الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - بابُ وَفَاةِ مُوسَى، وَذِكْرُهُ بَعْدُ
(باب وَفَاةِ موسى عليه الصلاة والسلام
3407 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عليهما السلام فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ. قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ! ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالآنَ. قَالَ: فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتَكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ". قَالَ: وَأَخْبَرَناَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
الحديث الأول:
(صكه)؛ أي: لطَمَه في عَينه.
وسبق في (الجنائز)، في (باب: من أحبَّ الدَّفْن في الأرض المقدَّسة).
* * *
3408 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعَالَمِينَ. في قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ. فرَفَعَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدَهُ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ:"لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللهُ؟ ".
الثاني:
(فرفع المسلم يده فلطم اليهودي) المسلِم هو أبو بكر الصدِّيق، وأما اليهوديُّ ففي "سيرة ابن إسحاق": اسمه فِنْحَاص، بكسر الفاء، وسُكون النُّون، ومهملتين.
(ممن استثنى الله)؛ أي: في قوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الزمر: 68]، والجمْع بين هذا وبين ما سبَق من رواية:"لا أَدرِي أَفاقَ قَبْلِي، أو جُوزِيَ بصَعْقةِ الطُّوْرِ": أنه لا تَنافيَ، إذ:{مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] عامٌّ، والمُجازى بالصعقة يوم الطُّور داخلٌ في عمومه.
وسبق أول (الخصومات).
* * *
3409 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ". فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى" مَرَّتَيْنِ.
الثالث:
(خطيئتك)؛ أي: الأكل من الشَّجَرة المنهيِّ عنها بقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: 35]، ويجوز في مثْله: أخرجتك، وأخرجته.
قال:
أَنَا الذي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرهْ
(آدم) بالرفع باتفاق الرُّواة، أي: غلبه بالحُجَّة، وقَوي عليه بها.
(مرتين) متعلِّقٌ بـ (قالَ).
قال (خ): إن هذا حُجَّة آدم في رفْع اللَّوم؛ إذ ليس لأحدٍ من الآدميين أنْ يلوم أحدًا به، وأما الحُكم الذي تنازعاه، فإنما هما في ذلك على سواءٍ؛ إذ لا يقدِرُ أحدٌ أن يُسقط الأصل الذي هو القدَر،
ولا أنْ يُبطِل الكَسْب الذي هو السبَب، ومَن فعل واحدًا منهما خرج عن القصْد إلى أحد الطَّرَفين: مذهبِ القدَر أو الجَبْر.
وفي قول آدَم استصغارٌ لعِلْم موسى إذ جعلَك الله بالصفة التي أنت فيها من الاصطِفاء بالرِّسالة والكلام، فكيف يسَعُك أن تَلومني على القدر الذي لا مدفَع له؟، وحقيقته أنه دفَع حُجة موسى التي ألزمَه بهذا اللَّوم، وذلك أنَّ الاعتراض والابتداء بالمسألة كان من موسى، عارضَه آدم بأمر دفْع اللَّوم، فكان هو الغالب.
وقال (ن): معناه إنَّك تعلم أنه مقدَّرٌ، فلا تلُمني، وأيضًا اللَّوم شرعيٌّ لا عقليٌّ، وإذ تاب الله عليه وغفَر له زالَ عنه اللَّوم، وقد علِم ذلك موسى من التَّوراة، فمَن لامَه كان محجوجًا بالشرع، فإن قيل: فالعاصي منَّا لو قال: هذه المعصية كانت بتقدير الله لم تسقُط عنه المَلامة؛ قلنا: هو باقٍ في دار التكليف جارٍ عليه أحكام المكلَّفين، وفي لَومه زجْرٌ له ولغيره عنها، وأما آدم عليه الصلاة والسلام فميِّتٌ خارجٌ عن هذه الدار، وعن الحاجة إلى الزَّجْر، فلم يكن في هذا القَول فائدةٌ سوى التَّخجيل ونحوه.
هذا، وقد قال بعضهم: التقتْ أرواحُهما في السَّماء فوقَع الحِجاج بينهما هناك، وقال (ع): ويحتمل أنه على ظاهره، وأنهما اجتمعا بأشخاصهما، ولا يبعُد أن الله أحياهما كما ثبت في حديث الإسراء أنه صلى الله عليه وسلم اجتمَع بالأنبياء في بيت المقدِس، وصلَّى بهم، ويحتمل أنَّ ذلك جرى في حياة موسى عليه السلام، سأَل الله أن يُريَه آدم فيُحاجَّه.