المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يوم الثلاثاء ثامن المحرم سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ودفن من - المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي - جـ ٣

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌رب يسر وأعن يا كريم

- ‌آقطوه الأشرفي

- ‌آقطوه الموساوي

- ‌الأفرم، نائب الشام

- ‌البرنلي، المتغلب على البلاد الشامية

- ‌الشمسي نائب حلب

- ‌الركني الطباخ

- ‌المحمدي الصالحي النجمي

- ‌النجيبي الصالحي

- ‌قتال السبع

- ‌الأشرفي نائب الكرك

- ‌آقوش الشبلي

- ‌آقوش الشهابي

- ‌آقوش البيسري

- ‌باب الألف والكاف

- ‌القاضي كريم الدين الصغير

- ‌مشد الدواوين

- ‌باب الألف واللام

- ‌الابن الطشتمري

- ‌الأبو بكري

- ‌الناصري الدوادار

- ‌اليوسفي، صاحب الوقعة

- ‌المظفري نائب طرابلس

- ‌نائب دمشق

- ‌ألجبغا العادلي

- ‌ألطبرس المنصوري

- ‌ألطبرس الظاهري

- ‌ألطقصبا التركي

- ‌العثماني الأتابك، نائب دمشق

- ‌الصالحي نائب حلب ثم دمشق

- ‌ألطنبغا الحلبي

- ‌الجوباني، نائب دمشق

- ‌القرمشي الأتابكي

- ‌الصغير، رأس نوبة النوب

- ‌المارداني، صاحب الجامع خارج باب زويلة

- ‌شادي الظاهري

- ‌الجاولي، الأمير الأديب

- ‌المعلم، أمير سلاح

- ‌المرقبي المؤيدي

- ‌المعلم الظاهري

- ‌الشريفي الناصري

- ‌أللمش الناصري

- ‌نائب السلطنة بمصر

- ‌الصرغتمشي

- ‌ألماس الناصري

- ‌صاحب سمرقند

- ‌الأربلي الملقن

- ‌باب الألف والميم

- ‌أمير حاج بن مغلطاي

- ‌قاضي القضاة همام الدين الحنفي

- ‌العلامة قوام الدين الإتقاني الحنفي، شارح الهداية

- ‌باب الألف والنون

- ‌نائب بهنسى

- ‌والد الملك الظاهر برقوق

- ‌الملك المنصور

- ‌ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون

- ‌باب الألف والواو

- ‌أوتامش الأشرفي

- ‌أوران بن عبد الله

- ‌أوران البكتمري

- ‌ت. نيف وثلاثين وسبعمائة

- ‌صاحب سيس

- ‌أولاجا بن عبد الله

- ‌صاحب تبريز وبغداد

- ‌باب الألف والياء آخر الحروف

- ‌أياجي الحاجب

- ‌أياز، نائب حلب

- ‌الصالحي النجمي المقرى

- ‌الحراني

- ‌الجرجاوي، نائب طرابلس

- ‌الجلالي الحاجب

- ‌أيان الناصري

- ‌الملك المعز

- ‌الدوادار الملك المجاهد

- ‌النجمي الصالحي الحلبي

- ‌الصالحي الأفرم الكبير

- ‌الحموي، نائب دمشق

- ‌الموصلي، نائب طرابلس

- ‌الظاهري، نائب حمص

- ‌الأسكندراني الصالحي

- ‌الدمياطي

- ‌الموصلي، نائب حصن الأكراد

- ‌الزراد

- ‌المحيوي

- ‌الناصري، نائب دمشق

- ‌المحمدي الناصري

- ‌الخضري الظاهري

- ‌المؤيدي، أستادار الصحبة

- ‌البجاسي الأتابكي

- ‌ملك التتار

- ‌الشهابي، نائب حلب

- ‌العمادي الصالحي، أمير جندار

- ‌الصالحي الخازندار

- ‌البندقداري، أستاذ الملك الظاهر بيبرس

- ‌العمري، الحاجب

- ‌العزيزي

- ‌الركني

- ‌الكبكي

- ‌الطباخي

- ‌العلائي

- ‌الحلي الحلبي النجمي

- ‌الخطائي

- ‌المحيوي

- ‌الشيخي

- ‌الشمسي

- ‌الدوادار

- ‌السناني

- ‌الخطيري

- ‌الزراق

- ‌الظاهري

- ‌الخازندار

- ‌أيرنجي

- ‌سم الموت

- ‌صاحب ماردين

- ‌حفيد المتقدم ذكره

- ‌اليوسفي الأتابك

- ‌الصصلاني

- ‌الجكمي

- ‌النوروزي

- ‌حطب

- ‌الأزعري

- ‌الساقي

- ‌أخو قشتم

- ‌الششماني

- ‌السلطان الملك الأشرف إينال

- ‌الأشرفي

- ‌الكمالي

- ‌اليشبكي

- ‌إينال باي بن قجماس

- ‌البدري

- ‌ابن النحاس الأسدي

- ‌الجرائدي

- ‌أيوب بن المظفر

- ‌ابن الفقاعي

- ‌الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل أبي المعالي محمد - رحمهما الله

