الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النظر فيه عبادة، وقال النووي: هكذا قال أصحابنا، والسلف أيضا، ولم أر فيه خلافا، ثم قال: ولو قيل: إنه يختلف باختلاف الأشخاص، فيختار القراءة فيه لمن استوى خشوعه وتدبره في حالتي القراءة فيه ومن الحفظ ويختار القراءة من الحفظ لمن يكمل بذلك خشوعه، ويزيد على خشوعه وتدبره لو قرأ من المصحف- لكان هذا قولا حسنا قال السيوطي:
ومن أدلة القراءة في المصحف ما أخرجه الطبراني، والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أوس الثقفي مرفوعا:«قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف (1) تضاعف ألفي درجة» .
وأخرج أبو عبيد بسند صحيح: «فضل قراءة القرآن نظرا على ما يقرأه ظاهرا. كفضل الفريضة على النافلة» وأخرج البيهقي عن ابن مسعود مرفوعا:
«من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف» وقال: إنه منكر، أقول ..
والمنكر لا يحتج به، وأخرج بسند حسن عنه موقوفا:«أديموا النظر في المصحف» .
وحكى الزركشي في البرهان ما بحثه النووي قولا: وحكى معه قولا ثالثا أن من الحفظ أفضل مطلقا، وأن ابن عبد السلام اختاره؛ لأن فيه من التدبير ما لا يحصل بالقراءة من المصحف، وأنا أميل إلى هذا القول، وأرجحه لما فيه أيضا من تثبيت المحفوظ والتأكيد منه ولا كذلك لو قرأ من المصحف.
14 - قال في التبيان:
إذا أرتج على القارئ فلم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه، فسأل عنه غيره: فينبغي له أن يتأدب بما جاء عن ابن مسعود والنخعي، وبشير ابن
(1) لعل المراد بالمصحف أي: قراءته من المكتوب؛ لأن تسمية ما فيه القرآن بالمصحف إنما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان القرآن مكتوبا في العهد النبوي مفرقا لما أسلفنا ولم يبين لنا السيوطي درجة هذا الحديث من الصحة أو الحسن أو الضعف.
أبي مسعود قالوا: إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت ولا يقول: كيف كذا وكذا فإنه يلبس عليه، وقال ابن مجاهد: إذا شك القارئ في حرف هل هو بالتاء، أو بالياء فليقرأه بالياء فإن القرآن مذكر، وإن شك في حرف هل هو مهموز، أو غير مهموز فليترك الهمزة (1) وإن شك في حرف هل يكون موصولا، أو مقطوعا فليقرأ بالوصل (2) وإن شك في حرف هل هو ممدود، أو مقصور، فليقرأ بالقصر، وإن شك في حرف هل هو مفتوح أو مكسور، فليقرأ بالفتح؛ لأن الأول غير لحن في
موضع والثاني لحن في بعض المواضع.
قال السيوطي: أخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: «إذا اختلفتم في ياء وتاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن» ففهم منه ثعلب أن ما احتمل تذكيره وتأنيثه كان تذكيره أجود، ورد بأنه يمتنع إرادة تذكير غير الحقيقي التأنيث لكثرة ما في القرآن منه بالتأنيث نحو: النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ وإذا امتنع إرادة غير الحقيقي، فالحقيقي أولى؛ قالوا: ولا يستقيم إرادة أن ما احتمل التذكير والتأنيث غلب فيه التذكير؛ كقوله تعالى: وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ فأنث مع جواز التذكير قال تعالى: أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ قالوا: فليس المراد ما فهم بل المراد يذكروا بالموعظة والدعاء، كما قال تعالى: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ إلا أنه حذف الجار؛ والمقصود ذكروا الناس بالقرآن، أي: ابعثوهم على حفظه كيلا ينسوه قال السيوطي:
أول الأثر يمنع هذا الحمل.
وقال الواحدي: الأمر ما ذهب إليه ثعلب، والمراد أنه إذا احتمل اللفظ التذكير والتأنيث ولم يحتج في التذكير إلى مخالفة المصحف ذكر نحو وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ قال: ويدل على إرادة هذا أن أصحاب عبد الله بن مسعود
(1) لأن الهمزة قد تخفف.
(2)
لأن الأصل الوصل.