الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
164 - بابُ مَا يُكْرَه مِنَ التَّنَازُعِ وَالاِخْتِلَافِ فِي الْحَرْبِ، وَعُقُوبَةِ مَنْ عَصَى إِمَامَهُ
وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} ، قَالَ قتادَةُ: الرَّيحُ: الْحَرْبُ.
(باب ما يُكرَهُ من التَّنازُع والاختِلاف)
3038 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ:"يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا".
الحديث الأول:
(عن جده) الضَّمير لسعيد، أي: لا لابنِه، أي: روى سعيد، عن عامر، عن عبد الله.
وسبق الحديث في (العِلْم).
* * *
3039 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما يُحَدِّثُ قَالَ: جَعَلَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ -وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا- عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ:"إِنْ رَأَيْتُمُوناَ تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُوناَ هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْناَهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ"، فَهَزَمُوهُمْ، قَالَ: فَأَناَ وَاللهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ، أَيْ قَوْمِ! الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تنتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: وَاللهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيَبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً؛ سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلًا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلَاثَ مَرَّات، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نفسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ وَاللهِ يَا عَدُوَّ اللهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوؤُكَ، قَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكمْ سَتَجدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجزُ أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا تُجيبُوا لَهُ"؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا نقُولُ؟
قَالَ: "قُولُوا: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ"، قَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا تُجيبُوا لَهُ"؟ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللهُ مَوْلَاناَ وَلَا مَوْلَى لَكُمْ".
الثاني:
(الرَّجَّالة) بتَشديد الجيم: جمع راجِل، خِلاف الفارِس.
(يَخْطفنا) بإسْكان المُعجَمة، وتخفيف الطَّاء، وهو مثَل يُريد به الهزيمة، أي: إنْ رأَيتُمونا انهزمْنا؛ فلا تُفارقوا مكانكَم.
(أوطأناهم)؛ أي: مشَيْنا عليهم وهم قتلى بالأرض، والهمزة للتَّعريض، أي: جعلْناهم في مَعرِض الدَّوْس بالقَدَم.
(النساء) نساء المُشركين.
(يُسْنِدن) بالسِّين المهملة، والنُّون، أي: يمشِينَ في سنَد الجبَل يُرِدْنَ أن يَرقَيْنَ الجبَل، وفي رواية أبي ذَرٍّ:(يَشتَدِدْن) بالمعجمة، أي: يَجرينَ.
قال (ك): يَشتَدِدْن، أي: على الكفَّار، يُقال: شدَّ عليه في الحرب، أي: حَمل عليه.
(بدت)؛ أي: ظهَرتْ.
(أسوقهن) جمع: ساق، وضُبِط بهمز الواو على معنى أنَّ الواو إذا انضمَّتْ جاز همزُها.
وفيه جَواز النَّظَر إلى أَسْوُق المُشرِكات ليُعلم حال القَوم لا لشَهوةٍ.
(الغنيمة) نصبٌ على الإغراء.
(أي قومي) مُنادَى، أي: يا قَومي.
(ظهر)؛ أي: غلَب، وإنما صُرِفت أهويتُهم لعصْيانهم قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
(إذ يدعوهم الرسول في أخراهم)؛ أي: في جماعتهم المؤخَّرة، فكأنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم يقول: إليَّ يا عبادَ اللهِ، إليَّ يا عبادَ اللهِ، أنا رسول اللهِ، مَن يَكرُّ فله الجنَّة.
(أَبو سُفيان)؛ أي: صَخْر بن حَرْب؛ لأنه كان يومئذٍ رئيس الكفَّار وأمير عسكرهم.
(فما ملك عمر نفسه) إلى آخره، إنما قال ذلك مع نهي النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أنكَر قَول الباطِل ولم يُرِد العِصْيان.
(سِجال) جمع: سَجْل، وهو الدَّلْو، شُبِّه المُتحارِبان بالمُسْتَقِيَيْن، يَستقي هذا دَلْوًا وهذا دَلْوًا، قال الشَّاعر في نحو ذلك:
فيَومٌ عَلَيْنا وَيومٌ لَنَا
…
وَيومٌ نُسَاءُ ويَومٌ نُسَرُّ
(مُثْلةً) بضم الميم، وسُكون المثلَّثة: اسمُ منْ مُثِّل به، أي: فُتِكَ به، ومثَّلَه، أي: أجذَعَه، وبفتح الميم، وضم المثلَّثة: العُقوبة؛ لأنهم جذَعوا أنُوفهم وشقُّوا بُطونهم.
(هُبَل) بضم الهاء، وفتح الموحَّدة: صنَمٌ كان في الكَعبة.
(ألا تجيبونه) في بعضها بحذف النُّون، وهو لغةٌ فصيحةٌ.