الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان من جملة الأمراء بالديار المصرية، ثم ولى نيابة الإسكندرية، ثم ولى نيابة حلب، عوضاً عن الأمير علاء الدين على المارديني، فساءت سيرته بها؛ فعزل بالأمير بيدمر البدري، وقبض عليه، ثم صار بعد ذلك أمير آخوراً بالديار المصرية إلى أن توفى بها في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة.
وكان أميراً شديد البأس، ذا أخلاق شرسة، يميل إلى الظلم، إلا أنه كان قديم الهجرة، ذا مهابة، ومعرفة، وتدبير، ودهاء. عفا الله عنه.
بكتمر الجوكندار
بكتمر بن عبد الله الجوكندار، الأمير سيف الدين.
كان أحد الأمراء الذين يشار إليهم أيام سلار وبيبرس الجاشنكير، ثم إنهما عملا عليه وأخرجاه إلى قلعة الصبيبة نائباً بها، فأقام هناك مدة، ثم نقل
إلى نيابة صفد بعد موت الأمير سنقر شاه المنصوري، وكان في خدمته إذ ذاك ثمانمائة مملوك، حتى كان إذا ركب فيهم كانوا قريباً من عسكر صفد؛ فأقام في نيابة صفد نحو سنتين.
فلما حضر الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك، لاقاه إلى دمشق، وحضر معه إلى القاهرة؛ فجعله الملك الناصر نائب السلطنة بالديار المصرية.
وكان الملك الناصر يدعوه يا عمي. وله ولد يسمى محمد، كان هو والسلطان لا يتفارقان، وكان السلطان يدعوه: يا أخي.
قال الشيخ صلاح الدين: ولما كان في بعض الأيام والسلطان متوجه إلى المطعم، بكتمر بإزائه، خرج السلطان من السرج، ومال إليه، وقال: يا عمي ما بقي في قلبي من أحد من هؤلاء الأمراء أن أمسكه إلا فلان وفلان، وذكر له أميرين، فقال له: يا خوند ما تطلع من المطعم إلا وتجدني قد أمسكتهما.
وكان ذلك يوم الثلاثاء؛ فقال له السلطان: لا يا عمي ألا دعهما إلى يوم الخميس أو الجمعة نمسكهما في الصلاة إذا فرغنا منها. فقال: السمع والطاعة.
ثم إنه جهز إليه تشريفاً هائلاً، ومركوباً معظماً. فلما كان يوم الخميس قال له: غداً نمسكهما. فلما كان يوم الجمعة قال له في الصلاة: أين هما؟ قال: حاضران؛ فقال: يعد الصلاة تقدم بما قلت لك. فلما انقضت الصلاة، قال:
يا عم، ما لي وجه أراهما واستحيي منهما، ولكن أمسكهما إذا دخلت أنا إلى الدار، وتوجه بهما إلى المكان الفلاني تجد منكلي بغا وقجماس، فسلمهما إليهما وروح. فلما أمسكهما، وتوجه بهما إلى المكان المذكور له، وجد الأميرين قجماس ومنكلي بغا هناك، فقاما إليه، وقالا له: عليك سمعاً وطاعة لمولانا السلطان، وأخذا سيفه؛ فقال لهما: يا خجداشية، ما هو هكذا الساعة كما فارقته؟، وقال أمسك هؤلاء، فقالا: ما القصد إلا أنت، فأمسكاه، وأطلقا الأميرين. وكان ذلك آخر العهد به بتاريخ سنة إحدى عشرة وسبعمائة تقريباً.
وكان فيه خير وبر للصلحاء، وحج حجة أنفق فيها شيئاً كثيراً، وأعطى المجاورين بالحرمين الذهب والقمصان والقمح.
وكان لا يحب سفك الدماء؛ فكان في صفد إذا أحضروا القاتل ضربه ضرباً مبرحاً، قريباً من السبعمائة عصا، ورماه في الحبس ويقول: الحي خير من الميت؛ فكثر الفساد في صفد وبلادها.