الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرجه أحمد والحاكم بهذا اللفظ، وآخره: فأنزل الله: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ
…
[المجادلة: 18].
وهذا البحث الذي حرره الإمام السيوطي واستخرجه بفكره من صنيع الأئمة ومتفرقات كلامهم من الحسن بمكان.
عموم اللفظ وخصوص السبب
هذا الموضوع من الموضوعات التي عني بها الأصوليون في كتبهم؛ وذلك لأنهم ينظرون في حال الأدلة من حيث إفادتها للأحكام من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد ونحو ذلك، وقد يكون الدليل عامّا مع خصوص السبب فيحتاج الأصولي إلى بيان حال الدليل من حيث كونه يتخصص بسببه أو يعم باعتبار لفظه، ولا نظر للسبب إلا من حيث أن الأفراد التي بتناولها الدليل العام تكون من نوع ذلك السبب، وهو مع كونه من مباحث علم الأصول، فهو بسبب وثيق من مباحث أسباب النزول الذي هو من أنواع «علوم القرآن» .
وقبل أن نفصل الخلاف في هذا الموضوع نذكر أحوال كل من السبب واللفظ النازل عليه من عموم وخصوص فنقول: القسمة العقلية تقتضي أربع صور وهي:
1 -
أن يكون كل من السبب واللفظ النازل عليه خاصّا.
2 -
أن يكون كل من السبب واللفظ النازل عليه عامّا.
وهذان القسمان ليسا محل خلاف بين العلماء؛ لأن المطابقة حاصلة بين السبب الذي هو بمنزلة السؤال وبين اللفظ المنزل عليه الذي هو بمنزلة الجواب له.
3 -
أن يكون السبب عامّا واللفظ النازل عليه خاصّا وهذا القسم وإن صح عقلا لكنه لا يجوز بلاغه لعدم وجود التطابق بين السبب الذي هو بمنزلة السؤال واللفظ النازل عليه الذي هو بمنزلة الجواب له فيكون بمنزلة من يقول هل للمسلمين أن يفعلوا كذا فيجاب بأن لفلان أن يفعل كذا ويترك حال
الباقين، ومن ثم لم يقع هذا في الكلام البليغ كالقرآن والسنة.
4 -
أن يكون السبب خاصّا واللفظ النازل عليه عامّا، وهذا القسم جائز عقلا وواقع فعلا إذ لا ضير فيه ولا خلل بل هو أتم وأوفى بالمقصود قال الزمخشري في تفسيره سورة «الهمزة»: يجوز أن يكون السبب خاصّا والوعيد عامّا ليتناول كل من باشر ذلك القبيح وليكون ذلك جاريا مجرى التعريض.
وهذا القسم هو محط اختلاف العلماء، فذهب الجمهور من العلماء إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فحادثة «خولة بنت ثعلبة» التي ظاهر منها زوجها «أوس بن الصامت» كانت سببا لنزول آيات الظهار، وهي قوله تعالى: الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ [المجادلة:
2 -
4]، فاللفظ النازل عام: لأنه اسم موصول، وهو من صيغ العموم ويدخل تحت هذا العموم خولة ومن كان على شاكلتها ممن يظاهر منهن، وحادثة هلال بن أمية الذي رمى امرأته بشريك بن سحماء قد نزل بسببها آيات اللعان هي وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ [سورة النور: 6 - 9] الآيات، فاللفظ النازل عام وهو شامل لمن نزلت فيه الآية ولغيره ممن هو على شاكلته، هذا هو رأي الجمهور.
وذهب غير الجمهور إلى أن العبرة بخصوص السبب يعني: أن لفظ الآية يكون قاصرا على من نزلت بسببه الآية، فآيات الظهار مثلا لفظها خاص بخولة بنت ثعلبة ومظاهرة زوجها منها.
وآيات اللعان لفظها خاص بهلال بن أمية، أما حكم غيرهما ممن يشبههما فلا يكون مستفادا من لفظ الآية إنما يستفاد بطريق القياس أو بالاجتهاد لدخوله تحت القاعدة المعروفة عند الأصوليين وهي: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة (1).
(1) جرت كتب الأصول على عد هذا الكلام حديثا وهو بهذا اللفظ لا يعرف ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو في معنى حديث رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، والنسائي وابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مبايعة النساء: «إني لا أصافح النساء وما قولي لامرأة