الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أغار على الشقرا في قيد جهله
…
لكي يركب الشهباء في الملك مطلقا
فلما علا في ظهرها كان راكبا
…
على أدهم لكنه كان موثقا
ولابن ريان من أبيات في المعنى:
أتى القوم بالأعداء أسرى أذلة
…
إلى حلب الشهباء إلى خير مقدم
فبكلمش وافوا به وبأحمد
…
ومن بيبغا قد أدركوا كل مغنم
ومن رام ظلم الناس يقتل بسيفه
…
ولو نال أسباب السماء يسلم
قضوا ومضوا لا خفف الله عنهم
…
إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم
قال الشيخ أبو محمد بن حبيب في تاريخه: وباشر شامخاً بأنفه سالكاً طريق عنفه لابساً ثياب الكبر راكباً من العز بحراً ليس له عبر. انتهى كلام ابن حبيب.
قلت: وبيبغا تقدم الكلام عليه، وأرس بألف مضمومة، وراء مهملة مضمومة أيضاً، وسين مهملة ساكنة، قبيلة من قبائل التتر في الشمال، بالإقليم السادس.
المظفري الأتابك
بيبغا بن عبد الله المظفري الظاهري، الأمير سيف الدين، أتابك العساكر بالديار المصرية.
أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق ومن خاصكيته، ثم تنقل في الدولة الناصرية فرج إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك إلى أن تجرد الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية في سنة أربع عشرة وثمانمائة، لقتال الأمير ابن شيخ المحمودي ونوروز الحافظي، وقدم الملك الناصر عدة أمراء أمامه جاليشاً. كان الأمير بيبغا هذا أيضاً في الجاليش، وتوجهوا إلى أن قدموا دمشق، ودخلوا على والدي الجميع بدار السعادة، وهو ملازم للفراش، فباسوا يده، ثم شكوا من فعل الناصر بهم وبغيرهم من الأمراء والجند، وعرفوه توجههم إلى الأميرين وعصيانهم على الناصر، فنهاهم والدي نهياً هيناً، ثم خرجوا من عنده وذهبوا بأجمعهم إلى الأمراء، وعصوا على الناصر، وكانوا عدة أمراء، فكان من أمراء الألوف: الأمير بكتمر جلق، والأمير طوغان الحسني الدوادار، والأمير بيبغا هذا وعدة أخر. واستمر بيبغا من حزب الأمير شيخ المحمودي ودخل معه إلى الديار المصرية بعد قتل الملك الناصر فرج في السنة المذكورة بدمشق، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالقاهرة، كما كان أولاً، ثم إخراجه بعد مدة أتابكاً بدمشق، فتوجه إلى دمشق، ودام بها إلى
أن خرج نائبها قاني باي المحمدي عن طاعة الملك المؤيد شيخ، وعصى في سنة ثماني عشرة وثمانمائة، ثم قاتل أمراء دمشق، فكان بيبغا هذا من حزب الملك المؤيد، وقاتل قاني باي المذكور مع من انضم إليه من أمراء دمشق وغيرهم.
ثم انكسر بيبغا وهرب إلى بعض البلاد الشامية إلى أن خرج الملك المؤيد من الديار المصرية، لقتال قاني باي، وانتصر عليه، وظفر به وبالأمير إينال الصصلاني نائب حلب وغيرهما، فعند ذلك أنعم الملك المؤيد على بيبغا المذكور ثانياً بتقدمة ألف بديار مصر، وأخذه معه، وعاد إلى القاهرة، فاستمر بيبغا على ذلك مدة يسيرة، وقبض عليه الملك المؤيد ثانياً، وحبسه بثغر الإسكندرية إلى أن أطلقه الأمير ططر بعد موت الملك المؤيد شيخ، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف على عادته، ثم صار أمير مجلس، ثم أمير سلاح.
واستمر على ذلك إلى أن تسلطن الملك الأشرف برسباي أخلع عليه باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضاً عن الأمير طرباي بعد القبض عليه بمدة، وذلك في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وصار الأمير جقق أمير سلاح عوضه، واستمر بيبغا على
ذلك إلى أن قبض عليه الملك الأشرف برسباي في يوم البت تاسع عشرين شوال سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وحمله إلى الإسكندرية، فسجن بها مدة إلى أن أطلقه الملك الأشرف، ورسم له بالإقامة بثغر دمياط بطالاً، فتوجه إليها، ودام بها إلى أن نقل إلى القدس بطالاً أيضاً بشفاعة زوجته خوند قنقباي، أم الملك المنصور عبد العزيز بن الملك الظاهر برقوق، فلم تطل أيامه بالقدس، وطلب إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف وصار أمير مجلس، لكنه كان يجلس في الخدمة السلطانية رأس الميسرة، بخلاف قاعدة أمراء مجلس، وذلك مراعاة لمنزلته السالفة، فأقام على ذلك مدة يسيرة، وتوفى بالطاعون في ليلة الأربعاء سادس جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وله نحو ستين سنة.
وكان أمراً جليلاً، مهاباً، شجاعاً، معظماً في الدولة، وعنده تعصب لمن يلوذ به ومروءة، لكنه كان سيئ الخلق، قوي النفس، وله بادرة وخسة إلى الغاية مع سلامة باطن.
وكان تركي الجنس مستحقاً باجلراكسة، وعنده جنكزخان المغلي بمنزلة الخضر عليه السلام. وكان يخاطب الملك باللفظ الخشن، ولهذا كان كثيراً ما يمسك ويحبس. رحمه الله تعالى.