الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا [التوبة: 49] الآية.
ومن أمثلة الشتائي:
1 -
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ إلى قوله وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ففي الصحيح عن عائشة أنها نزلت في يوم شات.
2 -
الآيات التي نزلت في غزوة الخندق في سورة الأحزاب، فقد كانت في شدة البرد كما يدل على ذلك القرآن، وما ذكر في المغازي، ففي حديث حذيفة تفرق الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب إلا اثنى عشر رجلا فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«قم فانطلق إلى معسكر الأحزاب» قلت:
يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما قمت لك إلا حياء من البرد
…
الحديث، وفيه فأنزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها [الأحزاب: 9 وما بعدها] إلخ الآيات، أخرجه البيهقي في الدلائل.
الصلة الرابعة
ما تأخر حكمه عن نزوله وما تأخر نزوله عن حكمه (1).
فمن أمثلة ما تأخر حكمه عن نزوله:
1 -
قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)[الأعلى 14 - 15] فقد روى البيهقي وغيره عن ابن عمر أنها نزلت في زكاة الفطر، وقد استشكل ذلك؛ لأن السورة مكية ولم يكن بمكة عيد مشروع ولا زكاة ولا صوم، وقد أجاب البغوي بأنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم وهو جواب حسن.
2 -
قوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)[القمر: 45] فقد نزلت بمكة قطعا ولم يكن شرع الجهاد، وقد استشكل عمر ذلك ثم تبين له أن المراد بالجمع جمع بدر، فقد روي عنه أنه قال حين نزلت الآية: أي
(1) الإتقان ج 1 ص 37.
جمع فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف يقول سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) فكانت ليوم بدر، أخرجه الطبراني في الأوسط فيكون من الإشارات والنبوءات الغيبية التي أظهرت الأيام صدقها، وكانت من دلائل النبوة.
3 -
قوله تعالى: قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (49)[سبأ: 49] أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أن المراد بالحق السيف، يعني الجهاد، واستشكل بأن الآية مكية متقدمة على فرض القتال، والجواب أن هذا مما تقدم نزوله على حكمه، ويؤيد تفسير ابن مسعود ما أخرجه الشيخان من حديثه أيضا، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود كان في يده ويقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (49) أقول: والمتبادر من الحق أنه الأمر الثابت، فتفسيره بالجهاد غير قوي، ويكون المراد بالحق الدين الحق، أو كلمة التوحيد.
4 -
قوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ [الأنعام: 141] فالمراد بها الزكاة وقوله تعالى في سورة المزمل وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ [المزمل:
20] فهذا مما تأخر حكمه عن نزوله، إذ الزكاة إنما شرعت بالمدينة، أقول: وهذا على رأي بعض العلماء، وعلى أن السورتين كلتيهما مكيتان، ولكن بعض العلماء يرى أن آية إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ الآية مدنية وأنها ناسخة لوجوب قيام الليل في صدر السورة.
ويرى فريق من العلماء أن فرض الزكاة كان بمكة، أما تفصيل أحكامها وأنصبتها، وبيان مصارفها فكان بالمدينة، وعلى هذا فلا تكون الآيتان من هذا القبيل، وأما الحكمة في تقدم النزول عن الحكم فقد أشار إليها ابن الحصار بقوله: قد ذكر الله الزكاة في السور المكيات كثيرا تصريحا وتعريضا بأن الله سينجز وعده لرسوله ويقيم دينه، ويظهره حتى يفرض الصلاة والزكاة وسائر الشرائع ولم تؤخذ الزكاة إلا بالمدينة بلا خلاف، أقول: لعل مراده بالأخذ التنفيذ العملي؛ فإن ذلك لم يكن إلا بالمدينة
قطعا، أما أصل المشروعية فللعلماء فيها خلاف كما ذكرت، وأيضا وليكون ذلك من أعلام صدقه، ودلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.
ومن أمثلة ما تأخر نزوله عن حكمه:
1 -
آية الوضوء؛ ففي صحيح البخاري عن عائشة قالت: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فثنى رأسه في حجري راقدا، وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة، وقال: حبست الناس في قلادة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد، فنزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إلى قوله لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فالآية مدنية إجماعا، وفرض الوضوء كان بمكة مع فرض الصلاة؛ قال ابن عبد البر: معلوم عند جميع أهل المغازي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلّ منذ فرضت عليه الصلاة إلا بوضوء، ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند، قال: والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ليكون فرضه متلوا بالتنزيل، وجوز غيره أن يكون أول الآية نزل مقدما مع فرض الوضوء، ثم نزل بقيتها، وهو ذكر التيمم في هذه القصة، ويرد هذا الاحتمال أن الآية مدنية بالإجماع.
2 -
آية الجمعة (1) فإنها مدنية، والجمعة فرضت بمكة، وأما ما قاله ابن الغرس: إن إقامة الجمعة لم تكن بمكة قط فيرده ما أخرجه ابن ماجة عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال: كنت قائد أبي حين ذهب بصره، فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الآذان يستغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة فقلت: يا أبتاه أرأيت صلاتك على أسعد بن زرارة كلما سمعت النداء بالجمعة لم هذا قال: أي بني كان أول من صلى بنا الجمعة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة؛ أقول: وهذا إنما يصلح للرد إن أراد ابن الغرس بقوله هنا إنها لم تفرض قبل الهجرة، أما إن أراد أنها لم تؤد بجماعة بمكة فلا يصلح ردّا عليه.
(1)[الجمعة: 9].