الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - تدبر القرآن وتفهمه:
وتسن القراءة بالتدبر. والتفهم. فهو المقصود الأعظم. والمطلوب الأهم، وبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، قال تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29] وقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد: 24] وصفة ذلك أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به فيعرف معنى كل آية. ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك. فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر. وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل. أو عذاب أشفق وتعوذ أو تنزيه نزه وعظم. أو دعاء تضرع وطلب. أخرج مسلم عن حذيفة قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها ثم النساء فقرأها. ثم آل عمران فقرأها.
يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل. وإذا مر بتعوذ تعوذ».
وروى أبو داود والنسائي وغيرهما عن عوف بن مالك قال: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقام. فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل.
ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ، وأخرج أبو داود، والترمذي حديث:
«من قرأ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فانتهى إلى آخرها، فليقل: بلى (1)، وأنا على ذلك من الشاهدين» .
ومن قرأ: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ فانتهى إلى آخرها أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (40) فليقل: بلى.
ومن قرأ: والمرسلات فبلغ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ فليقل: آمنا بالله».
وأخرج أحمد، وأبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ
(1) بلى حرف يجاب به النفي، وهي تنفي النفي فيصير ما بعده مثبتا فصار الكلام بعد الإثبات «الله أحكم الحاكمين» . ثم يزيد الأمر توكيدا بأنه على هذه القضية من الشاهدين.
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال: «سبحان ربي الأعلى» .
وأخرج الترمذي، والحاكم عن جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة فقرأ عليهم سورة «الرحمن» من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال:
«لقد قرأتها على الجن، فكانوا أحسن مردودا منكم؛ كنت كلما أتيت على قوله:
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (13) قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد». وأخرج أبو داود، وغيره عن وائل بن حجر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ وَلَا الضَّالِّينَ فقال: «آمين» (1) يمد بها صوته.
وأخرج الطبراني بلفظ: «قال: آمين ثلاث مرات» ، وأخرجه البيهقي بلفظ قال:«رب اغفر لي آمين» .
وأخرج أبو عبيد عن أبي ميسرة أن جبريل لقن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند خاتمة البقرة «آمين» ، وأخرج عن معاذ بن جبل أنه كان إذا ختم سورة البقرة قال:
«آمين» وهي بالإجماع ليست من القرآن.
قال النووي: ومن الآداب إذا قرأ نحو: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ [التوبة: 30] وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة: 64] أن يخفض بها صوته كذا كان النخعي يفعل:
أقول: وينبغي أن يراعي هذا الأدب في الآيات التي عرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عَبَسَ وَتَوَلَّى ومثل يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ.
ولا بأس بتكرير الآية وترديدها، روى النسائي وغيره عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بآية يرددها حتى أصبح: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)[المائدة 118].
ويستحب البكاء عند قراءة القرآن، والتباكي لمن لا يقدر عليه، والحزن والخشوع قال تعالى: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [الإسراء:
109] وفي الصحيحين حديث قراءة ابن مسعود- رضي الله عنه القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا
(1) آمين: اسم فعل أمر معناها استجب.