الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعريف بالقرآن الكريم
القرآن الكريم:
هو كتاب الله- عز وجل المنزل على خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه، المنقول بالتواتر المفيد للقطع واليقين المكتوب في المصاحف من أول سورة «الفاتحة» إلى آخر سورة «الناس» .
أحكمه الله فأتقن إحكامه، وفصّله فأحسن تفصيله، وصدق الله كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود: 1]، لا يتطرق إلى ساحته نقض ولا إبطال.
وصدق العلي العظيم حيث يقول: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)[فصلت: 41 - 42].
وهو المعجزة العظمى، والحجّة البالغة الباقية على وجه الدهر لرسول البشرية سيدنا «محمد» صلوات الله وسلامه عليه، تحدى به الناس كافة، والإنس والجن أن يأتوا بمثله، أو ببعضه فباءوا بالعجز والبهر.
وقد وقع التحدي «بالقرآن» على مرات متعددة، كي تقوم عليهم الحجة تلو الحجة، وتنقطع المعذرة.
تحداهم أولا أن يأتوا بمثله فعجزوا وما استطاعوا، قال عز شأنه في سورة «الإسراء» المكية الآية [88] قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88).
وقال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (34) سورة الطور المكية الآية [33 - 34].
ثم تحداهم: أن يأتوا بعشر سور مثله، فما قدروا، قال تعالى في سورة «هود» المكية الآية [13 - 14] أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ (1) وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا
(1) هذا من قبيل التنزل مع الخصم، والمساهلة معه في الحجاج، كي يكون الإفحام أدل-
لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) أي أسلموا، فهو طلب برفق ولين وهو لون من ألوان أدب الخطاب في القرآن.
ثم تحداهم مرة ثالثة: بأن يأتوا بسورة منه، أيّ سورة مهما قصرت، كسورة «الكوثر» فما رفعوا بذلك رأسا، قال تعالى في سورة «يونس» المكية الآية [38 - 39]: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39).
وهذا الذي ارتضاه جمهور العلماء وارتضيته في ترتيب آيات التحدي هو ما يجب أن يصار إليه، ومن العلماء من يجعل آية «يونس» متقدمة على آية «هود» ؛ لتقدم نزول سورة يونس على نزول سورة هود، فيجعل التحدي بسورة قبل التحدي بعشر سور (1)، والجواب أنه على فرض تسليم ذلك فلا يمنع من تأخر نزول آية في سورة متقدمة، على نزول آية في سورة متأخرة، على أن بعض العلماء يرى تقدم سورة «هود» على سورة «يونس» ؛ وحينئذ يكون ما ذهبنا إليه هو الحق والصواب، وإذا كان
مستقبحا في الكلام العادي التحدي بشيء فإذا عجز تحداه بعشرة أمثاله فما بالك بأبلغ الكلام، وأحكمه هذا ما لا يمكن أن يكون في الكتاب المعجز المبين ثم كرر التحدي بسورة ما، فقال في سورة «البقرة» المدنية [الآية 23 - 24] وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (24).
فألقموا حجرا، ولم ينبسوا في المعارضة بكلمة
…
!
على الإعجاز، أي إن كان مفترى- كما تزعمون- فأتوا بعشر سور مثله مفتريات، والمراد: المماثلة في الفصاحة والبلاغة وجزالة المعنى وسمو المقاصد والاشتمال على العلوم والمعارف وليس المراد من الآية أن له مثلا.
(1)
تفسير البغوي على هامش تفسير ابن كثير (ج 4/ ص 349).