الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الابتدائي والإعدادي والثانوي (1) بجزء من القرآن كل عام- وليس حفظ الجزء بالأمر المعجز- لوصل التلميذ إلى الكليات الجامعية والمعاهد العليا وقد حفظ قسطا كبيرا من القرآن ثم يتم الباقي في الجامعة.
وللإنصاف للتلاميذ أرى أنه لا بد لكي يمكن تحقيق ذلك أن يزاح عن كاهلهم بعض ما يكلفون به من علوم لا تفيد عشر معشار ما يفيده القرآن الكريم في بناء الأمة دينيا، ودنيويا، وخلقيا واجتماعيا.
ترى أيها القارئ المنصف لو أن هذا الاقتراح نفذ في الأقطار الإسلامية والعربية لأرضت ربها ورسولها، ولكانت الأمة الإسلامية بحق خير أمة أخرجت للناس، إنها لآمال وأماني فهل تتحقق؛ ذلك ما نرجو، وما ذلك على الله بعزيز.
مسائل في آداب تلاوة القرآن، وحفظته
لقد أفرد هذه الآداب بعض العلماء منهم الإمام النووي في كتابه «التبيان» وقد ذكر فيه وفي «شرح المهذب» وفي كتابه «الأذكار» جملة كبيرة منها:
وقد لخصها، وفصلها، وزاد عليها أضعافا مضاعفة الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه «الإتقان في علوم القرآن» (2).
وسأذكر في هذا الفصل خلاصة ما ذكره السيوطي، وربما زدت عليها زيادات وتعقبات وتوضيحات لما أجمل وإزالة إشكال ما يشكل، فأقول وبالله التوفيق:
1 - قراءة القرآن من أفضل القربات إلى الله
وأعظمها بركة، وأجلها نفعا، والقرآن الكريم هو الكتاب المتعبد بتلاوته، ويستحب الإكثار من قراءته، لأنه يرقق القلوب، ويشرح الصدور، ويزيل الهموم، ويكشف الغموم، وقد روي في الصحيحين عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا
(1) مدة الابتدائي في جمهورية مصر العربية ست سنوات، والإعدادي ثلاثة والثانوي ثلاثة يعني اثني عشر جزءا.
(2)
ج 1 ص 105 وما بعدها.
حسد إلا في اثنتين؛ رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار
…
»
وروى الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، «يقول الرب سبحانه وتعالى من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» إلى غير ذلك من الأحاديث التي سقناها في الدواعي والأسباب الحاملة على حفظ القرآن.
وقد كان للسلف في قدر القراءة عادات، فأكثر ما ورد في كثرة القراءة من كان يختم في اليوم والليلة ثمان ختمات أربعا في الليل وأربعا في النهار ويليه من كان يختم
في اليوم والليلة أربعا، ويليه ثلاثا (1)، ويليه ختمتين، ويليه ختمة، وقد ذمت السيدة عائشة ذلك؛ فأخرج ابن أبي داود، عن مسلم بن مخراق قال: قلت لعائشة إن رجالا يقرأ أحدهم القرآن في ليلة مرتين أو ثلاثة، فقالت: قرءوا أو لم يقرءوا، كنت أقوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة التمام فيقرأ بالبقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا ورغب، ولا بآية فيها تخويف إلا دعا، واستعاذ.
ويلى ذلك من كان يختم في ليلتين، ويليه من كان يختم في كل ثلاث وهو حسن، وكره جماعات الختم في أقل من ذلك لما روى أبو داود والترمذي وصححه من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا:«لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» وأخرج ابن أبي داود، وسعيد بن منصور، عن ابن مسعود موقوفا عليه قال:«اقرءوا القرآن في سبع ولا تقرءوه في أقل من ثلاث» .
وأخرج أبو عبيد، عن معاذ بن جبل أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث.
ويليه من ختم في أربع، ثم في خمس، ثم في ست، ثم في سبع، وهذا أوسط الأمور وأحسنها؛ وهو فعل الأكثرين من الصحابة وغيرهم،
(1) لعل المراد بذلك إمراره بذلك على القلب واستعراضه في الذهن، أما النطق بالألفاظ ولو على سبيل الإسراع فغير ممكن أن يحدث هذا العدد من الختمات في اليوم والليلة حتى ولو لم ينم، فما بالك لو أنه قرأه بتؤدة وتمهل ونام ولو جزءا قليلا من الليل أو النهار
وأخرج الشيخان عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ القرآن في شهر» ، قلت: إني أجد قوة، قال:«اقرأه في عشر» قلت: إني أجد قوة قال: «اقرأه في سبع ولا تزد (1) على ذلك» (2) وفي بعض الروايات مراجعات منه للنبي فيما كان يشير به عليه حتى انتهى الأمر إلى السبع، قال الحافظ في الفتح: وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم كما أن الأمر ليس على الوجوب.
وفي الصحيح أيضا أنه ندم على ذلك لما كبر وقال: فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أني كبرت، وضعفت.
ويلي ذلك من ختم في ثمان، ثم في عشر، ثم في شهر، ثم في شهرين أخرج ابن أبي داود، عن مكحول قال: كان أقوياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرءون القرآن في سبع، وبعضهم في شهر، وبعضهم في شهرين، وبعضهم في أكثر من ذلك وقد روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال: من قرأ القرآن في كل سنة مرتين فقد أدى حقه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عرض القرآن على جبريل في السنة التي قبض فيها مرتين، أقول: ولكن عرض القرآن على جبريل لا ينافي أنه كان يقرأه وحده من غير عرض.
وكره بعض العلماء تأخير ختمه أكثر من أربعين يوما بلا عذر، نص على ذلك الإمام أحمد؛ لأن عبد الله بن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم في كم تختم القرآن قال:«في أربعين يوما» رواه أبو داود.
أقول: وليس في الحديث ما يدل على كراهة الختم في أكثر من أربعين والعبارة ليست حاصرة حتى يكون ما عداها ليس من سنته، وغاية ما يدل عليه أن ذلك كان حالة من حالاته، أو أنه كان الغالب منها.
ويعجبني في هذا ما قاله الإمام النووي في «الأذكار» أن ذلك يختلف
(1) أي: لا تنقص عن ذلك فالمراد بالزيادة بطريق التدلي أي: لا يقرؤه في أقل من سبع.
(2)
صحيح البخاري- كتاب فضائل القرآن- باب في كم يقرأ القرآن.