الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقتله، وقتل الأمير قاني باي، فقتلا وحمل رأسهما إلى القاهرة ومعهما رؤوس أخر تعلقوا الجميع على أحد أبواب القاهرة أياماً.
وكان قتل الأمير إينال المذكور في شعبان سنة ثمانية عشر وثمانمائة، وكان أميراً شجاعاً مقداماً، كريماً متواضعاً، محبباً للناس، مشكور السيرة بشوشاً، ذا شكالة حسنة وأبهة وحرمة، بادره الشيب في شبيبته. وبالجملة فإنه كان من محاسن الزمان، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
الجكمي
إينال بن عبد الله، الأمير سيف الدين، أتابك العساكر بديار مصر، ثم نائب الشام.
أصله من مماليك الأمير جكم من عوض المتغلب على حلب، وتنقل بعد موت أستاذه في عدة خدم إلى أن اتصل بخدمة الملك المؤيد شيخ في حال إمرته.
ولما تسلطن المؤيد قرب إينال المذكور وجعله خاصكياً، ثم ساقياً، ثم بلغ المؤيد عنه ما أوجب ضربه ونفيه إلى البلاد الشامية، فأقام بدمشق إلى أن خرج الأمير قاني باي المحمدي نائب دمشق عن طاعة المؤيد، فلم يوافقه إينال المذكور، بل صار من حزب السلطان، وقاتل قتالاً شديداً.
فلما بلغ المؤيد ذلك، طلبه إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة عشرة، ثم جعله أمير طبلخاناه وشاد الشراب خاناه، ثم صار بعد موت المؤيد أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، ثم صار رأس نوبة النوب. ولما سافر الأمير ططر بالسلطان الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ إلى البلاد الشامية استقر بإينال المذكور في نيابة حلب، عوضاً عن الأمير ألطنبغا الصغير، بحكم تسحبه عنها، فتوجه إلى حلب، وأقام بها نحو أربعين يوماً، وعزل بالأمير تغرى بردى - قريب قصروه - وعاد إلى دمشق، وصار أمير سلاح. فلم يقم إلا مدة يسيرة، وقبض
عليه مع من قبض عليهم من المؤيدية، وحبس مدة إلى أن أطلقه الملك الأشرف برسباي، ورسم له بالحج فحج، وعاد إلى القدس بطالاً إلى أن طلبه الملك الأشرف برسباي في سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، وخلع عليه بإمرة مجلس، ودام على ذلك إلى أن مات الأمير إينال النوروزي، نقل عوضه إلى إمرة سلاح، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة.
فاستمر على ذلك سنين إلى أن استقر أتابك العساكر بالديار المصرية، بعد أن شغر الأتابكية، بعد الأمير سودون بن عبد الرحمن أشهراً، فدام أتابكاً إلى أن عزل الأمير قرقماس الشعباني عن نيابة حلب، استقر الأتابك إينال هذا عوضه في نيابة حلب، وخرج إليها معظماً مبجلاً، وولى أتابكاً، عوضه الأمير جقمق العلائي أمير سلاح، واستقر قرقماس الشعباني نائب حلب أمير سلاح.
وكان قبل خروج الأمير إينال إلى محل كفالته، ورد الخبر على الأشرف بمضر قصروه نائب الشام، فوعد الأشرف الأمير إينال المذكور بنيابة الشام،
بل قال له: إن مات قصروه قبل وصولك إلى حلب أدخل إلى دمشق ولا تتوجه إلى حلب، فسار إينال إلى حلب. وباشر نيابتها من يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثمانمائة إلى يوم الأربعاء رابع عشرين ربيع الآخر من السنة، ونقل إلى نيابة دمشق بعد موت الأمير قصروه.
واستمر في نيابة دمشق إلى أن عصى على الملك الظاهر جقمق، وخرج عن طاعته، وأرسل الملك الظاهر لحربه الأمير أقبغا التمرازي، بعد ما ولاه عوضه نيابة دمشق، وأضاف إليه عدة من الأمراء والخاصكية، وتوجهوا الجميع لقتاله، والتقوا معه بالقرب من شقحب، والتحم القتال بين الفريقين، فكانت الكسرة أولاً على عسكر السلطان، ثم كروا عليه ثانياً، وقد اشتغل غالب عسكره بالنهب، وحملوا عليه، فانكسر، ولوى رأس فرسه إلى جهة دمشق، وجد في السير إلى أن وصل إلى قرية حارستا من قرى دمشق، فنزل بها.
وكان السيفي جانبك دوادار الأمير برسباي حاجب حجاب دمشق في إثره، فنزل إينال عن فرسه، وأراد الراحة؛ فطوقه جانبك المذكور مع أهل البلد، وقبض عليه، وحمله إلى قلعة دمشق، فحبس بها إلى أن ورد المرسوم من الملك الظاهر جقمق بقتله، فقتل بقلعة دمشق في ليلة الاثنين ثاني عشرين شهر ذي