الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«ويستعينون بالله على ما أصابهم» .
وما روي عن ابن عباس وأبي أنهما قرءا: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها «من نفسي فكيف أطلعكم عليها» .
ز- ما روي عن علي أنه قرأ وَالْعَصْرِ (1) ونوائب الدهر إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2).
والجواب:
1 -
إن هذه الروايات أغلبها باطلة لم يصح منها شيء، وإنما هي غرائب ومناكير رواها الذين أولعوا بهما، وليس أدل على بطلانها من رواية «أكاد أخفيها من نفسي» وهل يعقل أن يخفي الله شيئا من نفسه ومن رواية «والعصر ونوائب الدهر» ، فقد تواتر عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ بقراءة الجماعة، وهل يعقل أن يدع عليّ شيئا يرى أنه من القرآن، ثم لا يثبته ولا سيما أنه قد آلت إليه الخلافة، وصار صاحب الكلمة النافذة بين المسلمين! إن هذا إلا بهتان مبين.
2 -
إن هذه الروايات على فرض صحتها تحمل على أن ذلك كان قرآنا، ثم نسخ لفظه وبقي معناه كما تدل على ذلك رواية الصحيحين في أصحاب بئر معونة.
3 -
إن بعض هذه الروايات محمول على التفسير والتوضيح، ويكون الراوي سمع من يقرؤها مفسرا ومبينا لمعناها فظن أن الكل قرآن، ولعل هذا يظهر في وضوح في الرواية المتعلقة بقوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ الآية والرواية المتعلقة بقوله تعالى: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ.
رد عام
وإليك رد عام يرد به على هذه الشبه وعلى غيرها مما أورد على جمع القرآن.
وهو أن المسلمين أجمعوا على أن هذا الذي كتب في المصاحف، وحفظه الألوف عن الألوف، هو القرآن الذي أنزله رب العالمين، على نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم، لا زيادة فيه، ولا نقصان، فمن ادعي زيادة عليه، أو نقصانا فقد أبطل الإجماع، وبهّت جمهور الناس، ورد ما قد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وغير معقول أن نبطل ما أجمع عليه المسلمون بروايات جلها باطل موضوع، وما صح منها فله محامل صحيحة، وليس نصا على ما يزعم الزاعمون، وإن من يزعم أن القرآن نقص منه شيء أو زيد فيه شيء، كمن زعم أن الصلوات المفروضة كانت عشرا فأنقصها المسلمون إلى خمس، أو أنها كانت ثلاثا فصيروها خمسا- سواء بسواء- فإذا صح في العقول شيء من هذا صح ما تقولوه على القرآن.
والله سبحانه- وقد وعد بحفظ كتابه- قد هيأ له من الأسباب الداعية إلى حفظه وصيانته من التحريف والتبديل ما لم يتهيأ لكتاب غيره في الدنيا، وعلى كثرة ما صوبه أعداء الإسلام إلى القرآن من سهام غير صائبة، وتلفيقات مزورة فقد بقي القرآن كالطود الشامخ الذي لا تزحزحه عن مكانه الرياح، والأعاصير، مهما اشتدت، وقد تكسرت على صخرته العاتية كل ما راشوا من سهام، وبيتوا من كيد، وسيبقى هكذا، صلدا، قويا حتى يرث الله الأرض وما عليها، وصدق الله حيث يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9)[الحجر: 9]، وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) [فصلت: 41 - 42].
***