الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لتفريطه في معاهدته، واستذكاره، ومعنى التخفيف أن الرجل ترك غير ملتفت إليه، وهو كقوله تعالى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ، أي تركهم في العذاب، أو تركهم من الرحمة (1).
وقد بين الحافظ في الفتح أن النهي عن قول نسيت آية كذا وكذا ليس للزجر عن هذا اللفظ، بل للزجر عن أسباب تعاطي النسيان المقتضية لقول هذا اللفظ، أقول: أي: أنه من قبيل إطلاق المسبب وإرادة السبب، وهو أسلوب معروف في اللغة العربية، قال الحافظ: ويحتمل أن ينزل المنع والإباحة على حالتين:
1 -
فمن نشأ نسيانه عن اشتغال بأمر ديني كالجهاد لم يمتنع عليه قول ذلك لأن النسيان لم ينشأ عن إهمال ديني، وعلى ذلك يحمل ما ورد من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من نسبة النسيان إلى نفسه كما ورد في الحديث الصحيح (2) ويكون النهي للتنزيه.
2 -
ومن نشأ نسيانه عن اشتغاله بأمر دنيوي، ولا سيما إن كان محظورا امتنع عليه لتعاطي أسباب النسيان.
[اختلاف العلماء في وصول ثواب قراءة القرآن للميت]
28 -
اختلف العلماء في وصول ثواب قراءة القرآن للميت، قال السيوطي:
الأئمة الثلاثة على وصول ثواب القراءة للميت، ومذهبنا- أي الشافعية- خلافه لقوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى [النجم: 39].
وإليك ما ذكره الإمام الآلوسي في تفسيره لهذه الآية فقد ذكر كلاما حسنا في هذا المقام قال: ويعلم من مجموع ما تقدم أن استدلال المعتزلة بالآية على أن العبد إذا جعل ثواب عمله أيّ عمل كان لغيره لا ينجعل، ويلغو جعله- غير تام (3).
وكذا استدلال الإمام الشافعي بها على أن ثواب القراءة لا تلحق
(1) فتح الباري ج 10 ص 456، 457.
(2)
المرجع السابق ص 463.
(3)
هذا خبر «أن استدلال
…
».
الأموات، وهو مذهب الإمام مالك، بل قال الإمام ابن الهمام- هو من أئمة الحنفية- إن مالكا، والشافعي، لا يقولان بوصول العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة، بل غيرها كالصدقة والحج، وفي الأذكار للنووي عليه الرحمة- المشهور من مذهب الشافعي- رضي الله عنه وجماعة أنها لا تصل، وذهب أحمد بن حنبل، وجماعة من العلماء، ومن أصحاب الشافعي إلى أنها تصل، فالاختيار أن يقول القارئ بعد فراغه:
اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان، والظاهر أنه إذا قال ذلك ونحوه كوهبت ثواب ما قرأته لفلان بقلبه كفى، وعن بعضهم اشتراط نية النيابة أول القراءة.
قال الآلوسي: وفي القلب منه شيء ثم الظاهر أن ذلك إذا لم تكن القراءة بأجرة، أما إذا كانت بها كما يفعل الناس اليوم، فإنهم يعطون حفظة القرآن أجرة ليقرءوا لموتاهم؛ فيقرءون لتلك الأجرة فلا يصل ثوابها، إذ لا ثواب لها ليصل، لحرمة أخذ الأجرة على قراءة القرآن، وإن لم يحرم لتعليمه، كما حققه خاتمة الفقهاء المحققين الشيخ محمد الأمين ابن عابدين الدمشقي رحمه الله تعالى، قال: وفي الهداية من كتاب «الحج عن الغير» إطلاق صحة جعل الإنسان عمله لغيره، ولو صلاة، وصوما عند أهل السنة والجماعة، وفيه ما علمت مما مر آنفا، وقال الخفاجي هو- أن كلام صاحب الهداية- محتاج إلى التحرير، وتحريره أن محل الخلاف العبادة البدنية هل تقبل النيابة فتسقط عمن لزمته بفعل غيره سواء كان بإذنه أم لا بعد حياته، أم لا، فهذا وقع في الحج كما ورد في الأحاديث الصحيحة أما الصوم فلا، وما ورد في حديث «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» وكذا غيره من العبادات فقال الطحاوي- هو من محدثي فقهاء الحنفية- إنه كان في صدر الإسلام ثم نسخ، وليس الكلام في الفدية، وإطعام الطعام فإنه بدل، وكذا إهداء الثواب سواء أكان بعينه أو مثله، فإنه دعاء، وقبوله بفضل الله- عز وجل كالصدقة فاعرفه انتهى ما ذكره الآلوسي (1)، وفي هذا
(1) تفسير الآلوسي ج 27 ص 58 ط منير.