الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سلام بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه، فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي:
1 -
ما أول أشراط الساعة
2 -
وما أول طعام أهل الجنة
3 -
وما ينزع الولد إلى أبيه، أو إلى أمه
قال: «أخبرني بهن جبريل- عليه السلام آنفا» ، قال: جبريل قال:
«نعم» قال: ذلك عدو اليهود من الملائكة، فقرأ هذه الآية: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ
…
الآية، قال «ابن حجر» في شرح البخاري: ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية ردّا على اليهود، ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ، قال: وهذا هو المعتمد، فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة «ابن سلام» (1).
وهكذا يتبين لنا أن «فتلا كذا» أو «فقرأ كذا» لا تدل على أنها نزلت حينئذ ويكون ذكرها عقب القصة، للاستشهاد كما في الأولى، أو للرد كما في الثانية.
تعدد المنزل، والسبب واحد
قد يكون الأمر الواحد سببا لنزول آيتين أو آيات متعددة متفرقة، وذلك عكس ما تقدم، ولا إشكال في ذلك، ولا بعد؛ فقد ينزل في الوقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى، تبيانا وإرشادا للخلق، وإقناعا للسائل.
1 -
من أمثلة ذلك- السبب الواحد تنزل فيه الآيتان- ما أخرجه البخاري من حديث زيد بن ثابت: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه لّا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون فى سبيل الله
…
، فجاء ابن أم مكتوم وقال:
يا رسول الله؛ لو أستطيع الجهاد لجاهدت- وكان أعمى- فأنزل الله غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [النساء: 95 - 96].
(1) انظر أسباب النزول للسيوطي ج 1 ص 18 - 19 هامش الجلالين.
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده عن زيد بن ثابت أيضا قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لواضع القلم على أذني، إذ أمر بالقتال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه، إذ جاء أعمى فقال: كيف لي يا رسول الله وأنا أعمى، فأنزل الله: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91)[التوبة: 91].
2 -
ومن أمثلته أيضا- السبب الواحد تنزل فيه أكثر من آيتين- ما أخرجه الترمذي والحاكم، عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ
…
[آل عمران:
195].
وأخرج الحاكم عنها- أيضا- قالت: قلت: يا رسول الله، تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزل الله: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ
…
[الأحزاب: 35]، وأنزلت: أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى
…
الآية.
وأخرج أيضا عنها أنها قالت: تغزو الرجال، ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله سبحانه: وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ [النساء: 32] وأنزل: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ
…
الآية.
فالظاهر أن واقعة السؤال واحدة، وأن الآيات الثلاث نزلت بعد هذا السؤال؛ ولا يبعد هذا اختلاف صيغة السؤال؛ لجواز أن يكون سؤالها عامّا شاملا لكل ما روي، ولكن الراوي اقتصر على بعض السؤال دون بعض، أو تذكر بعضه ونسي البعض.
3 -
ومن أمثلته ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل حجرة، فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان، فطلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«علام تشتمني أنت وأصحابك» ، فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم، فأنزل الله: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا
…
[التوبة: 74].