أعطى جابر) هو إشارةٌ لحديثٍ رواه أبو داود، والدَّارَقُطْني من طريق أبي إِسْحاق.
(تمر) بالمثنَّاة.
* * *
3131 -
و 3132 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْل، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ؛ إِمَّا السَّبْيَ وإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ"، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم انتظَرَ آخِرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إلا إِحْدَى
الطَائِفَتَيْنِ قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَيِّبَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ"، فَقَالَ النَّاسُ: قَد طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ لَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّا لا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ"، فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرُوهُ أنهمْ قَدْ طَيَّبُوا فَأَذِنُوا؛ فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ.
الحديث الأول:
(استأنيت)؛ أي: انتَظَرت، من الأَناةِ، أي: التُّؤَدَة.
(آخرهم) دليلٌ على أنَّ أوَّلَهم جاءَه قبْل انقِضاء بضعَ عشرةَ ليلةً.
(عرفاؤكم) العَرِيْف: القائِم بأُمور القَوم المُتعرِّف لأحوالهم.
(فهذا الذي) هو من كلام الزُّهْرِيّ.
وسبق الحديث في (الكتابة)، و (العتق)، وغيرهما.
ومَوضِع التَّرجمة قَوله: (حتَّى نُعطيَه مِن أوَّل ما يفيءُ اللهُ علَينا)، وظاهره أنَّه من الخمُس.
* * *
3133 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِم الْكُلَيْبِيُّ -وَأَنَا لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ-، عَنْ زَهْدَمٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَأُتِيَ ذَكَرَ دَجَاجَةً، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْم اللهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي، فَدَعَاهُ لِلطَّعَامِ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لَا آكُلُ، فَقَالَ: هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكُمْ عَنْ ذَاكَ، إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نستَحْمِلُهُ، فَقَالَ:"وَاللهِ لا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ"، وَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ:"أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ"؟ فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا؟ لَا يُبَارَكُ لَنَا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا: إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَحْمِلَنَا، فَحَلَفْتَ أَنْ لا تَحْمِلَنَا، أَفَنَسِيتَ؟ قَالَ:"لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلا أتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا".
الحديث الثاني:
(أحفظ عن زَهْدَم) قال الكَلابَاذِي: حديث القاسِم، وأبي قِلابَةَ كلاهما عن زَهْدَم، روى أَيُّوب عن القاسِم مَقرُونًا بأبي قِلابَة في (الخُمُس).
(فأُتي) بالبناء للمفعول، أو للفاعل.
(ذكر) بسكون الكاف مَصدرًا، وبالتَّحريك ضِدُّ الأُنْثى.
(دَجاجة) مثلَّث الدَّال، وتاؤُه لتَمييز المُفرَد لا للتَّأْنيث، فهو شامِلٌ للذَّكَر والأُنثى.
(تيم الله) بفتح المثناة، وسكون الياء.
(أحمر) صفةٌ لرجل.
(شيئًا)؛ أي: من النَّجاسة، أي: جَلَّالَة.
(فقذِرته) بكسر الذال: كَرِهتُه.
(الأشعريين) نِسبَةٌ لأَشْعَر قَبيلةٍ من اليَمَن، وتقُول العرب: جاء الأَشعرون؛ بحذف ياء النَّسَب.
(نستحمله)؛ أي: نسأَلُه أن يَحملَنا.
(نهب)؛ أي: غَنيمة.
(ذود) ما بين الثلاثة إلى العشَرة من الإبِل.
(الذرى) جمع: ذِرْوَة، وذِرْوَة كلِّ شيءٍ أعلاه، أي: ذُو أسنِمَة بيضٍ مِن سِمَنِهنَّ وكثْرة شُحومهنَّ.
(لكن الله حملكم) قال (خ): يحتمِل أنْ يُريد إزالَة المِنَّة عنهم بإضافة النِّعمة إلى الله، أو أنَّه نسِيَ، والناسي بمنزلة المُضطَر، ففعلُه مضافٌ إلى الله تعالى، كما في الصَّائم إذا أكَلَ ناسيًا، فإنَّما أطعَمَه اللهُ وسَقاه، أو أنَّ الله تعالى هو الذي حَملكُم بأَنْ ساقَ هذا النَّهب، ورَزَق هذه الغَنيمة.
(وتحللتها)؛ أي: خرجتُ من حُرمتها إلى ما يَحِلُّ، وذلك إما
باستثناءٍ، وإما بتكفيرٍ.