- ‌أبو الشكر المقدسي

- ‌حرف الباء

- ‌باب الباء الموحدة

- ‌ثانية الحروف

- ‌رضي الدين المغلي

- ‌بادار

- ‌باك نائب قلعة حلب

- ‌باي سنقر بن شاه رخ

- ‌باب الباء الموحدة والتاء المثناة من فوق

- ‌بتخاص بن عبد الله

- ‌بتخاص نائب دمياط

- ‌باب الباء والجيم

- ‌بجاس النوروزي

- ‌باب الباء والدال

- ‌أبو الحسن الصوابي

- ‌ابن النفيس

- ‌باب الباء والراء المهملة

- ‌الشيخ براق

- ‌بردبك الخليلي

- ‌أمير آخور

- ‌الظاهري

- ‌قصقا

- ‌العجمي

- ‌الملك الأشرف

- ‌جلوس الأشرف برسباي على تخت الملك

- ‌الحاجب

- ‌برسباي الساقي

- ‌البجاسي

- ‌الدوادار

- ‌الحاجب

- ‌الملك الظاهر برقوق

- ‌ذكر جلوس الظاهر برقوق على تخت الملك

- ‌ذكر عود الملك الصالح حاجي

- ‌ذكر سلطنة الظاهر برقوق ثانياً

- ‌فكتب جوابه بعد البسملة

- ‌ذكر نوابه بمصر والبلاد الشامية

- ‌أمير مكة المشرفة

- ‌الشريف المعتقد

- ‌ملك القبجاق

- ‌رفيق برقوق

- ‌أم الأشرف شعبان بن حسين

- ‌برلغي الأشرفي

- ‌باب الباء الموحدة والزاي

- ‌نائب الشام

- ‌بزلار الخليلي

- ‌الناصري

- ‌باب الباء الموحدة والشين المعجمة

- ‌بشارة الكاتب

- ‌بشباي من باكي

- ‌العمري

- ‌الكريمي

- ‌باب الباء الموحدة والطاء المهملة

- ‌بطا الطولوتمري

- ‌باب الباء الموحدة والغين المعجمة

- ‌بنت جوبان

- ‌باب الباء الموحدة والكاف

- ‌بكا الخضري

- ‌بكتاش الفقيه

- ‌بكتاش الفخري

- ‌بكتاش الأستادار

- ‌الحاجب

- ‌الساقي

- ‌المؤمني

- ‌بكتمر الجوكندار

- ‌السلاح دار

- ‌الركني

- ‌شلق

- ‌السعدي

- ‌العزيزي

- ‌الأفرعي

- ‌‌‌العلائي

- ‌العلائي

- ‌المحمدي

- ‌الخوارزمي

- ‌أمير شكار

- ‌باب الباء واللام

- ‌الزيني

- ‌النوفلي

- ‌الزرد كاش

- ‌الساقي

- ‌الرومي

- ‌الجوكندار

- ‌طرنا

- ‌الطباخي

- ‌شيخ كرك نوح

- ‌باب الباء والهاء

- ‌ابن بيجار

- ‌الخوارزمي

- ‌صاحب سميساط

- ‌آص

- ‌المعزي

- ‌التمرتاشي

- ‌المشرف

- ‌سمز

- ‌حلاوة الأوجاقي

- ‌المنجكي

- ‌الشهابي

- ‌الحاج بهادر

- ‌قاضي القضاة تاج الدين الديري المالكي

- ‌باب الباء الموحدة والواو

- ‌الفرنسيس

- ‌القان ملك التتار

- ‌الحبيس

- ‌باب الباء الموحدة والياء المثناة من تحت

- ‌الملك الظاهر بيبرس البندقداري

- ‌الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير

- ‌الجالق

- ‌الحاجب

- ‌العديمي

- ‌الخطائي الدوادار

- ‌السلاري

- ‌الأحمدي

- ‌الموفقي

- ‌الأتابكي

- ‌بيبرس المليح

- ‌التمان تمري

- ‌المؤيدي

- ‌الأشرفي

- ‌أرس

- ‌المظفري الأتابك

- ‌البهادري

- ‌المنصوري

- ‌مقدم التتار

- ‌البدري

- ‌الحاج بيدمر

- ‌الخوارزمي

- ‌الظاهري

- ‌بيدو بن طرغاي

- ‌الشمسي

- ‌أمير الحاج

- ‌ الظاهري

- ‌اليشبكي

- ‌الأعرج

