الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبْق أحدهما، ولا في غلَبته بمعنى كثْرته.
* * *
2 - بابُ مَا جَاءَ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} .
{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} : السَّمَاءُ. {سَمْكَهَا} : بِنَاءَهَا، كَانَ فِيهَا حَيَوَانٌ. {الْحُبُكِ}: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. {وَأَذِنَتْ} : سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ. {وَأَلْقَتْ} : أَخْرَجَتْ مَا فِيهَا مِنَ الْمَوْتَى. {وَتَخَلَّتْ} عَنْهُمْ. {طَحَاهَا} : دَحَاهَا. {بِالسَّاهِرَةِ} : وَجْهُ الأَرْضِ، كَانَ فِيهَا الْحَيَوَانُ نومُهُمْ وَسَهَرُهُمْ.
(باب ما جاء في سَبعْ أرَضِينَ)
قوله: (السَّقف) بالرفع مبتدأٌ، خبره السَّماء، وبالجرِّ حكايةُ قولهِ تعالى في الطُّور:{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5] فيكون السَّماء خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو السماء.
(سمكها)؛ أي: في قوله تعالى: {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات: 28].
(استواؤها) هو تفسيرٌ للحُبُك، أي: ذات الاستِواء والحُسن.
(أذنت)؛ أي: في قوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: 2].
(طحاها)؛ أي: في قوله تعالى: {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشمس: 6].
(بالساهرة)؛ أي: في قوله تعالى: {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14].
* * *
3195 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا سَلَمَةَ! اجْتَنِبِ الأَرْضَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ".
الحديث الأول:
(قِيد) بكسر القاف، أي: قَدْر.
(طوقه)؛ أي: بأن يخسِف اللهُ به الأرض، أي: يَهوي به فيها فتَصير البُقعة المغصوبة منها في عنُقه كالطَّوْق، وقيل: يُطوَّق حَمْلَها، أي: يُكلَّف، فهو مِن طَوْق التكليف لا طَوْق التقليد.
وسبق تحقيقه في (كتاب المظالم)، في (باب: إثم من ظلم).
* * *
3196 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ".
الثاني:
(شيئًا) في بعضها: (شِبْرًا).
ففيه أنَّ الأرض سبْع طبقاتٍ، وأنَّ ما تحت مِلْك الشَّخص له بالِغًا ما بلَغَ.
* * *
3197 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كهَيْئتَهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ".
الثالث:
(الزمان) الوقْت قليلًا كان أو كثيرًا، والمراد به هنا السَّنَة، أو ذو الحِجَّة، أي: رجَع إلى الذي حجَّ منه إبراهيم عليه السلام وزال ما غيَّرُوه في النَّسِيء.
(كهيئته) الكاف صفة لمصدرٍ محذوفٍ، أي: استَدارَ استدارةً مثلَ حالته يومَ خلَق الله السماء والأرض، فإنَّ قريشًا كانوا ابتدعوا أن يُديروا الحجَّ في كلِّ سنَةٍ شَهْرًا، فإذا حَجُّوا في ذي الحِجَّة حجُّوا في السنة التي بعدَها في المُحرَّم، وهكذا، حتَّى ينتهيَ الدَّور إلى ذي
الحِجَّة، وكانت تلك السنة أقصَى الدَّوَران، فيكون الحجُّ في ذي الحِجَّة كما كان في ابتداء خلْق السماوات والأرض بهدايةِ الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، وحمايتِه من بِدَعهم كما فُعل معه في غير ذلك.
(ثلاث) لم يقُل ثلاثة مع أن التَّمييز شهر، إمَّا باعتِبار لفْظ: غرّة، أو اللَّيلة، أو أنَّ العدَو إذا لم يُذكَر تمييزُه يجوز فيه الوَجْهان.
(ورجب مُضَر) بضم الميم، وفتح المعجمة، والراء: القَبيلة المشهورة، أُضيف رجَب إليهم؛ لأنهم كانوا يُحافظون على تحريمه أشدَّ من سائر العرَب، ووصفَه بأنه:(الذي بين جمادى وشعبان) تأكيدًا، أو إزاحةً للرَّيب الجاري فيه من النَّسيء، فكأنه قال: رجَب الحقيقي لا الذي نسَأْتُموه، وأخرَّتموه.
قال في "الكشَّاف": النَّسيء تأْخيرُ حُرمة شهرٍ إلى شهر آخر، كانوا يُحلُّون الشهر الحرام، ويحرِّمون مكانه شهرًا آخر، حتَّى رفضُوا تخصيص الأشهُر الحرُم، فحرَّموا من العام أربعة أشهرٍ مُطلَقًا، وربما زادوا في الشُّهور فيجعلونها ثلاثةَ عشَر شهرًا، أو أربعةَ عشَر، والمعنى: رجعَتْ الأشهر الحرُم إلى ما كانت عليه، والحجُّ إلى ذي الحِجَّة، وبطَلَ النَّسيء، فحجَّ عيَهيمْ في ذي الحِجَّة، وحجَّ أبو بكر قبْله في ذي القَعدة.
* * *
3198 -
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ
هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زيدِ بْنِ عمرِو بْنِ نُفَيْلٍ: أنَّهُ خَاصَمَتْهُ أَروَى فِي حَقٍّ زَعَمَتْ أنه انتُقَصَهُ لَهَا إِلَى مروَانَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَناَ أَنتُقِصُ مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا؟ أَشْهَدُ لَسَمعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبع أَرَضِينَ".
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّناَدِ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
الحديث الرابع:
(أروَى) بضم الهمزة، وسكون الراء، وفتح الواو، مقصورٌ، بنت أبي أُويس، وكانت حاضِنةً لمروان بن الحكَم ادَّعتْ أن سعيدًا غصَبَها أرضًا.
قال ابن الأَثير: لم يُحقَّق أنها صحابيةٌ، أو تابعيةٌ.
(إلى مروان) متعلِّق بقوله: (خاصَمتْه)، أي: تَرافَعا إليه، وهو كان يومئذٍ على المدينة، فترك سَعيد الحق لها، ودَعَا عليها، فقال: اللَّهمَّ إنْ كانت كاذبةً فأعْمِ بصرَها، واجعلْ قبرَها في دارِها، فتقبَّل اللهُ دعوتَه، فعَمِيتْ، ومرَّتْ على بئْرٍ في الدار فوقَعتْ فيها، فكانت قبرَها.
وقد مرَّت القِصَّة في (كتاب المظالم).
* * *