الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجه المنع وعدم الجواز أنه يذهب إعجازه المقصود منه، والذي هو من أخص خصائص القرآن، والله سبحانه الذي وحد المسلمين تحت راية القرآن يجب أن تتوحد ألسنتهم بلغة القرآن، اللغة العربية الشريفة، ولو جوزنا ذلك لفات هذا الغرض الشريف.
وإلى المنع ذهب الإمام القفال من الشافعية، وكان يقول: إن القراءة بالفارسية لا تتصور؛ فقيل له: فإذا لا يقدر أحد أن يفسر القرآن!!
فقال: ليس كذلك؛ لأن المفسر يجوز أن يأتي ببعض مراد الله، ويعجز عن البعض، أما إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فلا يمكن أن يأتي بجميع مراد الله تعالى؛ لأن الترجمة إبدال لفظة بلفظة تقوم مقامها، وذلك غير ممكن، بخلاف التفسير.
أقول: وما ذكره القفال هو الحق، والذي يجب أن يفتى به؛ فالترجمة الحرفية للقرآن غير ممكنة، أما الترجمة التفسيرية، أو إن شئت الدقة فقل ترجمة تفسيره فهي ممكنة وجائزة.
17 - لا تجوز القراءة بالشاذ من القراءات
: وهو ما لم يصح سنده وذلك مثل القراءة الشاذة ملك يوم الدّين على أن ملك فعل ماض، ونصب يوم وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على ذلك، لكن ذكر موهوب الجزري جوازها في غير الصلاة قياسا على جواز رواية الحديث بالمعنى.
أقول: وما قاله موهوب غير مسلم. والقياس على الرواية بالمعنى قياس مع الفارق، فإن اللفظ في القرآن ركن من أركانه، ولا يتحقق كونه قرآنا إلا به، ولا كذلك
الأحاديث، فإن لفظها ليس معجزا والمعول عليه فيها المعنى دون اللفظ، وإن كانت الرواية باللفظ أولى وأفضل عند الجمهور لمن يتيقن منه وحفظه.
[مراعاة ترتيب المصحف في القراءة]
18 -
الأولى والأفضل أن يقرأ القارئ على ترتيب المصحف؛ لأن هذا الترتيب ارتضاه الصحابة والسلف الصالح- رضوان الله عليهم-:
قال في شرح المهذب: لأن ترتيبه لحكمة فلا يتركها إلا فيم ورد فيه
الشرع كصلاة صبح يوم الجمعة بألم تنزيل يعني السجدة وهَلْ أَتى يعني سورة الإنسان، ونظائره، فلو فرق السور، أو عكسها جاز، ولكن قد ترك الأفضل.
وقال أيضا: أما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فمتفق على منعه؛ لأنه يذهب بعض أنواع الإعجاز يعني التناسب البلاغي بين الآيات ويزيل حكمة الترتيب.
قال السيوطي: وفيه أثر: أخرج الطبراني بسند جيد عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل يقرأ القرآن منكوسا قال: ذاك منكوس القلب.
وأما خلط سورة بسورة فعد الحليمي تركه من الآداب لما أخرجه أبو عبيدة عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة فقال:«يا بلال مررت بك وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة» قال: خلطت الطيب بالطيب فقال: «اقرأ السورة على وجهها» ، أو قال:«على نحوها» ، مرسل صحيح، وهو عند أبي داود موصول عن أبي هريرة بدون آخره. وأخرجه أبو عبيدة من وجه آخر عن عمر بن عفرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال:«إذا قرأت السورة، فأنفذها» وقال:
حدثنا معاذ عن ابن عوف: قال: سألت ابن سيرين عن الرجل يقرأ من السورة آيتين ثم يدعها ويأخذ في غيرها قال: ليتق أحدكم أن يأثم إثما كبيرا وهو لا يشعر، وأخرج عن ابن مسعود قال: إذا ابتدأت في سورة فأردت أن تتحول منها إلى غيرها فتحول إلى قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد فإذا ابتدأت فيها فلا تتحول حتى تختمها. وأخرج عن ابن أبي الهزيل قال: كانوا يكرهون أن يقرءوا بعض الآية ويدعوا بعضها قال أبو عبيد: الأمر عندنا على قراءة الآيات المختلفة، كما أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بلال، وكما أنكره ابن سيرين على من سأله.
وأما حديث عبد الله بن مسعود فوجهه عندي أن يبتدئ الرجل في السورة يريد إتمامها، ثم يبدو له في أخرى، فأما من ابتدأ القراءة وهو يريد التنقل من آية إلى آية، وترك التأليف لآي القرآن، فإنما يفعله من لا علم له؛