الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأشرفي نائب الكرك
آقوش بن عبد الله الأشرفي، الأمير جمال الدين نائب الكرك.
أصله من مماليك الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وترقى إلى أن صار من جملة أمراء الديار المصرية، ثم ولى نيابة الكرك، ثم نقله الملك الناصر محمد ابن قلاوون إلى نيابة دمشق بعد الأمير كراي بحكم القبض عليه، فأقام آقوش هذا في نيابة دمشق مدة، وعزل بالأمير تنكز وطلب إلى القاهرة، وصار يجلس رأس الميمنة، ويقوم له السلطان إذا دخل - ميزة عن غيره - وكان لا يلبس المصقول، ويتوجه إلى الحمام في السحر وهو حامل الطاسة والمئزر، ويقلب عليه الماء، ويخرج وحده من غير بابا ولا مملوك.
وحكي عنه أنه دخل مرة الحمام فرآه بعض من يعرفه، فأخذ الحجر وحك رجليه وغسله بالسدر، ولم يكلمه كلمة واحدة. فلما خرج طلبه ورماه إلى الأرض وضربه بالعصا، وقال له: أنا مالي مملوك، ما عندي بابا، مالي غلمان حتى تتجرأ علي.
ولما عمر جامعه بالحسينية - خارج القاهرة - فكان يتفقده في غالب الأحيان؛ لينظر حاله، ولم يدخل معه أحد من مماليكه، فويل للقيم إن رأى به تراباً. فلما كان في بعض الأيام - وهو بمفرده في الجامع المذكور على عادته - لم يشعر إلا وجندي من أكراد الحسينية قد بسط سفرةً وقصعة لبن ورقاق في وسط الجامع، فأيقن كل أحد له بالقتل في ذلك اليوم، وقال: بسم الله ثم التفت إلى الأمير، فرآه ولم يعرفه، فحسبه طفيلي، فقال له: من أعلمك بي أو دلك علي؟ قال: والله ولا أحد فطلب الأمير مماليكه وأكل وانبسط، وأمر له بستمائة درهم، فاتفق أن أتاه بعد ذلك كردي آخر وفعل مثل ذلك، فأمر به فضرب ستمائة عصا.
وقيل إنه كان يقصد المطالب. وكان جواداً. قيل إنه ما تجرد إلى جهة من الجهات ورافقه أحد إلا وكان أكله على سماطه - ذهابه وإيابه - ويعلفون من عليفه من يوم خروجهم من القاهرة إلى عودهم.
وكان السماط الذي يمده في يوم العيد - عبد الفطر - نظير السلطان، ثم ولاه السلطان نظر البيمارستان المنصوري. ومن يومئذ صار ذلك عادة لكل أمير يكون رأس الميمنة.
قلت: وأما الأمير الكبير الذي هو الآن في زماننا هذا أول من سمى به الأمير شيخو صاحب الخانقاة، وإنما كان قبل ذلك من كان قديماً في الإمرة يقعد رأس الميمنة، انتهى. ثم أخرجه الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى نيابة طرابلس في أول سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، فأقام بها مدة، ثم طلب الإقالة والتوجه إلى القدس، فرسم له بالحضور. فلما وصل إلى دمشق خرج إلى لقائه الأمير تنكز نائب الشام وعمل له سماطاً في دار السعادة. فلما حضر لأكل السماط قبض عليه وحبسه بقلعة دمشق.
وقيل إنه لما كان نائب الشام كتب إليه شخص ورقة فيها: المملوك يسأل الحضور بين يدي ملك الأمراء؛ فوقع على جانبها: الاجتماع مقدر.
وكتب إليه بعض أشكال الملاح بدمشق يطلب إقطاعاً، فوقع له: من كان يومه بخمسين وليلته بمائة، ماله حاجة بالجندية.