- ‌المسعودي

- ‌أبو شامة

- ‌الصالحي

- ‌الخازندار

- ‌الأيدمري

- ‌الفرنجي صاحب طرابلس

الفصل: يوم الثلاثاء ثامن المحرم سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ودفن من

يوم الثلاثاء ثامن المحرم سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ودفن من الغد، وحضر السلطان الملك الظاهر جقمق الصلاة عليه بمصلاة بكتمر المؤمني، ودفن بسفح المقطم، وسنه نيف على الخمسين، وكان مهملاً، مسرفاً على نفسه، ربعة، أشقر، خفيف اللحية، سامحه الله تعالى.

‌البجاسي الأتابكي

أيتمش بن عبد الله الأسندمري البجاسي الجرجاوي، الأمير سيف الدين أتابك العساكر بالديار المصرية، وعظيم الدولة الظاهرية.

أصله من مماليك أسندمر البجاسي الجرجاوي، وترقى بعد موت أستاذه أسندمر المذكور، إلى أن صار من جملة الأمراء بديار مصر بسفارة الأتابكي برقوق العثماني اليلبغاوي.

ص: 143

ولما تسلطن الملك الظاهر برقوق قربه وأدناه، وجعله أمير مائة ومقدم ألف، ورأس نوبة النوب، ثم بلغ الملك الظاهر برقوق أن أيتمش هذا إلى الآن في رق ورثة الأمير جرجي نائب حلب، فطلب السلطان ورثة جرجي المذكور في يوم السبت ثامن شهر ذي القعدة سنة خمس وثمانين وسبعمائة، وجمع القضاة والأعيان واشترى الأمير أيتمش المذكور من ورثة جرجي؛ بحكم أن جرجي مات ولم يعتق أسندمر أستاذ أيتمش، بل كان في رقه؛ فأخذه الأمير بجاس من ورثة جرجي، بغير طريق شرعي وأعتقه، وصار أسندمر بعد موت أستاذه بجاس أميراً، وفي زعمه أن أستاذه بجاس اشتراه من ورثة جرجي وأعتقه؛ فاشترى أسندمر المذكور أيتمش - صاحب الترجمة - وأعتقه، فحكمت القضاة بأن أسندمر البجاسي كان في رق جرجي إلى أن مات، وعتق بجاس له في غير محل، وأن أيتمش أيضاً في رق ورثة جرجي المذكور.

وأثبت ذلك القضاة، واشتراه السلطان من ورثة جرجي بمائة ألف درهم، وأعتقه في الحال، وأنعم عليه بأربعمائة ألف درهم، وبناحية سفط رشيد، زيادة

ص: 144

على ما بيده، ثم خلع على القضاة والموقعين الذين سجلوا البيع والعتق، وانصرفوا، فلم يكن بعد أيام إلا وخلع الملك الظاهر على أيتمش المذكور واستقر به أتابك العساكر بالديار المصرية. وزادت حرمته في الدولة الظاهرية، واستمر على ذلك، إلى أن عصى الأمير يلبغا الناصري نائب حلب على الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى وتسعين، ووافقه منطاش نائب ملطية، وشاع الخبر بذلك وفشا، جهز لهما الملك الظاهر برقوق عسكراً - خمس مائة مملوك من المماليك السلطانية الظاهرية وغيرهم - ومقدمهم الأمير أيتمش صاحب الترجمة، وصحبه عدة من أمراء الألوف بديار مصر، وهم: الأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس، والأمير جاركس الخليلي أمير آخور، والأمير أيدكار حاجب الحجاب، والأمير يونس النوروزي الدوادار، وتوجهوا الجميع لقتال الناصري ومنطاش.

