الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أمسكه السلطان مع كريم الدين الكبير وصادره، فطلب العوام قتله، وأثبت القضاة عليه محاضر بالكفر وغير ذلك، فخاف السلطان أنه إذا قتل يروح عليه المال فسلمه إلى بيبرس الأحمدي، ثم أرسله إلى صفد ناظراً، فأقام بها مدة، ثم نقل إلى الشام، فكرهه الأمير تنكز في أول حضوره. فلما رأى حسن مباشرته وعفته وتبعده أحبه، ثم طلب إلى الديار المصرية، فخافه أعداؤه وعملوا عليه حتى أقام بداره بطالاً، ثم تكلموا فيه وأمعنوا حتى رسم بنفيه إلى أسوان، فجهز في البحر، فغرق في النيل في سنة ست وعشرين وسبعمائة.
قيل إنه كان غزير المروءة، إذا قام مع أحد تعصباً ما يرجع عنه. وكانت أطعمته فاخرة، ونفسه على الطعام واسعة. عفى الله عنه.
مشد الدواوين
الأكوز بن عبد الله الناصري، الأمير سيف الدين.
أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، كان جمداراً، فرقاه وأمره، ثم جعله شاد الدواوين، فعمل الشد أعظم من الوزارة، وتنوع في
عذاب المصادرين، وقتل بالمقارع، وحمى الطاسات وألبسها للناس، وحمى الدسوت وأجلسهم عليها، وضرب الأوتاد في الآذان، ودق القصب تحت الأظفار وبالغ، ثم أضاف إليه السلطان، لؤلؤ غلام فندش، فاتفقا على عقاب الناس، وزاد البلاء في أيامهما، وسكنت رعبة الأكوز في القلوب، ولم يزل كذلك إلى أن غضب يوماً على لؤلؤ المذكور، فأخذ العصاة بيده وضربه حتى هرب من قدامه وهو خلفه إلى باب القلعة البراني، وخرق شاشة في رقبته، فدخل لؤلؤ على النشو وعلى قوصون وبذل المال، واتفق أن كان الغلاء بالقاهرة سنة ست وثلاثين وسبعمائة، فقال السلطان لأكوز: انزل ولا تدع أحداً يبيع بأكثر من ثلاثين درهماً الأردب.
فأول ما نزل إلى شونة قوصون وأمسك السمسار الذي له وضربه بالمقارع وأخرق بأستاداره، فكلم قوصون الأكوز فأساء عليه الرد، فدخل قوصون إلى السلطان، فأخرق السلطان به، فأكمنها له، وعمل عليه هو والنشو، ولم يزالا به إلى أن غضب عليه السلطان وضربه ورسم عليه أياماً، ثم أعطاه إمرةً بدمشق، فتوجه إليها وأقام بها مدة يسيرة.
وتوفى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. رحمه الله تعالى وعفا عنه.