الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحس منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً "، وقد أنصفناكم إذ راسلناكم، فلا تقتلوا المرسلين كما فعلتم بالأولين، فتخالفوا كعادتكم سنن الماضين، وتعصوا رب العالمين. فما على الرسول إلا البلاغ المبين، وقد أوضحنا لكم الكلام فأسرعوا برد الجواب والسلام.
؟
فكتب جوابه بعد البسملة
" قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير " قد حصل الوقوف على ألفاظكم الكفرية ونزغاتكم الشيطانية وكتابكم يخبرنا عن الحضرة الخانية وسيرة الكفرة الملاكية،
وأنكم مخلقون من سخط الله ومسلطون على من حل عليه غضب الله، وأنكم لا ترقون لشاك، ولا ترحمون عبرة باك، وقد نزع الله الرحمة من قلوبكم، فذلك أكبر عيوبكم، وهذه من صفة الشياطين، لا من صفات السلاطين، وتكفيكم هذه الشهادة الكافية، وبما وصفتم بعه أنفسكم ناهية " قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابدٌ ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين "، ففي كل كتاب لعنتم، وعلى لسان كل مرسل نعتم، وبكل قبيح وصفتم، وعندنا خبركم من حين خرجتم، أنكم كفرة، ألا لعنة الله على الكافرين، من تمسك بالأصول فلا يبالي بالفروع، نحن المؤمنون حقاً، لا يدخل علينا عيب، ولا يضرنا ريب، القرآن علينا نزل، وهو سبحانه رحيم لم يزل، فتحققنا نزوله، وعلمنا ببركته تأويله، فالنار لكم خلقت، ولجلودكم أضرمت. " إذا السماء انفطرت " ومن
أعجب العجب تهديد الرتوت بالتوت، والسباع بالضباع والكماة بالكراع، نحن خيولنا برقية، وسهامنا عربية، وسيوفنا يمانية، وليوثنا مصرية، وأكفنا شديدة المضارب، وصفتنا مذكورة في المشارق والمغارب، إن قتلناكم فنعم البضاعة، وإن قتل منا أحد فبينه وبين الجنة ساعة " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين " وأما قولكم: قلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالقصاب لا يبالي بكثرة الغنم، وكثير الحطب يفنيه قليل الضرم وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين، الفرار الفرار من الزوايا، وطول البلايا، واعلموا أن هجوم المنية، عندنا غاية الأمنية، إن عشنا عشنا سعداء، وإن قتلنا قتلنا شهداء، إلا إن حزب الله هم الغالبون، أبعد أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين،
تطلبون منا طاعة، لا سمع لكم ولا طاعة، وطلبتم أن نوضح لكم أمرنا، قبل أن ينكشف الغطاء، ففي نظمة تركيك، وفي سلكه تلبيك، لو كشف الغطاء لبان القصد بعد بيان، أكفر بعد أيمان، أم اتخذتم إله ثان وطلبتم من معلوم رأيكم، أن نتبع ربكم، " لقد جئتم شيئاً إداً. تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً " قل لكاتبك الذي وضع رسالته، ووصف مقالته؛ وصل كتابك كضرب رباب، أو كطنين ذباب كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مداً، " ونرثه ما يقول "، إن شاء الله تعالى. لقد لبكتم فيما أرسلتم والسلام.
ثم تجرد الملك الظاهر برقوق في السنة المذكورة إلى البلاد الشامية ومعه
السلطان أحمد بن اويس بتجمل زائد وأبهة عظيمة، قاصداً قتال تيمورلنك فكر تيمور راجعاً إلى بلاده بعد أن وصل إلى ديار بكر، فأقام الظاهر بالبلاد الحلبية مدة يتأوه؛ لعدم قتال تيمور، وصار لا يمكنه العدو خلفه.
وأشار عليه أمراؤه وأعيان دولته بالرجوع إلى الديار المصرية؛ فرجع بعد أن سفر السلطان أحمد ابن إدريس إلى محل ملكه، وأنعم عليه بأشياء ذكرناها في ترجمة السلطان أحمد المذكور.
وفي عوده إلى الديار المصرية أمر بعمارة جسر الشريعة بالغور، فعمر وأحكم بناؤه.
وفي هذا المعنى يقول الأديب شمس الدين محمد المزين وقد أجاد:
بنى سلطاننا للناس جسراً
…
بأمر والوجود له مطيعة
مجازاً في الحقيقة للبرايا
…
وأمراً بالسلوك على الشريعة
ثم وصل إلى الديار المصرية. ودام في الملك إلى أن توفى بقلعة الجبل بعد نصف ليلة الجمعة خامس عشر شوال سنة إحدى وثمانمائة، وقد جاوز الستين بعد
أن مرض أياماً - رحمه الله تعالى - فكانت مدة تحكمه بالديار المصرية - منذ صار أتابكاً عوضاً عن الأمير طشتمر الدوادار إلى أن آلت السلطنة إليه - أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام - وقد تقدم ذلك قريباً -.
ومنذ تسلطن إلى أن مات ستة عشر وأربعة أشهر وسبعة وعشرون يوماً خلع منها بالملك المنصور حاجي بيد الناصري ثمانية أشهر وستة عشر يوماً - وقد ذكرنا ذلك عند خلعه بالمنصور مفصلاً -.
وخلف الملك الظاهر برقوق من الأولاد ثلاثة ذكور وثلاث بنات؛ فالذكور: الملك الناصر فرج - تسلطن من بعده بعهد منه إليه - والملك المنصور عبد العزيز، وإبراهيم. والبنات: خوند سارة - زوجة الأمير نوروز الحافظي - وخوند بيرم - زوجة الأمير إينال باي بن قجماس - وخوند زينب - زوجة المؤيد شيخ، ثم الأتابك قجق -.