قال (ح): ويحتمِل أنْ يُريد أنَّه لا يَحملُهم في ذلك الوقْت إلَّا أن يَرِدَ عليه مالٌ في ثاني الحالِ، فإنَّه يُعطيهم منه، ويَحملُهم عليه.
* * *
3134 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللهِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلًا كثِيرًا، فَكَانَتْ سِهَامُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا.
3135 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً، سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ.
الحديث الثالث، والرابع:
(اثني عشر أو أحد عشر) يحتمل أنَّه شكَّ في سِهامهم، ويحتمل أنَّه شكَّ هل كانت اثني عشَر ونُفِّلوا بعيرًا بعيرًا زائدًا وبلغت النافِلة اثني عشر؟ وقد بيَّن البُخَارِيّ ذلك في غير حديث مالكٍ أنَّهم بلغَتْ سُهمانهم اثني عشَر، فرجَعوا بثلاثةَ عشر.
(سوى قِسم) بكسر القاف عن ابن مالك، وبخطِّ الدِّمْياطي بفتحها.
(وَنُفِّلُوا) بتَشديد الفاء، مبنيًّا للمفعول، وهو لغةً: الإعطاء، وشرعًا: عَطيَّةٌ يَخُصُّ بها الإمامُ مَن أَبلى بَلاءً حسَنًا، وسَعى سعيًا جميلًا، كالسَّلَب إنما يُعطاه القاتِل لغَنائه وكِفايَته.
ثم اختُلف مِن أين يكون النَّفَل؟ فقيل: من أصْل الغَنيمة قبْل أن تُخمَّس، وقيل: من الخُمُس الذي كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم يضَعُه فيما أراد من مصالح المسلمين.
* * *
3136 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي، أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآخَرُ أَبُو رُهْم، إِمَّا قَالَ: فِي بِضْعٍ، وَإِمَّا قَالَ: فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَينِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينتنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنَا هَا هُنَا، وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَعَنَا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: فَأَعْطَانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْح خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا إلا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إلا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ.
الخامس:
(مخرج) فاعل (بلَغ).
(وافقنا)؛ أي: صادَفْنا.
(فأسهم لنا) قيل: بعد أن استرضى من شَهِدَ الوَقْعة، واستطابَ نُفوسهم عن تلك السِّهام، أو أعطاهم من خمُس الخُمُس الذي هو حقُّه يصرفُه فيما أراد.
قال (ك): ومَيْل البُخَارِيّ إلى الثاني بدليل التَّرجمة، وذلك [لأنه] لم يُنقَل أنَّه استأْذَن المقاتلين.
* * *
3137 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرًا رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَدْ جَاءَنِي مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا"، فَلَمْ يَجئْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَا لِي ثَلَاثًا -وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ لَنَا: هَكَذَا قَالَ لَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ-، وَقَالَ مَرَّةً: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُ، فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي، وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي. قَالَ: قُلْتَ: تَبْخَلُ عَلَيَّ؟ مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إلا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ.
قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ: فَحَثَا لِي حَثْيَةً وَقَالَ: عُدَّهَا، فَوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ، قَالَ: فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ.
وَقَالَ -يَعْنِي: ابْنَ الْمُنْكَدِرِ-: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ؟
السادس:
سبق شرحه في (الهبة)، و (الكفالة)، و (الشهادات).
(يَبْخَل) بفتح الخاء، وفي بعضها بتشديدها، أي: نُسِبَ إلى البُخْل.
(عني)؛ أي: مِن جِهَتي.
(وأنا أريد أن أعطيك)؛ أي: فلعلَّ منْعه أولًا مع أنَّه يُريد أن يُعطيَه لمانعٍ في ذلك الحين، أو لأمرٍ أهمَّ من ذلك، أو لئلا يحرِص على الطلَب، أو لئلا يزدحِم النَّاسُ عليه، ولم يُرِد به المنْع الكُلِّي.
(أدْوَأ)؛ أي: أقْبَح.
قال (ع): كذا يَرويه المُحدِّثون غير مهموزٍ، والصَّواب (أدوأ) بالهمز؛ لأنه من الدَّاء، والفعل منه داءَ يَداءُ، مثل: نَامَ يَنامُ، فهو داءٍ مثْل جَاءٍ، وغير المَهموز من دَوِيَ الرجلُ: إذا كان به مرَضٌ باطنٌ في جَوفه مثل سَمِعَ، فهو دَوٍ ودَوِيٌّ.
وقال الأَصْمَعي: أدَأَ الرجُل يَدِي: إذا صارَ في جَوفه داءٌ؛ بالوجهَين بالهمْز والتَّسهيل، وقيَّدناه عن أبي الحسَن.
* * *