الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان اختص بقاضي القضاة تقي الدين السبكي كثيراً، وكان ألجاي المذكور يعظم وظيفته ويتبجح بها. وكان مشهوراً بالخير والدين، وعمر له داراً بالشارع غرم على بوابتها مائة ألف درهم، فلم تستكمل الدار حتى مرض، ونزل إليها من القلعة وهو مريض، فأقام بها إلى أن توفى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة.
وولى الدوادارية بعده الأمير صلاح الدين يوسف الدوادار. رحمه الله تعالى.
اليوسفي، صاحب الوقعة
ألجاي بن عبد الله اليوسفي الناصري، الأمير سيف الدين.
كان ممن أنشأه الملك الناصر حسن، وجعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار
المصرية، ثم صار بعد موت السلطان حسن أمير جاندار، واستمر على ذلك إلى أن قتل يلبغا العمري الخاصكي، وعصى أسندمر على الملك الأشرف شعبان بن حسين - حسبما ذكرناه في ترجمة أسندمر - فلما كانت الوقعة انضم ألجاي المذكور إلى الأشرف، وانتصر أسندمر على الأشرف، وأمسك ألجاي هذا ورفقته وحبسهم بحبس الإسكندرية إلى أن صفا الوقت للأشرف وقبض على أسندمر أطلق ألجاي هذا ورفقته وجعله أمير مائة ومقدم ألف على عادته، وولاه حجوبية الحجاب بالقاهرة، ثم نقله إلى أن جعله أمير جاندار على عادته أولاً، ثم ولاه إمرة سلاح، ثم تزوج بخوند بركة أم السلطان الملك
الأشرف، واستمر على ذلك إلى أن مات الأمير منكاي بغا الشمسي - زوج أخت السلطان - فاستقر ألجاي من بعده أتابك العساكر بالديار المصرية، وعظمت حرمته في الدولة بزواجه أم السلطان ثم توليته الأتابكية. ولا زال على ذلك حتى توفيت أم السلطان في آخر سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ووقع بينه وبين الملك الأشرف كلام من أجل التركة أوجب خروج ألجاي عن الطاعة. فلما كن يوم الثلاثاء سادس المحرم من سنة خمس وسبعين وسبعمائة، لبس ألجاي هذا ومعه جماعة من الأمراء، وركب السلطان ومعه الأمراء والخاصكية، وباتوا تلك الليلة لابسين السلاح إلى الصباح. فلما كان نهار الأربعاء سابع المحرم كانت الوقعة بين ألجاي وبين المماليك السلطانية الأشرفية، فتواقعوا إحدى عشرة مرة، ثم انكسر ألجاي وهرب إلى بركة الحبش.
كل ذلك والسلطان لا يتحرك من مقعده، ثم عاد ألجاي من بركة الحبش بمن معه من الجبل الأحمر إلى قبة النصر، وطلبه السلطان فأبى؛ فأرسل له خلعة بنيابة حماة، فقال: أنا أروح بشرط أن يكون كل ما أملكه وجميع مماليكي معي، فأبى
السلطان ذلك، وباتوا تلك الليلة، فهرب جماعة من مماليكه في الليل إلى السلطان الملك الأشرف.
فلما كان صباح يوم الخميس ثامن المحرم أرسل السلطان الأمراء الخاصكية ومماليك أولاده وبعض المماليك السلطانية إلى قبة النصر. فلما رآهم ألجاي هرب، فساقوا خلفه إلى الخرقانية بشاطئ النيل - ظاهر قليوب - فرمى ألجاي بنفسه في البحر فغرق، فبلغ الملك الأشرف موته فصعب عليه، ثم أخذ السلطان أولاد ألجاي - وأظنهم إخوته لأمه - عنده ورتب لهم ما يكفيهم، ثم رسم بإخراج ألجاي من النيل، فنزل الغواصون وطلعوا به وأحضروه إلى القاهرة في يوم الجمعة تاسع المحرم في تابوت وتحته لباد أحمر، فغسل وكفن وصلى عليه الشيخ جلال الدين التباني، ودفن بقبته التي عمرها بمدرسته ظاهر القاهرة - على رأس سويقة العزى - وكان أميراً جليلاً شجاعاً، كريماً ديناً، يميل إلى الخير والصدقات.