الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما كانت السنة الثانية خرج العرب على الركب ونهبوه، وأخذوا منهم شيئاً كثيراً؛ فلما عادوا شكوا إليه؛ فقال: هؤلاء العرب في مملكتنا، أم في مملكة الناصر محمد بن قلاوون؛ فقالوا له: لا في مملكتك، ولا في مملكة الناصر، وإنما هم في البرية لا يحكم عليهم أحذ، يعيشون بقائم سيفهم ممن يمر عليهم؛ فقال: هؤلاء فقراء، كم مقدار ما يأخذون من الركب؟ نحن نحمله إليهم من بيت المال من عندنا في كل سنة، ولا ندعهم يأخذون من الرعية شيئاً؛ فقالوا له: يأخذون ثلاثين ألف دينار؛ ليراها كثيراً؛ فيبطلها، فقال: هذا القدر ما يكفيهم، اجعلوها في كل سنة ستين ألف دينار، وتكون تحمل من بيت المال كل سنة إليهم صحبة مسفر من عندنا. فمات بوسعيد في تلك السنة بأذربيجان في شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وله نيف وثلاثون سنة، وكان قد أنشأ بالسلطانية تربة؛ فنقل إليها. وانقرض بيت هولاكو بموته، وقيل إنه كان عنيناً، والله أعلم.
؟؟
الحبيس
بولص الراهب، المعروف بالحبيس. وقيل اسمه: ميخائيل.
كان أولاً كاتباً، ثم ترهب، وانقطع في جبل حلوان خارج القاهرة؛ فيقال إنه ظفر هناك بمال دفين؛ فلما ظفر به وأثرى، صار يواسي به الفقراء من كل دين، وقام عن المصادرين بجمل وافرة.
وكان أول ظهور أمره أن وقعت نار بحارة الباطلية سنة ثلاث وستين وستمائة؛ فأحرقت ثلاثاً وستين داراً، ثم كثر الحريق بعد ذلك حتى احترق ربع فرج. - وكان وقفاً على أشراف المدينة -، والوجه المطل على النيل من ربع العادل، واتهم بذلك النصارى؛ فعزم الظاهر بيبرس على قتل النصارى واليهود؟، وأمر بوضع الحلفاء والأحطاب في حفيرة كانت في القلعة، وأن تضرم النار فيها، ويلقى فيها اليهود والنصارى؛ فجمعوا حتى لم يبق منهم إلا من هرب، وكتفوا ليلقوا فيها فشفع فيهم الأمراء، وأمر أن يشتروا أنفسهم؛ فقرر عليهم خمسمائة ألف دينار، وضمنهم الحبيس المذكور؛ فحضر موضع الجباية منهم؛ فكان أي من عجز عما قرر عليه وزن الحبيس عنه، سواء كان يهودياً أو نصرانياً.
وكان الحبيس المذكور يدخل الحبوس، ومن كان عليه دين وزنه عنه، وسافر إلى الصعيد وإلى الإسكندرية، ووزن عن النصارى ما قرر عليهم.
وكان الناس قد عرفوه؛ فكان بعض الناس يتحيل عليه؛ فإذا رآه قد دخل المدينة أخذ اثنين بقصص - صورة أنهما رسولا القاضي أو المستولي - وأخذا يضربانه؛ فيستغيث به: يا أبونا يا أبونا؛ فيقول ما باله؟ ؛ فيقولان: عليه دين، أو اشتكت عليه زوجته، فيقول: على كم؟ فيقولا: على ألفين أو أقل أو أكثر؛ فيكتب له على شقفة أو غيرها إلى بعض الصيارف بذلك المبلغ؛ فيقبضه منه.
وقيل إن مبلغ ما وصل منه إلى السلطان، وما واسى به الناس في مدة ثلاث سنين ستمائة ألف دينار. مضبوطة بقلم الصيارف الذين كان يجعل عندهم المال، وذلك خارجاً عما كان يعطى من يده.
وكان لا يأكل من هذا المال ولا يشرب، بل النصارى يتصدقون عليه بما يمونه.
فلما كان سنة ست وستين وستمائة، أحضره الملك الظاهر بيبرس؛ فطلب منه المال أن يحضره، أو يعرفه من أين وصل إليه؛ فجعل يدافعه ويغالطه، ولا يفصح له بشيء - وهو عنده داخل الدور - فعذبه حتى مات، ولم يقر بشيء، فأخرج من القلعة، وأرمى ظاهرها على باب القرافة. وكان قد وصل إلى الملك الظاهر بيبرس فتاوى فقهاء الإسكندرية بقتله، وعللوا ذلك بخوف الفتنة من ضعفاء نفوس المسلمين. انتهى.