وهذه الوقعة تعرف بوقعة الخمسمائة. فلما بلغ الناصري ذلك خرج من دمشق بمن معه نحو الديار المصرية، والتقوا مع العسكر السلطاني خارج دمشق، وكانت بين الفريقين وقعة عظيمة انتصر فيها الناصري على الأمير أيتمش هذا، وقبض عليه، وقتل الأمير جاركسي الخليلي في المعركة، وفر أحمد بن يلبغا وأيدكار

ص: 145

الحاجب إلى الناصري وصارا من حزبه، ثم قتل يونس في عوده إلى القاهرة في خربة اللصوص، قتله عنقاء بن شطي، لما في نفسه منه، وحبس أيتمش ببرج قلعة دمشق مدة، إلى أن خلع الملك الظاهر من السلطنة، وحبس بالكرك، ثم خرج وملك الديار المصرية ثانياً. كل ذلك وأيتمش في حبس قلعة دمشق؛ لأن دمشق دامت مع أعوان منطاش مدة أيام، بعد سلطنة برقوق الثانية، إلى أن أفرج عنه وعاد إلى الديار المصرية في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وخلع الملك الظاهر عليه باستقراره رأس نوبة الأمراء - وهذه الوظيفة مفقودة في عصرنا هذا - وعاد إلى حرمته وخصوصيته عند الملك الظاهر برقوق، ثم زادت عظمته في أواخر دولته، وأعيد بعد الأتابك كمشبغا الحموي إلى أتابكية العساكر بالديار المصرية على عادته أولاً في سنة ثمانمائة؛ بحكم القبض على الأتابك كمشبغا الحموي وحبسه بالإسكندرية.

ولم يزل أيتمش على ذلك، إلى أن توفى الملك الظاهر برقوق بعد أن أوصاه: بأن يكون هو مدبر مملكة ولده الملك الناصر فرج. فلما وقع ذلك بعد موت برقوق، وسكن الأتابك أيتمش بالحدرة من باب السلسلة بالإسطبل السلطاني،

ص: 146

وصار هو المتحدث في المملكة، والمشار إليه في الدولة، عظم ذلك على الأمراء الأصاغر من مماليك برقوق وافترقت الأمراء، فصارت فرقة مع الأتابك أيتمش هذا، وهم أعيان أمراء الظاهر برقوق وخواص مماليكه، وفرقة بالقلعة عند السلطان، وهم أصاغر أمراء برقوق من مماليكه. فالذين كانوا مع الأتابك أيتمش: والدي أمير سلاح، والأمير أرغون شاه أمير مجلس، والأمير أحمد بن يلبغا الخاصكي أحد أكابر مقدمي الألوف بالقاهرة، والأمير فارس حاجب الحجاب، والأمير يعقوب شاه أحد مقدمي الألوف، وعدة أخر من مقدمي الألوف والطبلخاناه والعشرات، والذين كانوا بقلعة الجبل عند السلطان كالأمير بيبرس الدوادار - وليس له من الأمر شيء - والأمير يشبك الشعباني الخازندار - وهو يومئذ صاحب الحل والعقد - والأمير سودون قريب الملك الظاهر برقوق، وغيرهم من العشرات والطبلخاناه. وكثر الكلام بين الطائفتين إلى أن علموا الأمراء الذين بقلعة الجبل الملك الناصر فرج أن يقول لأيتمش: أنا قد بلغت، وأريد أترشد.

