الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو كتاب جليل، لا يفوقه في هذا العلم إلا كتاب «الإتقان» للسيوطي، وقد اعتمد عليه السيوطي في تأليف إتقانه، كما ستعلم فيما بعد.
وللإمام «تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني» المتوفى سنة 728 هـ رسالة في «أصول التفسير» وهي على وجازتها قيمة جدّا، وقد اشتملت على بعض أنواع «علوم القرآن» .
المؤلفات في القرن التاسع:
ثم طلع القرن التاسع: فترعرع فيه هذا العلم، وخطا خطوات فسيحة، فقد ألف فيه الإمام «محمد بن سليمان الكافيجي» (1) المتوفّى سنة 879 هـ، كتابا يقول مؤلفه عنه:«إنه لم يسبق إليه» وهو صغير جدّا في بابه، وقد رتبه على بابين وخاتمة:
الأول: في ذكر معنى التفسير والتأويل، والقرآن والسورة والآية.
والثاني: في شروط القول بالرأي.
والخاتمة: في آداب العالم والمتعلم.
وفي هذا القرن أيضا، وضع الإمام «جلال الدين البلقيني» (2) المتوفّى سنة 824 هـ كتابا أسماه:«مواقع العلوم من مواقع النجوم» قال في مقدمته:
«قد اشتهرت عن «الإمام الشافعي» رضي الله عنه مخاطبة لبعض خلفاء بني العباس (3)، فيها ذكر بعض أنواع القرآن، يحصل منها لمقصدنا
(1) هو محمد بن سليمان بن سعد بن مسعود الرومي الحنفي، من كبار العلماء بالمعقولات؛ لأنه لازم السيوطي أكثر من أربعة عشر عاما، وعرف بالكافيجي لكثرة اشتغاله بالكافية في النحو، وانتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر، توفي سنة 879 هـ.
(2)
هو الشيخ عبد الرحمن بن عمر بن رسلان الكناني العسقلاني، أبو الفضل، جلال الدين- من علماء الحديث بمصر وإليه انتهت رئاسة الفتوى، وولي القضاء بالديار المصرية مرارا، توفي سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
(3)
ذلك أنه قد وشى به حساده عند «الرشيد» بأنه يعمل للعلويين، وأنه يؤثر بلسانه ما لا يؤثره المقاتل بسيفه، فأمر به هارون الرشيد فحمل على بغل وهو مكبل بقيود الحديد حتى قدم عليه ببغداد، فدافع عن نفسه حتى ظهرت براءته، ولقد كان لغزارة علمه
الاقتباس وقد صنف في «علوم الحديث» جماعة في القديم والحديث، وتلك الأنواع في سنده دون متنه، أو في مسنديه وأهل فنه (1)، وأنواع علوم القرآن شاملة، وعلومه كاملة، فأردت أن أذكر في هذا التصنيف ما وصل إليه علمي، مما حواه القرآن الشريف من أنواع علمه المنيف، وقد ذكر في كتابه هذا خمسين نوعا من علوم القرآن وقد سردها «السيوطي» في مقدمة «الإتقان» .
ثم جاء فارس هذه الحلبة الإمام «جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين الأسيوطيّ» المولود سنة 849 والمتوفّى سنة 911 هـ، فألف كتابا سماه:«التحبير في علوم التفسير» ضمنه ما ذكره شيخه البلقيني من الأنواع مع زيادة مثلها، وقد فرغ منه سنة 872 هـ، وقد بلغت أنواعه مائة واثنين.
لكن نفسه التواقة إلى المعرفة والاستقصاء لم تقنع بهذا المجهود، فعزم على تأليف كتاب جامع يسلك فيه مسلك الإحصاء والجمع، والضبط مع حسن الترتيب، والتبويب، وفي هذه الآونة .. وقف على كتاب «البرهان» للزركشي ولم يكن اطلع عليه من قبل فقوي عزمه على إبراز ما أراد، وسأدع «السيوطي» يتحدث عن نفسه في هذه الفترة، التي خطر له فيها تأليف هذا الكتاب الجامع فيقول:
«فبينا أنا أجيل في ذلك فكري، أقدم رجلا وأؤخر أخرى (2)، إذ بلغني
أكبر شافع له في هذه المحنة فقد تناظر بين يدي الرشيد هو ومحمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة فأدهش الحاضرين بحجته وفلجه بالصواب، ولما أعجب به الرشيد سأله عن علمه بكتاب الله، فقال الشافعي: عن أي كتاب من كتب الله تسألني يا أمير المؤمنين فإن الله قد أنزل كتبا كثيرة، فقال الرشيد: قد أحسنت، لكني إنما سألت عن كتاب الله الذي أنزل على ابن عمي «محمد» صلى الله عليه وسلم فقال الشافعي: إن علوم القرآن كثيرة، فهل تسألني عن محكمه ومتشابهه أو عن تقديمه وتأخيره أو عن ناسخه ومنسوخه أو عن .. أو عن .. وصار يسرد عليه من علوم القرآن ويجيب على كل سؤال بما أدهش الرشيد والحاضرين وهذه القصة تدل على أن مباحث علوم القرآن كانت معلومة للعلماء مركوزة في نفوسهم قبل أن تدون، وتقيد في الكتب.
(1)
رجاله وأئمته.
(2)
أي وأؤخرها أخرى كناية عن التردد في الشيء، فالمفعول محذوف وهو الضمير