الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى أن تجرد صحبة الأمير ألطنبغا القرمشي إلى البلاد الشامية، ووقع ما حكيناه قريباً في ترجمة القرمشي، من تولية المذكور لنيابة حلب بعد قتل الأمير يشبك اليوسفي المؤيدي. واستمر ألطنبغا الصغير هذا في نيابة حلب إلى أن بلغه أن الأمير ططر قبض على القرمشي وقتله تخوف منه، وخرج من حلب فاراً؛ فلقيه بعض تركمان الطاعة، فركبوا وقاتلوه، فقاتلهم قتالاً شديداً، ثم انكسر وأمسك وقتل بمعاملة البلاد الحلبية، في تاسع شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وكان شاباً طريفاً، تركياً، مليح الشكل، شجاعاً، سخياً، وله مشاركة هينة، ويستحضر بعض تاريخ وكثيراً من السيرة النبوية، منهمكاً في اللذات، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
المارداني، صاحب الجامع خارج باب زويلة
ألطنبغا بن عبد الله المارداني الناصري الساقي، الأمير علاء الدين، أحد مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون وخاصكيته.
كان الملك الناصر قد شغف به محبة، وجعله ساقياً، ثم أعطاه إمرة عشرة، ثم طبلخاناه في مدة يسيرة، ثم جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية. ولما أن كان خاصكياً مرض مرضة شديدة، طول فيها، وعيا الأطباء شفاءه، وأنزله السلطان من عنده، من قلعة الجبل إلى الميدان. وصار متولي القاهرة يقف في خدمته، ويحضر له كل من برا باب اللوق من المساخر وأرباب الملاهي وغيرهم، وهو ينعم عليهم، ويتصدق بأضعاف ذلك.
وكان الملك الناصر محمد زوجه بابنته، فأنزلها أيضاً إليه من القلعة، ثم نزل السلطان لعيادته غير مرة، وصارت الخاصكية يتناوبونه جماعة بعد جماعة، ويبيتون عنده، وتصدق في تلك الأيام بجملة مستكثرة، ثم شرع في بناء جامعه، المعروف به - خارج باب زويلة - كل ذلك قبل أن يتأمر، وهو من جملة
الخاصكية السقاة. وصرف على الجامع المذكور وعلى أوقافه جملة كبيرة إلى الغاية. فلما نصل من مرضه، أنعم السلطان عليه بإمرة عشرة، ولا زال ينقله حتى صار أمير مائة ومقدم ألف، حسبما ذكرناه - واستمر على ذلك إلى أن مات أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وتولى السلطنة من بعده ولده الملك المنصور أبو بكر، فلم تطل مدته في الدولة المنصورية، وقبض عليه في شهر صفر سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، فلما خلع المنصور من الملك وتسلطن أخوه الملك الأشرف جكك بن محمد بن قلاوون، أخرج الأمير ألطنبغا المارديني هذا من حبسه، وخلع عليه وعلى الأمير يلبغا اليحياوي، وأقاما على إقطاعهما على عادتهما أولاً بالقاهرة، إلى أن خلع الملك الأشرف جكك أيضاً في السنة المذكورة، وتسلطن أخوه الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون، فجلس على سرير الملك، والفتن عمالة إلى يوم السبت ثاني عشرين المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، خلع وتولى السلطنة من بعده أخوه الملك الصالح إسماعيل ابن محمد بن قلاوون - وهو السلطان الرابع من أولاد الملك الناصر محمد