فلما سمع أيتمش هذا الكلام من السلطان، أجاب بالسمع والطاعة؛ فألزموه الأمراء في الحال بأن ينزل من باب السلسة ويسكن في داره على عادته في أيام

ص: 147

الملك الظاهر برقوق، ونزل من باب الدرج إلى داره بباب الوزير بعد أن نهاه والدي عن النزول من باب السلسلة في ذلك اليوم، وقال له: تربص إلى غد حتى ننظر في أمر نفعله مع هؤلاء الأجلاب. فلم يسمع أيتمش من والدي الكلام، ونزل إلى داره، ونقل قماشه من باب السلسلة، ثم بدا له أن يركب بمن معه من الأمراء على الأمراء الذين بقلعة الجبل عند السلطان، فركب من ليلته - وهي ليلة الاثنين عاشر صفر سنة اثنتين وثمانمائة - واشتد القتال بين الفريقين من عشاء ليلة الاثنين إلى الضحى من يوم الاثنين المذكور، وانهزم أيتمش بمن معه إلى قبة النصر، خارج القاهرة.

ولما أن ركب أيتمش، صف عسكره ثلاثة أطلاب: طلب معه - تجاه الطبلخاناه السلطانية من جهة داره بالقرب من باب الوزير - وطلب مع والدي

ص: 148

- ووقف برأس سويقة منعم تجاه القلعة - وطلب مع فارس الحاجب - تحت مدرسة السلطان حسن تجاه باب السلسلة - ثم انهزم أيتمش بعد قتال شديد، ثم انهزم والدي بعده بوقت، ودام فارس الحاجب في موقفه - بعد أن أباد القلعيين شراً إلى قريب العصر - وانهزم أيضاً، واجتمعوا كلهم بقبة النصر، وأاقموا يومهم بتمامه.

واتفق رأيهم على التوجه إلى دمشق والانضمام على نائبها الأمير تنم الحسني، وساروا وهم زيادة على ألف فارس، ولحقوا بالأمير تنم؛ فخرج تنم المذكور إلى ظاهر دمشق وتلقاهم بالرحب والإكرام، وقام بنصرتهم، وأخذ في تجهيز عساكره، واستمال جماعة من النواب بالبلاد الشامية، فأذعنوا له إلا الأمير دمرداش المحمدي نائب حماة، فكتب إليه والدي بالحضور؛ فأذعن وحضر، وبقي الجميع عسكراً واحداً، وخرجوا من دمشق إلى جهة الديار المصرية.

وخرج السلطان الملك الناصر فرج بمن معه من الأمراء، والتقى الفريقان بظاهر غزة، فكانت الكسرة على الأمير تنم وحواشية، وقبض عليهم الجميع، وعلى الأمير أيتمش - صاحب الترجمة - وحبس بقلعة دمشق، ثم قتل بعد أيام مع من قتل من الأمراء بقلعة دمشق ذبحا ف ليلة رابع عشر شعبان سنة اثنتين وثمانمائة، وسنه نيف على الستين. وكان أميراً كبيراً، مهاباً، حشماً ووقوراً، ذا خبرة، وسياسة، وعقل، وتدبير، ومعرفة، وعظمة. بلغ في دولة

ص: 149

الظاهر برقوق من وفور الحرمة ونفوذ الكلمة ما لم ينله غيره من أبناء جنسه. وطالت أيامه في السعادة وكثرت مماليكه، حتى بلغت عدة من في خدمته من المماليك قريباً من الألف، وكان رأس نوبته أمير عشرة، وسلك في أتابكيته طريق السلف من أكابر الأمراء في نوع الأسمطة الهائلة، والحشم، والخدم، والإنعام على الناس، والعيشة الطيبة، هذا مع قلة الظلم والطمع ومع الميل إلى فضل الخير، والكرم.

وكان ذا شيبة نيرة، كمث اللحية، مدور الوجه، أقنى الأنف، أحمر اللون، جميلاً، للقصر أقرب. وكان في الغالب لا يلبس على رأسه إلا قبعاً سلطانياً أبيض صيفاً وشتاءً، ولا يلف على رأسه تخفيفة إلا نادراً جداً. وكان حسن الخلق، حلو المحاضرة سليم الباطن، قليل الشر، وهو آخر عظماء الأمراء بالديار المصرية إلى يومنا هذا.

ولما صار والدي أتابك العساكر بالديار المصرية في الدولة الناصرية فرج، كلمه بعض الناس في أن يسير على طريقة أيتمش المذكور، فقال والدي: هيهات ما نحن من خيل هذا الميدان. وكان سماط والدي ورواتبه في اليوم من اللحم ألف رطل، وبخدمته أربعمائة مملوك. انتهى.

ص: 150